أعمدة

بابكر يحي يكتب في (صفوة القول).. من يتحمل مسؤولية ما نحن فيه الآن..؟!!

*بالطبع نحن في أسوأ وضع تمر به البلاد منذ تكوين الدولة السودانية بشكلها القديم أو الحديث – (دولة ليس فيها كبار، وليس فيها مركزيات، وليس فيها قائد بيده الحل والربط) ؛ دولة تقسم أمرها بين مجموعات تقسمت السلطة واختلفت حولها وهي الآن تتصارع عليها ..!!*

*فالبرهان وحميدتي يستقويان بجيوشهما ؛ أما حمدوك فيستخدم ( فولكر) و(المجتمع الدولي) ؛ فيما تستخدم الحرية والتغيير الشباب الطائشين تحت لافتة الدولة المدنية ؛ وتجرهم نحو الفوضى الخلاقة – دون أن تطرح برنامج وطني واضح ؛ أما الحركات المسلحة فهي الأخرى تنشط في صناعة مزيد من التأزيم ؛ فهي الآن تفتح معسكراتها لتجنيد القبائل رغم أنها وقعت على اتفاقية سلام نصت صراحة على دمج وتسريح القوات وليس أن تفتح معسكرات جديدة للتجنيد..!!*

*إذا نحن في وضع غاية في السوء ؛ ولا يمكن مقارنته بأي أوضاع مضت منذ العام ١٩٥٦ ؛ وعليه يصبح السؤال مشروعاً وهو (من يتحمل مسؤولية هذه الأوضاع السيئة ؟) من يتحمل الوزر الأكبر؟ هل هو (الشارع ؟ أم الأحزاب؟ أم العسكر؟ )..!!*

*أنا أحمل مسئولية سوء الأوضاع بصورة مباشرة للقوى السياسية التي كانت تحكم قبيل خطاب البرهان في ٢٥ أكتوبر وذلك لما يلي من أسباب :*

*أولا : لأنه مطلوب من الأحزاب أن تقدم رؤى استشرافية للمستقبل ؛ ومطلوب منها التقدير السياسي السليم وأن يكون لها قرني استشعار تتنبأ بها عن مستقبل الأوضاع؛ وتقيم كيف يسير بها واقع الحال ؛ وتسعى لتدارك ما يقود البلاد نحو الخطر ؛ أما الجيوش فليس من اختصاصها التقدير السياسي فهي تتدخل فقط في حال أن يكون هناك خطر وشيك الحدوث..!!*

*ثانياً : لقد رفضت هذه الأحزاب الرؤيا الأساسية التي قدمتها القوات المسلحة عبر متحدثها الفريق عمر زين العابدين في أول خطاب سياسي للقوات المسلحة بعد انقلاب ١١ أبريل ؛ واختارت أن تدخل في شراكة مع البرهان وحميدتي وبقية المجلس العسكري واستبعدت من المجلس العسكري كل من رأته لا يتوافق مع الثورة وكل من ظنت انه (كوز) ؛ واختارت من رأتهم وطنيون وثوريون وزكتهم للشباب وقالت إنهم حماة الثورة ووصفتهم بالشجعان..!!*

*ثالثاً : كان بإمكان أحزاب قوى الحرية والتغيير التي كانت حاكمة أن تحقن دماء السودانيين ؛ وتأتي على نفسها وذلك بتجنبها النقطة الصادمة بينها وبين العسكريين وتطرح مشروع وطني واضح المعالم وتتبنى رؤيا للحوار الشامل بدلا من محاولة انتصارها لذاتها واجتهادها في تصفية حساباتها الشخصية مع خصومها السياسيين ..!!*

*رابعاً : أجهضت هذه الأحزاب كل مبادرات حمدوك ووضعت أمامها العراقيل حتى لا تثمر؛ وبالفعل خرجت كل مبادرات حمدوك بلا ناتج ولا أثر وأصبحت هي والعدم سواء بسبب تمترس هذه القوى وانغلاقها على نفسها وضيق أفقها وتركيزها على الهياج الثوري دون اكتراث لتصور النهاية..!!*

*خامسا وأخيراً :اختارت هذه الأحزاب وواجهاتها أن ترفع شعارات صفرية مثل (لا حوار، لا شراكة، لا تصالح)، وهي بذلك تقف عند باب المستحيل تنتظر الفرج..!!*

صفوة القول

*رأيي أن تصور القوات المسلحة للحل هو ما قدمه عمر زين العابدين – وسيظل ذلك التصور هو المخرج طال الزمن أو قصر ؛ أما ما يقدم عليه البرهان وحميدتي الآن فهو بفعل التفويض الذي منحه لهم الإتفاق السياسي مع الحرية والتغيير ؛ ولا أعتقد أنهم يمثلون المؤسسة العسكرية الوطنية الراسخة فهي أكبر من الأشخاص ؛ وتاريخها يحكي عن ذلك ؛ فقد انقلبت على عبود ونميري والبشير ؛ أسأل الله الرحمة والمغفرة لمن سقطوا وأسال الله أن يحجب دماء السودانيين وأن يجمع شتات أمرهم؛ ولا شك أن الفجر قريب ، والله المستعان.*

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى