أعمدة

تأملات  جمال عنقرة  أحمد هارون .. حر طليق

صديقنا الصحفي المايوي الراحل الأستاذ التجاني محمد أحمد كان عندما يحدثه إنسان بعد انتفاضة رجب أبريل ١٩٨٥م عن سقوط مايو، يدله علي الإنجازات العظيمة التي تحققت في عهد مايو، ويقول له إن حكومة مايو قد سقطت، ولكن مايو تظل باقية عبر إنجازاتها التي لا يستطيع أحد محوها، وكانت بعض القوي السياسية، لا سيما اليسارية قد قادت حملة تحت شعار “كنس آثار مايو” وأذكر من الأشياء التي أفلحت في كنسها، تغيير اسم حدائق مايو إلى حدائق أبريل، وحي العودة إلى حي المهندسين، وكان سور مجلس الشعب مصمم ٢٥ عمودا قصيرا بعدها خمسة أعمدة طويلة لتشير إلى ٢٥/٥، وافلحت كذلك في محو اسم الرئيس الراحل المشير جعفر محمد نميري من كل حجر أساس وضعه، أما فيما عدا ذلك، فلم يمحوا أثرا، ولم يبنوا شيئا يبقي أثرا بعد زول حكمهم، وأذكر أني كتبت مقالا يوم ٢٧ أبريل عام ١٩٨٩م، في صحيفة الوطن بعنوان “كشف حساب آثار مايو وآثار أبريل” لا يزال خالدا، وأذكر أن زوجتي السيدة مشاعر عبد المجيد “أم عمر” قالت أن هذا المقال لا يزال عالقا في ذهنها. تداعت لي هذه الذكريات بمناسبة ما يعتزم بعض الأوفياء الانقياء الاحتشاد من أجله الساعة الواحدة بعد ظهر غد الخميس في قاعة جامعة مامون حميدة تدشينا لحملة شعبية لإطلاق سراح الزعيم مولانا أحمد محمد هارون، المحبوس بغير جريرة، وبدون إتخاذ أية إجراءات ضده لنحو أربعين شهرا، وأقول أن الذين يعتقلون أحمد هارون، ولا أدري حتى هذه اللحظة من هو الذي يقف وراء اعتقال أحمد هارون، لكن أحمد هارون يظل حرا وراء السدود، فاحمد هارون يتحرك في كل مكان عبر ما حقق من إنجازات لم يسبقه عليها أحد، لا سيما في كردفان، وفي شمال كردفان بدرجة أكبر، وقبل أيام كان هناك تسجيل فيديو متداول لمواطن ذهب إلى العيد عند أهله في ديار الغرة، وعاد عبر طريق الصادرات أحد أهم وأعظم إنجازات أحمد هارون العظيمة، فسجل شهادته لهذا الإنجاز الحلم، وفي شهادته رد قوي للذي وصف طريق الصادرات بطريق الموت، وأذكر أن  أحد الكردافة سمع هذا الوصف فقال معلقا “مولانا يعمل ليكم الطريق، ويعلمكم السواقة كمان” ومعلوم أن أكثر الحوادث التي وقعت في طريق الصادرات، إن لم يكلها، أما للسرعة الزائدة، أو التخطي الخاطئ. وعندما أتحدث عن إنجازات مولانا أحمد هارون في كردفان، قطعا لا أتحدث عن الإنجازات في مجال البناء والتنمية وحدها، رغم أن هذه وحدها إنجازات لا تضاهي، وأذكر في زيارة لولاية جنوب كردفان عام ٢٠١٠م في رفقة نائب رئيس الجمهورية في ذاك الزمان الأستاذ علي عثمان محمد طه امتدت لأربعة أيام وكان ذلك في عهد حكم هارون للولاية، فكنت اسأل مرافقي عن بعض المنشآت التي تلفت نظري، فقال لي “أي حاجة سمحة في البلد دي يا عملها محمود حسيب، أو أحمد هارون” ولعلى ذكرت في مقال سابق أني قلت لأحد أهلي وأصدقائي الكردافة من أبناء عروس الرمال أبو قبة فحل الديوم، قلت له أن ما انجزه أحمد هارون لم ينجزه أحد طوال الخمسين عاما الماضية، فقال لي “ولا الخمسمائة عام الماضية” ولكن مع عظمة هذه الإنجازات فإن ما أنجز مولانا علي مستوي الإنسان الكردفاني، يعد الأعظم والاشمخ، فتجربة التعايش التي صنعها مع الحركة الشعبية في جنوب كردفان، لو كانت قيادات الحركة قد صدقت معه، وتجردت من أجل الوطن، لكان الحال غير هذا الحال، أما في شمال كردفان فما قام به أحمد هارون في توحيد الكردافة، والسمو بهم، وحشد طاقاتهم من أجل كردفان أمهم جميعا، عمل لم يسبق له مثيل، ولو لم ينجز أحمد هارون شيئا سوي أنه وحد كلمة الكردافة، وجعلهم صفا واحدا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، لكفاه ذلك، ويبقي هذا دين عظيم له علي عاتق كل كردافي، بالمعني الشامل للكردافي الذي وصفه أحمد هارون، ومنهم الذين درسوا في خور طقت، والذين يطربون للموسيقار عبد القادر سالم، والبلوم عبد الرحمن عبد الله، والشادي الأنيق صديق عباس، والذين تجذبهم مدائح البرعي، ويعجبهم ليمون بارا، والذين كانوا يهتفون “تنقا تنقا تنقا …. اوووو تنقا” وكل هؤلاء وغيرهم موعدهم غدا، ونتواصل حتى نري أحمد هارون حرا طليقا بإذن الله تعالي.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى