أعمدة

(الراصد) .. فضل الله رابح .. القول كما قال (أنس وإخوتــه) وعبر التأريخ ..!!

عامان من الزمان قضاها أنس عمر وإخوتـه في سجون حكومات الفترة الإنتقاليـــة العرجاء وبعد خروجهم لم يتجاوز خطابهم واقعيــة حركة الإسلام التي تقدر لكل مرحلــة وسائلـها المكافئـة لمقتضياتها وحاجاتها الموضوعية .. خرجوا وهم لا يقابلون الواقع بنظريات مجردة ولا وسائل متجمدة بل بفاعليـة منفتحة علي الجميع وهم يتحدثون بفقـه وتشريع عن المعاملات السياسيـة والإقتصاديـة ومعاش الناس والإجتماع والتربيـة والسلوك وفي ذلك قد وقفت طويلا علي إيحاءات ورمزيات وشفرات حديثـهم وجدته مرتبط بشكل وثيق مع تواصل المد في خدمـة الوطن وأهلـه بلا من ولا أذي وبتجرد دون الالتفات إلي (الكماين) الصغيرة التي تحاول أن تصرفهم عن رسم معالم طريق الحق .. لم يخلطوا عذابات السجون وأفاعيـل قوي الحريـة والتغيير بـهم وتخبطهم في الحكم لعيدوا به كتابـة الصراع القديم والحديث عن الطغاة غير أن أنس وإخوته قد حرصوا علي عدم
إلباس كل ذلك الماضي البئيس بتشويــه منهج الدين والتأثير علي سماة المقتضيات الوطنيـة الراهنــة .. أنس وإخوته إستحبـوا السجن وطريق العدالــة علي خط المواجهة بالعنف لتهديدات ( قحت) السافرة لجأوا إلي الله والقضاء السوداني مستجيرين ومحتميين بـه ليس ضعفا ولا هوانا لكنهم لا يريدون أن يضيعوا فرصة الإنتقال بمتاهات الجزئيات والصغائر المبعثرة .. خرج أنس عمر ـ خالد محمد نور ـ جمال احمد حمزة الشهير بجمال الشهيد ـ عبدالرحيم عمر محي الدين ـ الترمزي محمد نور ـ مالك عثمان ـ أسامة عثمان ـ صديق صالح والطيب السيد خرجوا وهم علي يقين بأن الإبتلاءات من سنن الله في كونـــه فقد إبتلي قبلهم سيدنا يوسف عليـه السلام بفتنة الشهوة والملك وإختار السجن بدلا من فعل الفاحشة مع إمرأة العزيز وكان يوسف يترامي علي مسامعـه التهديد لكنه إستعاذ من شرهن ومكرهن وقال : يارب السجن أحب إلي مما يدعونني إليـه من عمل الفاحشة والا تصرف عن كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين .. خرج أنس عمر وإخوانـه وهم أكثر رضا وصبر وقد جمرهم السجن وزادهم لمعانا خرجوا وهم أكثر ثباتا وتحملا وتضحية في سبيل الله والوطن فهو طريق مجرب عندهم عبر مسيرة طويلة مع حركة الإسلام في السودان التي مرت بعدة تنقلات ومراحل ومن حال إلي حال ولذلك كان خطابـهم أن سنوات السجن تعبدا لله وأن ظهور الحق كان بالنسبـة لهم قادم حتي وإن طال السفر وتعسف الزمان لم ييأسوا من نصر الله ولم يقنطوا من رحمتـه تعالي رغم تغمس الآخرين وإعتزازهم بالحضارة البجوازية لكن أنس وإخوته إتخذوها فرصة لعرض بضاعتـهم وإهتمامهم بالكليات وعظائم الأمور ومع ذلك أفسحوا للجزئيات الصغيرة أن تأخذ مكانها الطبيعي في المرحلــة .. شخصيا وقفت علي تفاصيل هذه القضية التي بسببها وضع أنس عمر وآخرون خلف السجون ومن داخل قاعة المحكمة وإنني أتابع مولانا علي عثمان قاضي المحكمة العامة قاضي محكمة الموضوع وهو يناقش حيثيات ووقائع الدعوي ويفند البينات وإفادات شهود الإتهام ليصل علي إجابات للسؤال : هل خالف المتهمون نصوص القانون ومواده المفتوحة ضدهم التي تصل حد الإعدام ..?? لم يساورني شك من حيث الوقائع وضعف البينات وتعجل النيابـــة بحسب الوقائع إن القاضي سيخلص الي نتيجة عدم ثبوت قيام المتهمين بفعل يشير بمخالفتهم للمواد المتهمين فيها وإعلان براءتهم جميعا وإطلاق سراحهم فورا .. كنت علي ثقة بأن القضاء السوداني النزيه لا يظلم أمامه أحد وكنت أتابع القاضي وأنظر إلي تفاعلات المتهمين ووردة فعلهم وهم داخل شبك قفص الإتهام إلتمست يقينا مهيبا علي وجوههم وقلت في نفسي ما أحوجنا إلي رجال كهؤلاء يفهمون معالم الطريق وواقعية حركة الإسلام وكيف السجن لم يعد بالنسبة لهم وسيلة للتشفي في بلد زاخر بالصراعات والنزاعات ومع كل التعسف والظلم الذي لحق بهم أن صدورهم لم يقع عليها من الغيرة ما يضيع عليهم صبرهم علي الإبتلاءات والفتن .. حقا هذا لطف الله عليهم والفرق ما بين من يحمل قييم ومبادئ وهو المتعـة في حياتهم قبل مماتهم ولأجل ذلك كانت هذه القييم جزءا من كيانهم وأحلامهم .. ومن ثم تابعت خطابهم ونصوص حديثهم فلم يقعوا أسري الظلم البائس والحديث الشتائمي للاشخاص وإزالـة الطواغيت وتحطيم الأنظمـة السياسية المخالفة لهم وقهرها حتي يدفعوا الجزية وهم صاغرون ولكنهم إتخذوا كل ذلك وسيلة للعفو والصفح الجميل فكان حديث أنس عمر للاعلام وكذلك محمد أحمد حاج ماجد في إفطار خالد محمد نور علامة فارقة بين مرحلة ومرحلة كليهما وضعا نقاطا أكدا من خلالها قيمة العدل والدعوة الي الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالحسني وبها أكد الذين ظلمتهم (قحت) وأحزابها أنهم مدركون لخطوات سيرهم كما فعل أسلافهم في معالم طريق هذه الرسالــة الخالــدة.. إن الخطاب السياسي المتطرف والعرقي لا يوصل بلادنا الا الي حد الإنفجار وإستنزاف قدراتها البشرية والمادية ولكن المطلوب هو خطاب تسامحي وتصالحي قومي يتحتم علي الجميع التقيد به علي الأقل في حده الأدني وإن الواقع السوداني الحالي لا توجد به نصوص سياسية نهائية وقطعية وإنا مأمورون بإقتفاء سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم في كل المعاملات ـ ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لم كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ..) والأسوة في الدعوة لا تقبل الإعتساف الذي لا يوصل إلي الغايــة .. إن المرحلــة الراهنة تتطلب تجنب عثرات الفكر وزلات اللسان والقلم حتي تتعمق الخطوط الإيجابيــة ولابد من تحديد دقيق لطبيعة هذه المرحلـة من الدعوة ومن مسيرة حكم السودان حتي يكون كل الإتجاه والحركة لإيضاح معالم البناء الجديد فسيرة نبينا محمد صلي الله عليه وسلم نبع ثر ومعمل ضخم لابد أن يحسن الإستفادة منه بتحديد مجاريه وتوزيع نتاجه في جميع معاملاتنا لأن الطريق لازال طويلا وشائكا .. سيما وأن الدول التي تسعي لتطبيق الليبرالية علي المستوي الدولي وعلي رأسها أمريكا لا تزال تتزرع تحت بند السلم الدولي وبدأ منظرو الليبرالية يصيحون صيحاتهم البلهاء وقد أحدثوا مشاكل بنيوبة علي مستوي المجتمع والدولة ولذلك أي عدم وعي بمعالم المرحلة ربما يكون خطرا من شأنه تقويض كل شئ وبكلفة عالية .. حسنا نظر أنس عمر والذين معه إلي ضرورات بناء الدعوة ومراحل الدولة السودانية وحتي لا يظل الجهد الوطني متناثرا تناثر النجوم منذ الإستقلال وحتي اليوم لابد من تركيز وتخطيط هندسي بديع لهذه المرحلة حتي نعبر وننتصر بالوطن ونحن أكثر قوة ومنعــة ..

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى