أعمدة

رقية ابوشوك تكتب في (مجرد سؤال؟).. ورحل صاحب الدكان الكبير

اذكر ونحن في منطقتنا بكورتي بالولاية الشمالية في وقت لم يكن هنالك انتشارآ كبيرآ للتلفزيون في ظل انعدام الكهرباء .. كان الجميع يميلون للاستماع للراديو و”هنا امدرمان” .. كانت كل الاسر تقتني مذياعآ كبيرآ يعرفون خلاله الاخبار التي تدور بالبلاد ويستمعون لبرنامج ربوع السودان(من امدر ياربوع سودانا نحيك وانت كل آمالنا) حيث اهداءات الاغاني لمن تريد من الاهل والاحباب .. بالاضافة الي الاستماع لنشرة الساعة الثامنة مساءآ والتي كانت تخصص اكثر من عشرة دقائق للوفيات حيث لا تلفون ولا موبايل.. فمعرفة الوفيات كانت عن طريق نشرات الثامنة مساءآ والعاشرة صباحآ والسادسة والنصف بتوقيت السودان
حينها لم تنتشر اذاعات ال FM المنتشرة الآن.. كانت فقط هنا امدرمان وبالاضافة الي اذاعة وادي النيل حيث كان مؤشر الراديو يجوب كل اذاعات العالم
وبين هذا وذاك كان الجميع يبحثون عن ماهو مفيد من برامج يغذون به افكارهم وينهلون من فيضه فكان برنامج “دكان ود البصير” الذي يقدمه الاذاعي الدكتور “عبدالمطلب الفحل” هو الملاذ لمعظم الناس .. كان برنامجآ ثقافيآ وسياسبآ واقتصاديآ واجتماعيآ ..كان خليط بين كل هذه النماذج التي تشكل وجدان الشعب السوداني .. يعطيك المعلومة في قالب مبسط وبلغة سهلة الهضم بالاضافة الي كونه درامي يخرجك من الرتابة والملل لعالم ملئ بالمعلومات الثرة المتنوعة من خلال ذخيرة رواد الدكان ك”ود الضبهان” وغيره
اقول هذا والعبرة تكاد تخنقي برحيل استاذنا الباحث التوثيقي الملم بتنوع الثقافة السودانية الدكتور “عبدالمطلب الفحل” الذي غادرنا قبيل ايام الي دنيا اخري بعد ان ترك ارثآ يتدارسه الطلاب جيل بعد جيل ويتعلم منه الكبار قبل الصغار وهو صاحب “على الخط” ذلك البرنامج التشجيعي الذي يملك المعلومة ويشجعك وهو يمنحك جائزة وانت تفلح في الاجابة الصحيحة بالاضافة الي برنامج الهجرة الي الله لتبحر في بحور اخري من الفقة والثقافة الدينية كيف لا وهو ابن الزومة المعروفة بثقافتها الدينية والتي قال عنها شاعر الشمال وهو يبحر بنا عبر باخرة “الزهرة” ويعدد مناطق الشايقية في مشهد يحكي الجمال وعند دخول الباخرة “الزهرة” للزومة قال الشاعر الزومة منارة الفقرة مما يدل بان الزومة هي منطقة علم وثقافة دينية:
زولي الشالتو الزهرة
وجروح قلبي الابت تبرأ
تومتي الخاشي وابوره
والزومة منارة الفقرة
كنت من الذين يعشقون طريقة سرده للقصص والحكاوي فهو علم يجوب بين الناس وقد رافقته في عدد من سفريات العمل وكان كما عرفته عبر برامجه متواضعآ ملمآ وذخيرة من المعلومات
رحل وترك وراءه علم ينتفع به
ستفتقده الساحة العلمية ويفتقده طلابه وسيظل في ذاكرة الامة السودانية وسنظل نتذكر حبه للعلم كان مرجعية لطلاب العلم واهل الثقافة والادب والاعلام
اللهم ارحمه واغفر له وارحمه بقدر ماعمل وقدم من علوم انتفع بها الجميع حيث كان حتي أخر دقيقة في حياته هو معلم للاجيال والطلاب متحركآ بين جامعاتها
ولكننا مانقول الا مايرضي الله (انا لله وانا اليه راجعون)

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى