أعمدة

علي كل

أسوا ما حدث خلال الاونة الاخيرة من حكم السودان ، تجاوز معايير الكفاءة والاهلية في ملء وشغل الوظائف العامة ، مثلت المرحلة عنوانا عريضا لمقولة (كل يحتل غير مكانه)، وطغت العلاقات الشخصية وحكايات ( زولي وزولك) و( زولتي وزولتك) في الاختيار للمناصب والتقرب الي مواقع القيادة ونيل امتيازات الحظوة السياسية.
في حقبة الشراكة الفوضوية بين المدنيين والعسكريين تسيدت المشهد ( الطفابيع) وتكاثف وجود من يسميهم الراحل الطيب مصطفي- طيب الله ثراه- ب(الرويبضات)، مفرد رويبضة ( التافه يفتي في امر العامة).
في كل مجال صعدت اسماء غير مؤهلة وتربعت علي صدارة المشهد، توارت الكفاءات واستولى عديمو الاهلية المهنية والاخلاقية علي كثير من مفاصل الدولة حتي اصبحت مثلما يقولون ( جنينة وغفيرا نايم).
وبسبب( المزاج) والاستلطاف والعلاقات لدى بعض القائمين علي الامر صعدت الاسماء من ( قاع المدينة) الي صدارة المشهد والنماذج كثيرة، ووسدت كثير من الامور الي ( غير اهلها) وجلس علي مواقع المسؤولية عديمو المواهب وفقيرو التجارب المهنية، وتنفذ العاطلون واستولي المغمورون والمغمورات علي المشهد فضاع الاداء وهبطت صورة الدولة وظل المردود صفريا في كثير من مناحي الحياة ومفاصلها الحساسة.
سادت المحسوبية وتفشي الظلم وعم الفساد وانحطت المعايير والمعاملات وتوقف دولاب الدولة ، حتي اسرار الحكومة باتت في ( السهلة) بسبب هوان بعض المسؤولين، فتراجعت هيبتها وصارت التسجيلات المسربة تؤكد في كل يوم ما ذهبنا اليه من تدهور قيمة السلطة وهوان قياداتها وشيوع اسرارها، وتبديد مواردها التي صنعت من بعض عاطلي المواهب وفقيري الاخلاق والتجارب اصحاب ( بزنس) و ارصدة واموال ومؤسسات وشركات .
واليوم وبعد قرارات الفريق اول البرهان ودخول البلاد مرحلة جديدة، مازالت احلام البعض منصبة في ترويض العلاقات الخاصة وتحويلها الي مكاسب ووظائف ومواقع يسعون اليها عبر التسلل من (البوابات الخلفية)، نسمع كثيرا من الترشيحات المضحكة لاسماء انتجها التكاثر في برك قاع المدينة، ودفعت بها المحسوبية الي صدارة المشهد المصنوع وجعلتها تطمع اكثر في تحقيق اجنداتها ورغباتها الخاصة علي حساب المصلحة العامة.
من اهم الملاحظات في حقبة الانقاذ وجود هيبة للحكومة وقداسة للوظائف غير قابلة لازهاقها بالمزاج والاستلطاف، لم يكن للعلاقات الشخصية اي تاثير علي ديوان الدولة، ودولابها ، كل شئ كان بعيدا عن المساس بهيبة السلطة، الاوراق لا تختلط ، الحابل في مكانه، والنابل هناك، و(انا ما بفسر وانت ما تقصر ) كما يقول استاذنا الدكتور عبداللطيف البوني.
نصحنا من قبل الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء بعدم ترك الوظائف والتعيينات للمحاصصات وعلاقات الناشطين، قناعتي الخاصة التي سجلتها مرارا تقول ان ضعف الاداء التنفيذي مرده للمجاملات التي سيطرت علي طريقة الاختيارات للوظيفة العامة خلال الحقبة الماضية من الحكم.
خلال الايام الماضية قال مصدر موثوق؛ إن هنالك إتجاه لاعفاء وكلاء الوزارات الذين كلفهم رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك من مناصبهم، وأوضح المصدر الذي فضل حجب إسمه لـ(سودان لايت) أن هنالك اتفاق على تعيين أي شخص خصوصا التنفيذيين وفقا للتراتيبية والكفاءة وتابع “أي زول تم تعينه نتيجة انتماء سياسي لن يستمر في موقعه”.
مجالس السياسة تتحدث عن اجراءات فحص امني كذلك للتعيينات، واخضاعها لمعايير مطلوبة في التعامل مع الوظيفة العامة خلال المرحلة المقبلة، لابد من معايير معتمدة ومتفق عليها لحفظ قداسة الوظيفة العامة، والانحياز لكل ما من شانه جعل قياداتنا عصية علي الاختراق والاستمالة في التعامل مع هيبة الدولة واسرارها ووظائفها .
علي قيادة الدولة الاستفادة من تجارب المرحلة الماضية واكساب الوظائف والسلطة قيمتها المعيارية المطلوبة ، والسعي لتعقيمها من امراض البشر، وانهاء حالات التسلل المتكررة لاسماء عديدة صنعتها المرحلة بلا امكانيات او مواهب او تجارب اعتمادا علي المحاصصات والمزاج والاستلطاف والعلاقات الشخصية.
ولتكن الكفاءة والاهلية المسنودة علي التجارب والمواهب هي الاساس في الاختيار للوظيفة العامة او تقريب الناس لمواقع اتخاذ القرار، وليعلم القائمون علي الامر ان مجالس المدينة تحتفظ بقصص مخجلة ومؤسفة لاسماء تسللت لمواقع القيادة والقرار خلال الحقبة الماضية من باب المجاملات والعلاقات بينما رصيدها من حيث الاهلية والمهنية والتجارب (زيرو كبير)..

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى