أعمدة

صلاح غريبة يكتب من القاهرة (شئ للوطن).. اليوم العالمي لمناهضة الاتجار بالبشر ..جهود حثيثة للمكافحة

gharibs2013@gmail.com
تحتفل دول العالم باليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالبشر الذي يصادف الثلاثين من يوليو من كل عام، وذلك لمكافحة هذه الظاهرة التي تعد من أخطر الظواهر التي تواجه العالم المعاصر وتهدر كرامة الإنسان بالاتجار فيه، كما تهدد مسيرة الاقتصاد العالمي وتحول دون تحقيق أهداف التنمية المستدامة ، خاصة وأنها تزداد يوما بعد يوم حول العالم ، وتنذر بآثار كارثية على مستوى الأمن والاستقرار الدولي وتمُس الآلاف من البشر.
ويسلط مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات في احتفالية هذا العام الضوء على أهمية العمل الحكومي لخدمة الضحايا، حيث يؤكد على أن الدعوة للعمل ليست مسؤولية الحكومات فحسب، بل هي مسؤولية الجميع للتضافر والتوحد خلفها، وصولا للعمل لمنع هذه الجريمة الشنعاء بكافة أشكالها وأنواعها أينما كانت.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرت في ديسمبر 2013 تحديد 30 من يوليو يوماً عالمياً لمكافحة الاتجار بالأشخاص، داعية جميع الدول الأعضاء والوكالات ذات الصلة بمنظومة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، فضلاً عن المجتمع المدني، إلى الاحتفال به.
كما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2010 خطة العمل العالمية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وحثت الحكومات بجميع أنحاء العالم على اتخاذ تدابير منسقة ومتسقة لهزيمة هذه الآفة الاجتماعية، وحثت الخطة على إدراج مكافحة الإتجار بالبشر ببرامج الأمم المتحدة بشكل موسع من أجل تعزيز التنمية البشرية ودعم الأمن في كافة أنحاء العالم.
ويقصد بتعبير “الاتجار بالأشخاص” تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالهم، أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال.
وغالبا ما تؤدي النزاعات والتشرد والحروب وتغير المناخ والكوارث الطبيعية والفقر إلى زيادة تفاقم الضعف واليأس اللذين يتيحان انتشار الاتجار بالبشر، حيث يجري استهداف المهاجرين الذين يتعرضون للاستغلال أثناء فرارهم وبحثهم عن الأمن والأمان ، وقد لقي آلاف الأشخاص حتفهم في البحر والصحاري على أيدي مهربين ومتاجرين بلا رحمة.
ويلعب السودان دورا كبيرا بمجال مكافحة الاتجار بالبشر على مستوى المنطقة العربية، وتقدم دعما ملموسا للأمم المتحدة في هذا المجال.
وقد أصدرت القوانين لمكافحة الاتجار بالبشر يضع عقوبات رادعة للجناة تصل إلى السجن، ويمكّن الضحايا من الحصول على التعويض العادل أمام القضاء.
وتشمل الجرائم التي اعتبرها القانون اتجارا بالبشر: الاستغلال الجنسي، والسخرة، والخدمة قسرا، والاسترقاق، والممارسات الشبيهة بالرق، واستئصال الأعضاء والأنسجة البشرية.
وفي رسالة بهذه المناسبة أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، يكرم المستجيبين الأوائل الذين يعملون من أجل القضاء على جريمة الاتجار بالبشر، وهم موظفو إنفاذ القانون، والأخصائيون الاجتماعيون، والعاملون بمجال الرعاية الصحية، وموظفو المنظمات غير الحكومية، وكثيرون غيرهم ممن يعملون بجميع أنحاء العالم على حماية الضعفاء.
وشدد غوتيريش خلال رسالته على أن هؤلاء المكرمين هم أبطال الخطوط الأمامية الذين ينقذون الأرواح ويدعمون المجتمعات في مواجهة جائحة كورونا (كوفيد-19)، ويحافظون على استمرارية الخدمات الحيوية خلال الأزمة فيكشفون عن الضحايا، ويكفلون لهم إمكانية الوصول إلى العدالة والرعاية الصحية والمساعدة الاجتماعية والحماية، ويمنعون وقوعهم فريسةً لمزيد من الأذى وأشكال الاستغلال.
كما حث جميع الحكومات والمجتمعات على الاصطفاف وراءهم دعماً لرسالتهم، من خلال المساهمة بصندوق الأمم المتحدة الخاص بالتبرعات لضحايا الاتجار بالأشخاص .
ووفق تقارير دولية تشكل النساء والفتيات أكثر من 70 بالمائة من ضحايا الاتجار بالبشر الذين يتم اكتشافهم، وأظهرت تقارير دورية بشأن الاتجار بالبشر صادرة عن مكتب الأمم المتحدة أن ثلاثين بالمائة من الضحايا عبر العالم خلال السنوات الأخيرة كانوا من الأطفال.
ويشمل الاتجار بالأطفال تجنيد من هم تحت سن الثامنة عشر ونقلهم وإيوائهم بهدف الربح أو العمل القسري أو من أجل تجارة الأعضاء أو للتجنيد العسكري أو للتسول أو لأي أنشطة أخرى قد تؤثر على النمو الطبيعي لجسد وعقل الطفل.
وتتطلب الجهود الرامية للتصدي للاتجار بالبشر نهجاً متعددا وتنسيقا بين الوكالات الحكومية المعنية والمنظمات الدولية من خلال مجموعة من الأنشطة التي تشمل العدالة الجنائية والمشاركة القضائية وحقوق الإنسان، وقد وضعت مجموعة من المواثيق والبروتوكولات والاتفاقيات الدولية لمحاربة الاتجار بالبشر مثل: الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق، وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال،ومكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، واتفاقية العمل القسري، وأسوأ أشكال عمل الأطفال.
وقد كشفت جائحة كوفيد-19 النقاب عن الكثير من أوجه اللامساواة العالمية وزادت من تفاقمها، وخلقت عقباتٍ جديدة تعترض تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وجعلت من الملايين فريسة أسهل منالاً لمن يتاجرون بالبشر لأغراض الاستغلال المختلفة والعمل القسري والزواج بالإكراه وغير ذلك من الجرائم.
وتظهر التقارير والدراسات الدولية الحديثة أنه إذا أُريد للعالم أن يضع الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان في صميم الجهود الرامية إلى التصدي لجائحة (كوفيد-19) والتعافي منها، فلابد من بذل المزيد من أجل حماية هؤلاء الضحايا ومنع استغلال المجرمين لهم، والتعهد الصارم بالعمل على إيجاد مجتمعات واقتصادات شاملة للجميع لا تترك أحداً وراء الركب.
ولمحاربة تلك الظاهرة يجب زيادة الوعي وتعضيد التعاون الدولي ضد الاتجار بالبشر، كون هذه الجريمة عابرة للحدود ، وتتطلب مكافحة هذه الظاهرة الاعتراف بوجودها ووضع قوانين صريحة لملاحقة المجرمين، وتعويض الضحايا عن ما يلحق بهم من أذى وانتهاكات وأزمات نفسية وجسدية، مع وضع منظومة حماية متكاملة لضحايا هذه الجريمة، وتقديم كافة خدمات المساعدة، والمأوى المؤقت، وبرامج إعادة التأهيل والإدماج دون تمييز، والملاحقة الجنائية الفعالة للجناة وفق نهج يراعي حقوق الضحايا ويحفظ هويتهم وبياناتهم الشخصية.

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه وإدراكاً منا بأهمية التوعية في مكافحة هذا النوع من الجرائم، فقد موّلت الحكومة المصرية بث الجزء الثاني من الحملة القومية “معا ضد الاتجار بالبشر” على كافة وسائل الإعلام المرئية ووسائل التواصل الاجتماعي؛ وذلك بهدف التوعية المجتمعية بصور الجريمة وكيفية الإبلاغ عنها أو طلب المساعدة

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى