أعمدة

احمد عبدالوهاب يكتب في (فنجان الصباح) .. البرهان الكاسب الاول من ازمة اوكرانيا.. والحرية والتغيير تحصد الخسارة وسوء المصير

نذر حرب باردة تلوح في سماء اوربا.. ونذر مواجهات ساخنة يمكنها ان تصبح حربا كونية ثالثة.. حرب لا مصلحة لنا في من خسر فيها ومن انتصر.. و لو كان لدينا مخططين استراتيجيين فان هذه الحرب الباردة او الساخنة، يمكنها ان تكون بردا علي البرهان.. وسلاما علي السودان..
في هذه الاثناء تتطور الازمة في اوكرانيا وتصبح المنطقة على حافة الهاوية.. والقارةالعجوز(اوربا) التي ترتجف من الخوف من ويلات الحرب ومن توقف امدادات الغاز الروسي.. تقف عاجزة ازاء شهية واشنطون المفتوحة لحرب مع موسكو بالوكالة، فالجلد الاوربي ليس جلد امريكا في أية حال.. وعليه ان يتحمل أذى الشوك النووي الروسي..
فيما بدأ حلف جديد يحل محل المأسوف عليه حلف (فارصوفيا) الذي توزعته يد النوى والنوائب.. وصار جل أعضائه القدامى، اما اعضاء في الناتو او ضيوفا لديه، او يتامى شيوعيين في مأدبة الامبريالية. .. بدا هذا الحلف العملاق يتشكل بين روسيا والصين في مواجهة العدو التقليدي
بعد ان تفرقت الامبراطورية اليوغسلافية الى مجموعة دول مثل (صربيا وكرواتيا ومونتنيغرو والبوسنة وكوسوفا) .. وتم شطر تشيكوسلوفاكيا إلى شطرين.. وصارت اغلب جمهوريات الاتحاد السوفيتي العظيم غنيمة لحلف الناتو.. الذي هو امريكا.. والبقية من اعضائه مجرد كومبارس.. وهاهي اوكرانيا جوهرة التاج الروسي سابقا.. تقدم اوراق اعتمادها لحلف شمال الاطلنطي.. وتقلب لموسكو ظهر المجن.. اخبار لو سمع بها ستالين لمات مرة ثانية..
ان موسكو اليوم تدفع ثمن خيانة صناع البروسترويكا.. وموسكو اليوم مثل ارملة عاقر وسط، ضرات ولودات.. فزن بنصيب الاسد من الورثة.. وهي ترقب بفزع شديد الذئاب الغربية تقترب حثيثا من حديقتها الخلفية..
وليس ثمة ماهو اضنى علي الفؤاد من ادخال اصلة من نوع ( اناكوندا) إلى ملعب اطفالك.. واذا كانت افغانستان قبل ثلاثين عاما بحسب بريجنسكي، مستشار الامن لدى ادارة ريغان هي( البطن الرخو) للاتحاد السوفيتي.. فان اوكرانيا هي( فلذة الكبد) الروسية إلى اشعار اخر..
ولما استقبل القيصر الروسي( فلادمير بوتن) الوفد الياباني في الكرملين ب(وجه كلب) كما يقولون.. وقد استنبح الاضياف كلبه.. فان لسان حاله كان يقول لابناء الساموراي، الحليف الوثيق لواشنطون، والعدو القديم لروسيا..
(اشكروا الرب انني لم استقبلكم بالدب الروسي العديل).. ولكن الوفد الياباني يبدو انه تبلغ الرسالة كاملة. .
ان موسكو لم ولن تنسي هزيمتها من الامبراطورية اليابانية، في مطلع القرن العشرين والتي خلدها شاعر النيل حافظ ابراهيم في بائيته الشهيرة
لا تلمني اذا السيف نبا
صح من العزم والدهر أبى
وفي القصيدة حوار مع فتاة يابانية قال ان؛
لها صفرة تنسي اليهود الذهبا.
وكانت تودع القاهرة مبحرة لليابان، متطوعة مع شباب بلادها في حربها ضد روسيا القيصرية.
نقتل الدب ونفري جلده
أيظن الدب ألا يغلبا؟!
ان امريكا المهزومة عسكريا في افغانستان.. والمازومة اخلاقيا في وادي الرافدين.. في حاجة الي حرب صغيرة وخاطفة وبالوكالة.. تخوضها باسم الناتو وعلي التراب الاوكراني.. وداوني بالتي كانت هي الداء..
وفي حالة انتصارها. ستقطف النصر وحدها، كما في (عاصفة الصحراء)..
واذا هزمت كما في افغانستان فانه يتم توزيع الهزيمة على افراد الاتحاد الاوربي..
وفي هذه الاثناء يتصاعد التوتر بشكل ملحوظ.. وتفشل كافة الجهود الدبلوماسية.. او يتم افشالها امريكيا.. ويبقى الغزو الروسي لكييف مسألة وقت.. لان انضمام اوكرانيا للناتو عند موسكو هي مسألة موت او حياة روسية..
وفي حالة كهذه يحبس العالم انفاسه، وتزداد حدة المخاوف علي دخول الاقتصادات العالمية المريضة اصلا بفعل الكورونا، في ركود جديد، وما يصاحب ذلك من انهيار حاد في البورصات العالمية.. وازدياد معدلات البطالة، وارتفاع اسعار النفط، والمخاوف الاوربية من انقطاع امدادات الغاز الروسي الحيوي عن القارة العجوز.. القارة التي تموت حيتانها من البرد..
ولان مثل هذه الاوقات الصعبة، تثمر عادة فرصا ذهبية لآخرين – علي رأي المثل – بأن (مصائب قوم عند قوم فوائد) فإن السودان بالذات قد لاحت في أفقه فرصة لا تتكرر.. فرصة تخرج بها الخرطوم من نفق المحاور الاقليمية الصغيرة، إلى محور اكبر.. فمن (وجد البحر استقل السواقيا) .. ولنا في تجربة الفريق ابراهيم عبود(١٩٥٩ – ١٩٦٤م) سابقة تحتذى فقد خطبت وده الدولتان الاعظم، ومد يده بيضاء إلى كلا المعسكرين.. كان يتغدى في الكرملين في بلاط نيكيتا خروتشوف.. ويتعشى في البيت الأبيض عند جون كيندي..
ولازالت الفرص السوانح ماثلة..
ف(الكاش) عند بايدن
و(الكلاش) عند بوتن
وكلاهما يقللان النقاش..
ان الكاسب الأكبر من هذه الأزمة العالمية الخطيرة، هو الجنرال البرهان ومكونه العسكري ..
والخاسر الأكبر هم جماعة الحرية والتغيير.. الذين باعتهم امريكا بثمن بخس وعند أول منعطف حاد..
وفيما يبدو لي فإن المكون العسكري يقرأ هذه الأيام من مولد الختمية (النور البراق في مدح النبي المصداق) خصوصا دعاء السادة الختمية الذي يقول؛
“واشغل اعدائي بأنفسهم
وابليهم ربي بالمرج.”. .

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى