أعمدة

جمال عنقرة يكتب في (تأملات) .. ال ١٣ .. كلهم في الهواء سواء .. أرموا قدام

تذكرت طرفة قديمة تحكي عن إمرأة أرسلت طفلها الصغير ليسال والده عن الساعة، فذهب وعاد وقال لها “أبوي قال ليك الساعة عشرين” فقالت له “يا ولد انت جنيت؟” لكنه أصر أن والده قال الساعة عشرين، فلما حاصرته بالاستغراب، واوشكت أن تضربه علي كذبه، قال لها “والله قال الساعة عشرين، قلت ليهو الساعة كم قال لي عشرة وعشرة”
تذكرت هذه الطرفة وأنا أنوي الحديث عن مجموعتي الأربعة والتسعة، الطويلتين، والأربعة كما هو معلوم، هي أحزاب مركزية الحرية والتغيير الأربعة، والتسعة هي المجموعة الأخري المناوئة لها من قوي واحزاب قوي إعلان الحرية والتغيير، والتي تبلورت في مجموعة الميثاق الوطني، ومثلما جمع ذاك الصغير بين الساعات والدقائق، جمعتهم إلى بعضهم البعض في هذا المقال، وصاروا معا “١٣” وهم جميعا في الهواء سواء، ولن يفرق كثيرا لو قلت أنهم في “الهوي” سواء، فمثلما يجمعهم الهواء الذي يهيمون فيه بلا اشرعة، ولا بوصلة، يجمعهم أيضا هوي السلطة، وإن اختلف منطق وسبيلهم للوصول إليها.
لقد كتبت كثيرا محذرا المكون العسكري من شركائه المدنيين في مركزية الحرية والتغيير الذين صنعهم من العدم، ومكنهم من السلطة، وجعلهم وحدهم يمثلون كل القوي المدنية السياسية وغير السياسية كذلك، ثم انقلبوا عليه، وصار همهم الوحيد أن يزيحوه من المشهد تماما، وحذرتهم كذلك من القوي التي تطرح نفسها بديلا لقحت، وهم إن لم يكونوا أسوأ منهم، فهم قطعا ليسوا أفضل منهم بأي حال من الأحوال. ولقد أكدت الأحداث الأخيرة صدق قولي، وكشفت زيف الثلاثة عشر معا.
فلما اغتالت القوات الإثيوبية الجنود السبعة والمواطن السوداني الذين كانوا أسري بطرفهم، كانت فرصة لأدعياء نصرة القوات المسلحة من مجموعة التسعة ليحشدوا جماهيرهم نصرة للجيش الذي يقاتل دفاعا عن العرض والأرض والسيادة الوطنية، وكانت تلك فرصة لإبطال مفعول المظاهرات التي أعلنت لها المجموعات الأخري ضد القوات المسلحة، ولكن شيئا من ذلك لم يكن، واكتفوا ببيانات شجب وإدانة لا تسمن ولا تغني من جوع. ولما جاء يوم الثلاثين من يونيو الموعود، والذي وصفته مجموعة الأربعة بأنه سيكون الفاصل والحاسم لإسقاط الحكومة التي يصفونها بحكومة الإنقلاب، ولما جاء يوم الثلاثين من يونيو لم يخيب ظنهم فقط، ولكنه أكد أنهم أضعف من الضعف، واكتفوا بالاحتماء خلف صبية دفعوهم ليلاقوا حتفهم، وهم ينتظرون ليقبضوا ثمن دمائهم الطاهرة الزكية، فلم تسجل كاميرا واحدة، ولا حتى كاميرا خفية صورة لأحد من قادة قحت خرج في المظاهرات، ولو كان من الصفوف الخفية، ولقد تأكد تماما أن المظاهرات التي تخرج هذه الأيام، ما كان يمكن أن يسمع بها أحد لولا التتريس، والتحرش بالقوات النظامية، وافتعال الإلتحام معها.
فلقد أكدت أحداث الثلاثين من يونيو وما قبلها، ضعف وهوان الثلاثة عشر، فالتسعة أهون من أن يملأ بهم العسكريون أيديهم، والاربعة أضعف من يعمل لهم العسكريون أي حساب، وأصبح الطريق واضحا وقصيرا، يعلن السيد البرهان اليوم قبل الغد حكومة تكنوقراط مستقلين، ويشرعون فورا في الدخول في الترتيب والإعداد لانتخابات حرة نزيهة تجري في وقت لا يتجاوز العام في أكثر الأحوال، ويغلقون ملفات حوار المشاركة في حكومة انتقالية بالضبة والمفتاح، ويشمل الإغلاق منابر الثلاثية، وكذلك المنابر الجانبية التي تسعي لإعادة قحط من الشباك، ولا دخول بعد اليوم إلى القصر الرئاسي أو مجلس الوزراء إلا عبر بوابة الإنتخابات فقط.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى