أعمدة

مصطفى ابوالعزائم يكتب في (بُعْدٌ .. و .. مسَافَة) .. الإعلام وخطاب الكراهية ..

سبق سبق لنا ومن خلال هذه المساحة ، أن تناولنا خطورة الشائعات ، وتوظيفها في محاربة الخصوم ، ونوّهنا إلى أنه ليس أخطر على مجتمعنا في الوقت الحالي ، من العمل على تفيككه وهدمه بأقذر وأخطر الأسلحة الفتّاكة في هذا العصر ؛ وهي أسلحة الشائعات ، والأخبار المصنوعة أو الزائفة ، على الرغم من أن عوامل وحدة شعبنا متوفرة من خلال التاريخ المشترك ، واللغة التي تربط بين أبناء السّودان من أقصاه إلى أقصاه ، إضافة إلى الدين الذي شكّل وجدان شعبنا العظيم ، ووحّد وجدانه ، ليصبح أهم مكوّن للثقافة ، وهذا ليس بالضرورة أن يكون كُلّ أفراد الشّعب متديّنين أو لا دينيّين ، لكن الدين يصبح هوية جامعة لكل الشّعب .
لغتنا التي نتحدثها لا تعتبر رابطاً محلياً يربط بيننا فقط داخل السّودان ، لكنها لغة تربطنا بآخرين ، أي أن لها بعدها القومي العربي ، مثلما لها بعدها العالمي على إعتبار أنها لغة القرآن الكريم .
وغير هذا وذاك فإن سلاح الشائعات قد يستخدمه أعداء الوطن ، أو الخصوم الجهلاء _ دون وعي منهم _ في تدمير البلاد ، والتفريق بين أبناء الوطن الواحد ، وفقاً للتقسيمات الجهوية ، أو خارطة الوجود القبلي على الأرض ؛ أو التشدّد والتطرّف والإنتماء الحزبي الغبي الذي لايقبل الآخر .
سبق لي أن إتفقت والأستاذ عادل سنادة ، أن نتبنّى من خلال منتدى السودان للتنمية الثقافية والإعلام ، الذي أتشرّف برئاسته ، ويتولى الأستاذ سنادة مسؤولية أمانته العامة ، سبق أن إتفقنا على ترتيب وتنظيم ورشة عمل لزملائنا من شباب الصّحافة والإعلام ، حول دور هذه المهنة الرّسالية في حماية مشروع الديمقراطية والتنمية ، حتى نصنع التغيير الحقيقي ، رغم التحدّيات التي تواجه المهنة ، وتواجه وصول الرسالة إلى الآخرين والتأثير عليهم ، وقد بدأنا بحمد الله في الإعداد لتلك الورشة ، لكننا رأينا بعد أن تدارسنا الأمر مع عدد من زملائنا في المنتدى ، وآخرين من الخبراء والعلماء والمختصين ، رأينا أن تكون البداية ورشة عمل حول دور الإعلام في مناهضة خطاب الكراهية ، والذي إستشرى وأصبح يمشي بين الناس ، وتمشي حوله الفتن والبغضاء والحروب .
تدارسنا الأمر جيداً ، ورأينا أن يكون أمر الورشة بالتعاون مع المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية ، وحدّدنا أن يكون الخبراء وأهل الإختصاص هم أصحاب الأوراق المقدمة في الورشة ، وفي مقدمتهم أستاذنا وأستاذ الأجيال الخبير الإعلامي العالمي البروفيسور علي شمو ، والدكتورة بخيتة أمين ، والدكتور عبدالعظيم عوض ، ومن الشباب الأستاذ عبود عبدالرحيم ، مع فتح الباب بعد ذلك لكل من يريد الإسهام برأي أو بفكرة أو مقترح من خلال جلسات الورشة التي حدّدنا لها بالإتفاق مع معدي أوراق العمل والأمانة العامة للمجلس ، أن تكون في يومي الإثنين والثلاثاء الثالث عشر والرابع عشر من يونيو الحالي .. وأجرينا إتصالاتنا وقدمنا الدعوات للدفعة الأولى من شبابنا في الصحافة والإعلام ، لتنطلق أعمال الورشة بقوة دفع لم نتخيلها ، ولتحقق نجاحاً فاق تصوراتنا ، وتصورات المشاركين ، وإجتذبت الدكتور جراهام عبدالقادر وزير الثقافة والإعلام المُكّلف ، والذي قدم طرحاً علمياً وموضوعياً لم يكن غريباً عليه ، فهو نموذج للمثقف السوداني العصري ، الذي يعرف دوره ورسالته .
خلصنا إلى أن نستمر في ذات النهج ، بل إلتزمنا بأن تكون الخطوة الثانية هي دورة تدريبية حول ذات الموضوع ، وحول موضوعنا الأول وهو الشائعة وأثرها في تدمير المجتمعات ، على أن يكون عدد المشاركين فيها ضعف الذين شاركوا في الورشة الأخيرة ، وقد تجاوز عددهم الأربعين من مختلف الأجهزة المسموعة والمرئية والمقروءة ، ومن الإعلام الحديث والمواقع الإلكترونية .
سألنا أحد زملائنا الشّباب عندما طرحنا الفكرة ، عن الدوافع لإختيار الشائعة موضوعاً لتلك الدورة ، فذكرنا له ، إن الإشاعة هي الخبر المزيف أو الأخبار الزائفة ، التي تنتشر بشكل سريع في المجتمعات ، ويتم تداولها بين العامة ظناً منهم بصحتها ، خاصةً إذا ما كانت تلك الأخبار قد جاءت مُتْقنة ، وشيقة ومثيرة لفضول عامة الناس ، وإذا كانت متّصلة بقضايا عامة مثل قضايا الحكم وتكاليف المعيشة ، أو كل ما يهم عدداً كبيراً من النّاس .
قد إتفقنا على أن بلادنا الآن في أمس الحاجة إلى مثل هذه الأنشطة ، لتنامي خطاب الكراهية ، وإنتشار الشائعات في مجتمعنا ، وتعرف النُخب أنها بعيدة كُلّ البعد عن الحقيقة ، لكنها تخدم أغراض مروِّجيها ، وصانعيها ومُطْلقيها ، للتأثير على الرأي العام ، وإتفقنا أن يكون موضوع الدورة التدريبية متّصلاً في ذات الوقت ، بصناعة الرأي العام ، مثلما كان موضوع الورشة التي منحتنا الثقة كثيراً في أن شبابنا من الإعلاميين مازالوا بألف خير .

Email : sagraljidyan@gmail.com

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى