بيانات

(تأملات) .. جمال عنقرة .. الوفد الشعبي المصري .. كسر حاجز العزل

تباينت الآراء والمواقف حول زيارة الوفد الشعبي المصري الذي شرف ديار النيلين اليومين الماضيين برئاسة وزير الخارجية الأسبق صديقنا الحبيب معالي السفير محمد العرابي الرجل المحب للسودان والسودانيين بعمق، ومعه مجموعة من نجوم المجتمع المصري المهتمين بالشان السوداني، والمهمومين بقضاياه، ومشكلاته، والساعين لتعزيز عري التواصل بين الشعبين والبلدين الشقيقين، وضم الوفد الأستاذ الدكتور سيد فليفل، والسفير محمد بدر الدين، والدكتور سامح فوزي، والنائبة البرلمانية جيهان زكي، وزميلتها هادية السعيد، والصحفيتين المهتمتين بالشان السوداني أسماء الحسيني، وسحر إبراهيم، والدكتورة نيفين سعد، والدكتور ياسر عبد العزيز، والسيد حسن الغزالي، ولقد تباينت الآراء في تقييم الزيارة لدي السودانيين والمصريين معا، ورغم تقديري لكل وجهات النظر المختلفة، لكنني لم اعرها جميعا اهتماما، ونظرت فقط إلى المغزي الكبير، والمدلول الأعمق للزيارة، والذي يغطي علي كل نقص، ويتفوق علي كل الميزات الإيجابية الأخري للزيارة.
دائما ما أقول أن أعظم وأكبر مؤامرة تعرض لها السودان بعد ثورة أبريل، وكانت السبب الأساسي في كثير مما تعرضنا له من ضغوط دولية واقليمية هو عزل مصر عن الشأن السوداني تماما بعد التغيير، وكنت قد كتبت مقالا قبل ذلك عن الإجتماع الخماسي الذي كشف عنه نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” والذي ضم سفراء أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات في الخرطوم، وهو الإجتماع الذي أسس لعزل مصر، ومكن لمجموعة محددة، ومحدودة من القوي والأحزاب السياسية السودانية ووضع كل الأمر بيدها، وقنن لتحكم إقليمي ودولي علي بلدنا، وكبلها بقيود لا تزال تقيدها.
لقد تعاملت مصر مع هذه الأزمة، تعامل الكبير، وعملت بفقه “أم الولد” التي تنازلت عنه لمدعية امومته عندما عرض عليهن القاضي قسمته بينهن، فلم تقف مصر في وجه العاصفة، ولكنها ظلت تسعي من قريب وبعيد لصد آثارها المدمرة، حتى أدرك كثيرون من السودانيين أنهم كانوا قد وقعوا في مخالب نمور مفترسة، وادرك كثيرون منهم صدق ما قال به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي “ما لناش غير بعض” وبدأت بعد ذلك تتفتح قنوات الوصل والتواصل بين شعب الوادي في الجنوب والشمال.
وتأتي زيارة الوفد الشعبي المصري في هذا الإطار الإيجابي الذي نريد له أن يتواصل وينداح، ويشمل كافة القطاعات والمجالات، ومثل هذا الوصل والتواصل لا تفعله الحكومات، ويجب علينا ألا نعول عليها كثيرا في ذلك، فقط مطلوب منها تيسير سبله، وتمهيد طرقه، ويكفي الحكومة في السودان ومصر أن تعمل في المشروعات الكبيرة التي تمهد طرق التواصل والتلاقي، وتجعل التعاون ممكنا وميسورا، وأرى الحكومتين تجتهدان في ذلك، ولقد تابعنا قبل أيام وصول أجهزة الربط الكهربائي إلى ميناء بورتسودان، ونرجو أن تخطو الحكومتان خطوات ملموسة في مجال الربط السككي، وقبل نحو شهر تقريبآ استجاب الرئيس السيسي لدعوتنا وصفر عداد السودانيين الموجودين في مصر الذين تجاوزا أمد الإقامة المسموح به، واتمني قبل أن تنتهي الشهور الستة التي منحت لهم، أن تتوصل القيادة في البلدين إلى تطبيق كامل للحريات الأربع فلا يحتاج السوداني إلى تأشيرة دخول أو تصريح إقامة في مصر، وكذلك المصري لا يحتاج إليهما في السودان.
ونرجو أن تفتح زيارة الوفد الشعبي المصري للسودان الطريق لزيارات متبادلة متواصلة، لها مردودها، ويكون لها دورها في التربيط والتشبيك بين النظراء في السودان ومصر، وأشهد أن سفير السودان في مصر صديقنا السفير محمد الياس، وسفير مصر في السودان حبيبنا الغالي السفير حسام عيسي، والقنصل العام المصري في السودان الحبيب العظيم المستشار أحمد عدلي، لا يدخرون جهدا يمكن أن يعين علي التواصل والتلاقي، وأنا علي ذلك من الشاهدين، فقط علينا أن ننهض جميعا في كل المجالات لفتح قنوات تعاون – وما أكثرها – في كل المجالات، الزراعة، والصناعة، والتعليم، والإعلام، والثقافة والفنون، وغيرها.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى