مقالات

صلاح الكامل يكتب::: مبادرات بمنعرج اللوي .. مقاربات بين ودبدر والأشعري ودريد بن الصمة !

● أعيش مع اسرتي في حي طرفي ضاحية العاصمة الخرطوم، نعيش مذ شهور ظروفا قاسية جراء حالة (التتريس) بالحجارة من جهة والرد علي (المترسين) بالبنبان من آخري، حيث نشهد يوميا عصرا حتي منتصف الليل حالة الكر والفر التي يقوم بها شباب متظاهرين وقوات نظامية، ارخت هذه الوضعية بسدولها علي حياتنا تعطيلا لمصالح الناس وإيقافا لحراك المواطن لجلب متطلباته، يضاف لذلك الضائقة المعيشية المستحكمة وهي بفعل فاعل يعطل دولاب العمل تحت زريعة إستمرار الحالة الثورية ! .. بين يدي ما سبق وزيادة لا يختلف اثنان في أن البلاد تعيش حالة ازمة سياسية حالكة انسحبت علي بقية المناحي اقتصادية، إجتماعية وآمنية والحال هكذا يضحي مجرد سياقة مبادرة غض النظر عن الإتفاق حولها او الإختلاف معها، هي في ذاتها عمل إيجابي ويضاف الي إيجابيتها لو انها جاءت من لدن طائفة الصوفية الغالبة في البلاد وجاء علي رأس مقدموها شيخ كبير تعرف موفقيتة في مساعيه وتلحظ مقبوليتة عند طيف واسع من مواطنيه، وهل في بلادنا من لا يعرف ودبدر؟! وهل يجهل الشيخ الطيب الجد العباس ودبدر خليفة الطريقة القادرية البدرية ؟! وهو بحساب النظرة النخبوية رجل مؤهل، خريج جامعي بتخصص محترم وصاحب تجرية واسعة في ساحات السلطة القضائية يعني لو لم يكن خليفة ولو لم يحمل قدسية المشيخة فانه مؤهل وحقيق بإعمال مبادرة يسهم بها في حل مشكل بلاد هو احد ابنائها، كل ذلك اذا اغفلنا (وانا لنا!) انه حفيد العارف المناضل ودبدر الكبير وينتسب لواحد من ركائز التاريخ السوداني المأثور كرما وجودا وصلاحا ذلكم هو جده لامه (آمنه) الخليفة حسب الرسول ودبدر المبذول في مدحه:

ﺍﻟﻜﺎﻥ ﺩﺍﻛﺎ ﺳﻴﺪﻱ ﺳﻴﺪﻱ ﺍﻻﺭﺍﻛﺔ
ﺃﺑﻮﻱ ﻭﻳﻨﻮ ﺍﻻﻳﺪﻭ ﻋﻄﺎﻳﺔ
ﺃﺑﻮﻱ ﻭﻳﻨﻮ ﻣﺮﻭﺍﺩ ﺍﻟﻌﻤﺎﻳﺎ
ﺃﺑﻮﻱ ﻭﻳﻨﻮ ﺑﺤﺮ ﺍﻟﻈﻤﺎﻳﺎ ﺍﻫﺎ ﻟﻴﻨﺎ ﺳﻴﺪﻱ ﺑﻌﺒﻲ ﺍﻟﻜﻴﻼ ﺃﺑﻮﻱ ﻭﻳﻨﻮ ﺳﻴﺪ ﺍﻟﻄﺎﺣﻮﻧﺔ
ﺃﺑﻮﻱ ﻭﻳﻨﻮ ﻛﺎﺳﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻳﺎ
ﺃﺑﻮﻱ ﻭﻳﻨﻮ ﺳﻴﺪ ﺍﻟﻘﺪﺡ ﺍﻟﺒﺠﺮ ﺳﻴﺪ ﺍﻟﺴﺎﻗﻴﺔ ﺍﻟﺒﺘﺨﺮ
ﺳﻴﺪ ﺍﻟﺤﻠﻘﺔ البكر
ﻧﺎﺭﻭ بتوقد ﻓﺠﺮ ﻭﻟﺪﻭﻫﻮ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ
ﺑﻤﺪﺡ ﻭ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﺑﻴﺎﺕ ﻟﻮﺩ ﺍشقر الخلوات
ﻭﻛﺖ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺑﻘﻰ ﺑﺎﻟﻤﻠﻮﺍﺕ ﻳﺎ ﺍﺏ ﺁﻣﻨﺔ ﺣﻮﺑﺘﻚ ﺟﺎﺕ

● يحضرنا ونحن في زمان المنعرجات التي بذل ودبدر لإستدراكها ما أجمع عليه جل اهل البلاد وهي مبادرة اللحظة الحاسمة التي قد يعقبها الضياع وإنهيار الدولة، يحضرنا ان الشاعر العربي الفحل دريد بن الصمة حينما خالفه قومه جهة المنزل في معركة يوم اللوي لامهم وقد انهزموا عن اخرهم :

أمرتهم أمرى بمنعرج اللـــوى
فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد
فلما عصونى كنت منهم وقد أرى
غــوايتهم وأننى غير مهتد

● لا يخلو التاريخ الانساني ولا الاسلامي من المنعرجات حيث أعقب حادثة التحكيم المشهورة بعد رفع المصاحف علي أسنة الرماح وقد وافق عليها الامام علي تحت طائلة إدراك الموقف مخافة الإنهيار وحفظا لبيضة الدين وصونا لدماء الامة، فجري التحكيم بين الصحابيين ابوموسي الأشعري ممثلا لجانب الامام علي وعمرو بن العاص ممثلا لجانب معاوية بن ابي سفيان وقد خرج علي اثر عدم طاعة الخليفة الراشد الخوارج وسل السيف في صفين والنهروان وازهقت ارواحا غالبة غالية واريقت دماءا عزيزة غزيرة وتري امير المؤمنين علي بن ابي طالب يصفها في خطبة له عقب التحكيم منشورة في كتاب نهج البلاغة :

( – فَإِنَّ مَعْصِيَةَ اَلنَّاصِحِ اَلشَّفِيقِ اَلْعَالِمِ اَلْمُجَرِّبِ تُورِثُ اَلْحَسْرَةَ وَ تُعْقِبُ اَلنَّدَامَةَ وَ قَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ فِي هَذِهِ اَلْحُكُومَةِ أَمْرِي وَ نَخَلْتُ لَكُمْ مَخْزُونَ رَأْيِي لَوْ كَانَ يُطَاعُ لِقَصِيرٍ أَمْرٌ فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ اَلْمُخَالِفِينَ اَلْجُفَاةِ وَ اَلْمُنَابِذِينَ اَلْعُصَاةِ حَتَّى اِرْتَابَ اَلنَّاصِحُ بِنُصْحِهِ وَ ضَنَّ اَلزَّنْدُ بِقَدْحِهِ فَكُنْتُ أَنَا وَ إِيَّاكُمْ كَمَا قَالَ أَخُو هَوَازِنَ:
أَمَرْتُكُمْ أَمْرِي بِمُنْعَرَجِ اَللِّوَى
فَلَمْ تَسْتَبِينُوا اَلنُّصْحَ إِلاَّ ضُحَى اَلْغَدِ)

● يلزم ان يتم التدارس والمطارحة حول متن المبادرة التي تطورات الي حالة نداء أهل السودان للوفاق الوطني وتمخضت مائدة مستديرة تولد عنها برنامجا تم التوقيع عليه علي عين العالم وبشهود دبلماسي كبير ومن خطل الراي ان يترك الراي ويتم (شيطنة) طارحه فجل الذين ايدوا المبادرة استحسنوا فقرات طرحها وادركوا عثرات وقتها وبعضهم يخالف الشيخ الجد عقيدة وفكرا (محمد مصطفي عبدالقادر مثالا)، بيد ان البعض قد (شيطن) و(خون) من بادر وترك المبادرة التي يعتقد مراقبون انها محاولة ادراك الحال والمآل قبل فوات آوان العلاج وتصرم زمان النصح، ويقول الفيلسوف افلاطون :

مَن يأبي اليوم قبول النصيحة التي لا تكلف شيئاً سوف يضطر في الغد إلي شراء الأسف بأغلي الأثمان

● منشور في الإنتباهة الصادرة اليوم الجمعه٢٠٢٢/٨/١٩م صفحة٦

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى