مقالات

التفاعل بين العدالة الانتقالية وبناء الدستور  فى السودان .. بقلم المستشار القانوني فائز بابكر كرار  

أن من أسباب غياب الأمل والرؤية في قيادة المرحلة الانتقالية  هما بما يحكم السودان دستوريا وقيام  انتخابات تحقق كيف ومن  يحكم السودان؟ لان الوثيقة الدستورية بطبيعتها صممت  لحكم فترة محددة الاجال والمهام. 
محددات صناعة الدستور وأهداف التحول الديمقراطي :
الانتقال والتغيير الديمقراطي والسياقات الانتقالية فى ظل العدالة الانتقالية وتحقيق السلام الشامل والأمن الاقتصادي والتعايش السلمي والمجتمعي في دعم عمليتى العدالة الانتقالية وبناء دولة المؤسسات والقانون وصولا لدستور دائم تحدد فيه خيارات الشعب. 
خلال المرحلة الانتقالية يجب تحقيق العدالة الانتقالية وبناء الدستور فى توازن دقيق يلبى طموح الشعب نحو التغيير الديمقراطي للحفاظ على الاستقرار والأمن. 
تقتضي العدالة الانتقالية نهجا متزامنا مع رؤية السلام السياسي المستدام وتحويل مؤسسات الدولة لحماية السلام وحقوق الإنسان والحريات الأساسية وتعزيز ثقافة احترام سيادة القانون، حيث تشير أهداف العدالة الانتقالية الى حفظ حقوق المجتمع من الانتهاكات الإنسانية وضمان الحماية القانونية والمساءلة وإحقاق العدل وتحقيق المصالحة. 
بناء الدستور والمؤتمر الدستورى ومفوضية الانتخابات وقانونها يعتبر من أكثر المسائل أهمية فى الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى والسياسى بالرغم من هذه الأهمية إلا أنها غائبة تماما من محاور وأولويات حكومة المرحلة الانتقالية،  وما يزيد الأمر تعقيدا غياب دور المؤسسة التشريعية في عدم تشكيل وتكوين الْمَجْلِس التشريعى الانتقالى فى أن يباشر مهامه فى التشريع ، بالإضافة إلى غياب الرؤية المنهجية للعدالة واكمال مؤسساتها القضائية والنائب العام والمحكمة الدستورية.
ان من اولويات وغايات المرحلة الانتقالية ومقتضيات تنفيذ الوثيقة الدستورية هى تنفيذ مهام الفترة الانتقالية والتفاعل مع قضايا العدالة الانتقالية فى تحقيق الموازنة بين تطبيق القانون ومجابهة المخاطر وضمان المشاركة السياسية العامة  والشرعية الشعبية الكافية في تحديد الشعب السوداني خياراته .
وضع المعايير الدستورية وحماية الحق فى الاحتكام للقضاء لا يمكن ان يتم الامن خلال قيام المؤسسات العدلية والقضائية والتشريعية بالاضافة للدور الفعال الذي يلعبه بناء الدستور فى اعادة تأسيس سيادة القانون بموجب دستور يخضع لسلطته الجميع فى سيادة القانون وحماية المصلحة العامة وتوفير العدالة من خلال إصلاح مؤسسات سيادة القانون واستقلاليتها التامة.
مسألة صناعة الدستور باعتباره عنصر أساسي لادارة الدولة والمجتمع وحكم القانون وإعادة بناء مؤسسات الدولة بوضع دستور يعزز من ثقة المواطن فيها ، ويضع خارطة الانظمة السياسية والتوافق على تسهيل الوصول لنظام سياسي واجتماعي واقتصادي عبر خيارات جادة وعملية .
صناعة الدستور من حيث المفهوم والمتطلبات والمقاصد :
إن مرحلة صياغة الدستور التى يتم من خلالها الاتفاق على المضامين بصيغة قانونية تجعله قابلا للتطبيق والالتزام تتأثر بمسار صناعة وإعداد الدستور ومخرجات المؤتمر الدستوري لذا تحمل مرحلة إعداد الدستور  البعد الاجتماعي والسياسي والقانوني لتلبية تطلعات الشعب فى عمليات مستقلة عن العملية التقنية والصياغات القانونية التي تضبط خلاصات المضامين والنقاشات بين مختلف التيارات والمكونات السياسية والاجتماعية والثقافية التي تشكل أكبر التحديات التي تواجه مسار وضع الدستور، إتاحة فرصة المشاركة فى صناعة الدستور وإقرار الحماية القانونية وتحقيقها لكافة مكونات الشعب السوداني. 
ختاما:
 أن عملية وضع الدستور ليست بالأمر الهين المقتصر على وضع قواعد ومبادئ صماء، بل مسئولية تقع على عاتق المكلفين بها من شعب وحكومة، ومبادئه لا تقتصر على رسم مستقبل جيل يعايشه بل أجيال أخرى قادمة،لذلك للخروج من الازمة وحالة الوضع الانتقالي محدد الاجال والمهام لابد من ايلاء النظرة الكلية لحقيقة وطبيعة الفعل الدستورى والالتزام بتكوين وتشكيل المفوضيات والمجالس الخاصة بالعدالة والقانون والتشريع وتهيئة البيئة القانونية لقيام المؤتمر الدستوري وتحديد خيارات صناعة الدستور باعتباره الأساس الذي تبنى عليه قواعد دولة القانون والمؤسسات.
تحياتي مستشار قانوني فائز بابكر كرار Faiz Karar 
Faizkararf77@gmail.com 
10/8/2021

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى