أعمدة

“دلالة المصطلح” .. وقيع الله حمودة شطة

كادقلي تتوشح بالسلام وحكومة المركز تتجاهل الحدث التاريخي( 1- 2)
عندما وصل وفدنا الإعلامي والصحفي مساء السبت الموافق 19 مارس 2022م إلي مدينة كادقلي حاضرة ولاية جنوب كردفان، لتغطية فعاليات مؤتمر المصالحة بين مكونات (قبائل)كادوقلي الكبري (كادقلي، هيبان، البرام، أم دورين، الريف الشرقي)، بدعوة رسمية من حكومة ولاية جنوب كردفان، كانت الأجواء معتقة بنسائم السلام، و(دعاش) التصالح والوئام، الذي ظهر علي وجوه المستقبلين والمواطنين، وهم يرون مدينتهم تستقبل الوفود القادمة من العاصمة، ومحليات الولاية الأخري، وبدت اللافتات والملصقات والصور، التي ترحب بضيوف الولاية، وتتغني بقيم السلام والتعايش، وتعزيز التماسك الاجتماعي بين مكونات المدينة زاهية والمدينة متمددة راقدة بين (لب) الجبال، ومجاري الوديان والسدود، وهي هادئة جميلة، في صمتها هلع ووجع، وأمان وراحة يتداخلان…. تحبس أنفاسها، وتترقب صباح يوم الأحد الموافق العشرين من مارس الجاري، وهو الموعد المضروب لتوقيع وثيقة المصالحة، بعد صراع قبلي ضروس حصد أرواحا كثيرة، وأنتهك حرم الدماء في الشهر الفضيل الحرام (شهررمضان) من العام 2020 م، بما عرف بأحداث كادوقلي… كان متوقعاً أن يتم التوقيع علي وثيقة المصالحة بتشريف إتحادي من المجلس السيادي، بقيادة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي، وقد بذلت اللجنتان اللجنة العليا، المنظمة، ولجنة(آلية) وقف العدائيات وتعزيز التعايش السلمي بين مكونات كادوقلي الكبري جهوداً جبارة، لإخراج الإحتفال في ثوب يرتقي إلي مستوي الحدث، الذي ظلت مشاهده الفظيعة تهز النفوس هزا لمدة عامين متتاليين.
عملت آلية وقف العدائيات بقيادة مكتبها التنفيذي، الذي يترأسه الأستاذ أنجالي كوكو لمدة عامين أنجزت خلالهما الكثير، وقربت وجهات النظر بين الفرقاء، وأستطاعت أن تقدم نتائج طيبة ساهمت في إنجاح مؤتمر الصلح، الذي أحتشدت له جماهير غفيرة كانت تتوقع وصول الفريق أول ركن شمس الدين كباشي، ووفده الإتحادي، لكن الجماهير أصيبت بخيبة أمل كبيرة، لما علمت بعدم حضور الوفد الإتحادي، وعمت موجة غضب عارمة في أوساط الرأي العام وسط المدينة، وفي ساحة الإحتفال، وبالرغم من أن عمود (دلالة المصطلح) كان قد أنفرد بخبر إعتذار الفريق أول ركن شمس الدين كباشي، وعدم حضوره إلي كادوقلي والدلنج من خلال تقريرنا تحت عنوان ( هل تعزز المصالحات القبلية مشروع السلام بجنوب كردفان؟ ) بتاريخ الأربعاء 16 مارس 2022م، حيث جاء قولنا نصا (وبالرغم من أن مصادرنا الموثوقة تفيد بأن الفريق أول ركن كباشى ربما أعتذر عن السفر إلي كادوقلي والدلنج لإرتباطات بالخرطوم، وربما تأجل برنامج مدينة الدلنج إلي حين آخر)، وقد حدث ما أنفردنا به، حيث غاب الفريق أول ركن كباشى ووفده، وتأجل برنامج مدينة الدلنج بين قبيلتي (الغلفان ودار نعيلة) بالدلنج الكبري، وقد أستطلعنا أعداداً كبيرة من الرأي العام، أظهرت غضبها وعدم رضائها عن غياب الفريق أول ركن كباشي ووفده، وقيادات الولاية بالمركز، حيث صار الحدث ميتة وخراب ديار، وصار الوجع وجعان غاب المركز، ومجلس السيادة بقيادة كباشي، وغابت قيادات الولاية الاجتماعية والسياسية بالخرطوم وأبناء مدينة كادقلي خاصة، فلم نر أولاد تاور (جلال وعفاف وصديق)، وهم أبناء كادقلي، وأولاد كادوقلي، ولعل أبناء جنوب كردفان يدركون ماذا نقصد بكادوقلي الثانية، وغاب خيري القديل، ودكتور علي محمد موسي، وغابت بثينة دينار، وغاب مبارك أردول، وخميس جلاب، وتابيتا بطرس ، ودانيال كودي، وغاب مولانا أحمد أبو زيد، والغريبة حتي بكري سلمي المدير التنفيذي لصندوق إعمار جنوب كردفان المعني بقضية السلام والإعمار والتنمية، هو الآخر غاب عن المناسبة(مناسبة السلام والإعمار) ! وآخرون، وقيادات شبابية فاعلة، ولذلك أرتفعت أصوات تتحدث عن المجلس السيادي، الذي شكل حضورا سريعاً في أحداث كثيرة حدثت في ولايات عدة من البلاد، مثل ولايات دارفور وغرب كردفان والبحر الأحمر وكسلا ونهر النيل وغيرها، فلماذا غاب عن كادقلي، وعن حدث اجتماعي وتاريخي عظيم يرتبط بقضية الأمن والسلم الاجتماعي في ولاية ذات خصوصية، تعاني من جراحات عميقة في خاصرتها، وعن تشريف ورعاية مؤتمر مصالحة بين قبائل كبيرة وعديدة أقتتلت قتالا شديداً في شهر رمضان وبعده، وقد خلف هذا الإقتتال أكثر من مائة وسبعين قتيلاً، ومئات الجرحي، وآلاف المشردين والمفقودين والنازحين، الذين ضربوا بوجههم شطر المدن والفيافي، وربما ودع بعضهم مدينة كادوقلي إلي الأبد، وحرقت قري وفرقان، وخربت الديار، والطرقات، وحرقت محاصيل، وأبيدت مواشي؟ ولذلك أخطأ مجلس السيادة التقدير، وأخطأ الفريق أول ركن شمس الدين كباشي التقدير- أيضاً – ولم يكن في مستوي الحدث المهم، وهو ابن الولاية والمشرف السياسي علي كردفان الكبري، ويدرك تفاصيل أهمية وضع الأمن والسلام والمصالحة القبلية بين مكونات قبائل كادقلي الكبري، والدلنج الكبري، وعموم الولاية، ولذلك أعتقد الغياب عن هذه المناسبة لم يكن مبررا علي المستوي الشخصي والرسمي، سيما، وأن المصالحة العامة تقتضي جبر الأضرار، ودفع ديات وتعويضات، وهذا واجب الدولة في المركز أولاً، قبل الولاية والإدارة الأهلية، وقد إلتزمت حكومة الولاية والإدارة الأهلية وحققت جهدا كبيراً في هذا الملف بموارد ذاتية، فأين دور المركز والحكومة الإتحادية، التي عجزت حتي عن مجرد تشريف مؤتمر الصلح والمصالحة المهم ، دع عنك الإلتزام المادي والأخلاقي نحو قضية السلام في الولاية؟!
إن الحسنة الجميلة المتميزة في مؤتمر المصالحة،هي ظهور التعاون والتنسيق والتوافق الكبير بين مؤسسات الولاية السيادية، والقضائية، والأمنية، حيث نجح الوالي موسي جبر، الذي بدأ متماسكا في تحقيق توليفة متميزة، وكانت مؤسسات الولاية حاضرة بقوة ممثلة في قيادات القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، و جهاز الأمن، والشرطة، والسلطة القضائية، التي وقعت كشهود علي الوثيقة، بجانب الحضور الكبير لأطراف الصراع من زعماء وقيادات وأمراء ومكوك القبائل، التي وقعت علي الوثيقة وأدت القسم والعهد علي عدم العودة إلي الإقتتال تحت لواء القبيلة والعصبية والدعوات الجاهلية.
الوالي المكلف، موسي جبر محمود وبحضور نائبه الرشيد جبلين ممثل الحركة الشعبية جناح مالك عقار، قدم خطابا متميزاً حوي أفكاراً وقرارات وموجهات وضوابط وبشريات تنموية مهمة، أكدت- كما ذكرنا من قبل – إستفادته الكبيرة من إلمامه الكبير بملفات الولاية، وحاول جاهداً أن يبرر غياب قيادات المركز من المجلس السيادي، وأبناء الولاية بالمركز، لأسباب قومية وظروف طارئة حتي يخفف الغضب الجماهيري والشبابي من تجاهل حكومة المركز لقضيتهم التي سهروا لمدة عامين لصناعة نتائجها ، وبدأ متماسكا وشجاعا في خطابه وقراراته، وسوف نعود إلي تفصيل خطابه في مقال آت.
إن عزم لجنة أمن الولاية علي حراسة الوثيقة وإنفاذها، وتعهد قيادات الإدارة الأهلية علي عدم النكوث والنكوص إلي الوراء، أطلق النسائم والرضا الجماهيري في سماء مدينة كادقلي الصائفة، وأرسل رسائل مطمئنة للمجتمعات أن الكبار قد توافقوا وتعاهدوا علي حراسة مشروع السلام، مما أظهر كادقلي الجديدة التي توشحت بالسلم وبشريات السلام والوئام رغم غياب حكومة المركز المؤسف، الذي لم تتعامل فيه مع كادقلي كما تعاملت مع الجنينة والفاشر ونيالا وبورتسودان وكسلا والفولة، ولذلك نقول ما قيمة حضور عضوان من مجلس السيادة دفعة واحدة لحفل تنصيب نائب والي في مناسبة رمزية (برتوكولية) ، وغياب ممثل واحد لمجلس السيادة، لتشريف ورعاية مؤتمر مصالحة كبري بعد قتال راح ضحيته آلاف الناس، ودمرت فيه البيئة والإنسان والموارد؟.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى