تقارير

: هل يعود حمدوك إلى رئاسة الوزراء؟

عادت التكهّنات في المشهد السياسي السوداني، حول إمكانية عودة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك إلى منصبه، بعد انسداد الأفق السياسي خلال الأشهر الأخيرة.

وطبقاً لتقارير صحافية محلية، فإنّ حمدوك بات مرشحاً بقوة لمنصب رئيس الوزراء، وذلك برعاية إماراتية. وأشارت صحيفة “اليوم التالي” إلى أنّ حمدوك المقيم في الإمارات، وافق على تلك العودة، كما سبق لصحيفة “الجريدة” أن كشفت عن رغبة العسكر في تشكيل حكومة كفاءات وطنية خلال الأيام المقبلة، وذلك بناء على رغبة المجتمع الإقليمي، ورشحت حمدوك رئيساً لها، ورئيس حزب التحرير والعدالة التيجاني السيسي، نائباً له.

وكان حمدوك قد تولّى السلطة في سبتمبر/أيلول 2019 بعد نجاح الثورة السودانية، وذلك بترشيح من قوى إعلان الحرية والتغيير، وأطاح به قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان عقب انقلابه في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ثم أعاده في 21 نوفمبر/تشرين الثاني بناء على اتفاق بينه وبين الانقلاب بعيداً عن تحالف “الحرية والتغيير”، إلا أنه استقال في الثاني من يناير/كانون الثاني، تحت ضغط الشارع الرافض للاتفاق وللانقلاب معاً.

ومنذ استقالته، غادر البلاد وأقام في الإمارات، وظهر في بعض المؤتمرات الدولية، ولم يعلّق مطلقاً على مجريات وتطورات الساحة السياسية، في حين رشحته آلية ثلاثية مكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد”، ليكون منسقاً وطنياً لمبادرتها لحلّ الأزمة السياسية، لكن الخطوة لم تكتمل لفشل المبادرة برمتها، بعد رفض تحالف الحرية والتغيير التعاطي معها بصورة أو بأخرى.

وشهدت الساحة السودانية في الآونة الأخيرة، جموداً سياسياً كنتاج طبيعي لإخفاق عدد من المبادرات المحلية والدولية في إحداث اختراق في الأزمة، آخرها المبادرة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والسعودية، والامارات، بوساطة سفرائها في الخرطوم، والتي لم تفعل شيئاً حتى الآن، سوى الجمع بين العسكر والمدنيين مرة واحدة، من دون أي تقدّم، فيما يستمر الفراغ الدستوري بعد أن عجز الانقلاب، ولما يقارب العام، عن تشكيل حكومة.

ولا تراهن كثير من القوى السياسية المناهضة لانقلاب قائد الجيش، كثيراً على عودة حمدوك إلى منصب رئيس الوزراء من جديد، دون المضي في إسقاط العسكر كلياً وإعادتهم لثكناتهم، في حين تعارض القرار أيضاً القوى المؤيدة للنظام القديم، نظام الرئيس المعزول عمر البشير، والتي تعيش شهر عسل حالياً مع الانقلاب، بعد أن سمح لها باستئناف نشاطها، وعودة قيادتها من الخارج، بدليل عودة آخر رئيس وزراء في عهد البشير، محمد طاهر إيلا، الأسبوع الماضي، من منفاه في مصر، والذي دشن نشاطاً جماهيرياً واسعاً في شرق السودان.

بروباغندا
يقول القيادي بحزب التجمّع الاتحادي، المنضوي تحت لواء “الحرية والتغيير” محمد عبد الحكم، لـ”العربي الجديد”، اليوم السبت، إنّ الحديث عن عودة حمدوك هي مجرد “بروباغندا” يُراد منها خلق رأي عام لتسويق الفكرة، معتبراً أنّ الأمر سابق لأوانه، لأنّ “هناك عملية سياسية متواصلة غير مباشرة ما بين المكوّن العسكري وقوى الثورة، تشرف عليها اللجنة الرباعية، ولم تصل بعد لمرحلة اختيار رئيس الوزراء”.

ويضاف، بحسب عبد الحكم، أنّ تلك العملية السياسية، برؤية “الحرية والتغيير”، هدفها إنهاء الانقلاب وإعادة العسكر للثكنات، وإذا لم يحدث ذلك فلن يجري التفكير في اختيار رئيس الوزراء، والذي هو آخر مراحل العملية السياسية، مبيّناً أنه حتى ولو وصلت العملية إلى تلك المرحلة، فلن يكون حمدوك أحد الخيارات لمنصب رئيس الوزراء، “لأن قوى الثورة اتخذت موقفاً واضحاً منه، عقب توقيعه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتفاقاً مع البرهان حاول شرعنة الانقلاب، كما أنّ حمدوك خذل الثورة بصمته عن قتل الشهداء وعن دعم الثورة الحالية، ولم يدلِ بأي بتصريح ولو واحدا، كما أنه غادر البلاد والشعب يخوض معركة ضد الاستبداد والظلم، والقائد الحقيقي لا يغادر تاركاً جيشه في أرض المعركة”، على حدّ قوله.

من جهته، يرى المحلل السياسي بكري المدني، أنّ التفكير في إعادة حمدوك إلى موقعه “يعبّر عن فقر حاد لدى المجموعة المناط بها اختيار رئيس الوزراء، وهو فقر بدأ في سنوات النظام السابق الأخيرة، واستمرّ بعد الثورة ومن ثم بعد 25 أكتوبر، بعد أن أعيد حمدوك لمنصبه، وها هي حالة ضيق الأفق تعود مرة أخرى”، مضيفاً لـ”العربي الجديد” أنّ “الفشل للمرة الثالثة سيكون من نصيب حمدوك إن وافق على العودة، خصوصاً أنّ المشهد السياسي ازداد تعقيداً ويختلف كثيراً عن مراته السابقة”.

ويشير المدني إلى أنّ “حمدوك يحظى بقبول دولي وإقليمي، لكنه خسر الكثير من رصيده السياسي في الفترة السابقة، وسيجد معارضة من قوى النظام السابق ومن الحزب الشيوعي معاً، ولن يتحمّس له تحالف الحرية والتغيير، وستعارضه بعض من لجان المقاومة، بعد أن فقدت الثقة فيه منذ وقت مبكر”.

غير أن حاتم الياس، وهو موظف سابق في حكومة حمدوك السابقة، يعتبر من جهته أنّ فرص عبد الله حمدوك “لا تزال واسعة في العودة وفي النجاح، كونه مصدر توافق شعبي واسع لا تستثنى منه إلا النخب السياسية”، مشيراً لـ”العربي الجديد” إلى أنه “من مصلحة قوى إعلان الحرية والتغيير مساندته للمحافظة على مسار الثورة”، داعياً التحالف إلى “التحلي بالذكاء في هذه المرحلة لأنّ أي عودة لحمدوك تعني إنهاء الانقلاب، وهو الكنز الذي ظلت تبحث عنه خلال الأشهر الماضية”، وفق قوله.

وأضاف الياس أنّ الانتقاد الذي وُجّه لحمدوك بشأن توقيعه على اتفاق 21 نوفمبر “لم يكن صائباً”، موضحاً أنّ “حمدوك سعى من خلاله إلى المحافظة على مكتسبات الثورة والدعم الدولي للسودان، لكن وقوف قوى الثورة ضده هو ما عجل باستقالته، وعلى تلك القوى تصحيح مواقفها”.
وكان حمدوك قد تولّى السلطة في سبتمبر/أيلول 2019 بعد نجاح الثورة السودانية، وذلك بترشيح من قوى إعلان الحرية والتغيير، وأطاح به قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان عقب انقلابه في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ثم أعاده في 21 نوفمبر/تشرين الثاني بناء على اتفاق بينه وبين الانقلاب بعيداً عن تحالف “الحرية والتغيير”، إلا أنه استقال في الثاني من يناير/كانون الثاني، تحت ضغط الشارع الرافض للاتفاق وللانقلاب معاً.

ومنذ استقالته، غادر البلاد وأقام في الإمارات، وظهر في بعض المؤتمرات الدولية، ولم يعلّق مطلقاً على مجريات وتطورات الساحة السياسية، في حين رشحته آلية ثلاثية مكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد”، ليكون منسقاً وطنياً لمبادرتها لحلّ الأزمة السياسية، لكن الخطوة لم تكتمل لفشل المبادرة برمتها، بعد رفض تحالف الحرية والتغيير التعاطي معها بصورة أو بأخرى.

وشهدت الساحة السودانية في الآونة الأخيرة، جموداً سياسياً كنتاج طبيعي لإخفاق عدد من المبادرات المحلية والدولية في إحداث اختراق في الأزمة، آخرها المبادرة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والسعودية، والامارات، بوساطة سفرائها في الخرطوم، والتي لم تفعل شيئاً حتى الآن، سوى الجمع بين العسكر والمدنيين مرة واحدة، من دون أي تقدّم، فيما يستمر الفراغ الدستوري بعد أن عجز الانقلاب، ولما يقارب العام، عن تشكيل حكومة.

ولا تراهن كثير من القوى السياسية المناهضة لانقلاب قائد الجيش، كثيراً على عودة حمدوك إلى منصب رئيس الوزراء من جديد، دون المضي في إسقاط العسكر كلياً وإعادتهم لثكناتهم، في حين تعارض القرار أيضاً القوى المؤيدة للنظام القديم، نظام الرئيس المعزول عمر البشير، والتي تعيش شهر عسل حالياً مع الانقلاب، بعد أن سمح لها باستئناف نشاطها، وعودة قيادتها من الخارج، بدليل عودة آخر رئيس وزراء في عهد البشير، محمد طاهر إيلا، الأسبوع الماضي، من منفاه في مصر، والذي دشن نشاطاً جماهيرياً واسعاً في شرق السودان.

بروباغندا
يقول القيادي بحزب التجمّع الاتحادي، المنضوي تحت لواء “الحرية والتغيير” محمد عبد الحكم، لـ”العربي الجديد”، اليوم السبت، إنّ الحديث عن عودة حمدوك هي مجرد “بروباغندا” يُراد منها خلق رأي عام لتسويق الفكرة، معتبراً أنّ الأمر سابق لأوانه، لأنّ “هناك عملية سياسية متواصلة غير مباشرة ما بين المكوّن العسكري وقوى الثورة، تشرف عليها اللجنة الرباعية، ولم تصل بعد لمرحلة اختيار رئيس الوزراء”.
ويضاف، بحسب عبد الحكم، أنّ تلك العملية السياسية، برؤية “الحرية والتغيير”، هدفها إنهاء الانقلاب وإعادة العسكر للثكنات، وإذا لم يحدث ذلك فلن يجري التفكير في اختيار رئيس الوزراء، والذي هو آخر مراحل العملية السياسية، مبيّناً أنه حتى ولو وصلت العملية إلى تلك المرحلة، فلن يكون حمدوك أحد الخيارات لمنصب رئيس الوزراء، “لأن قوى الثورة اتخذت موقفاً واضحاً منه، عقب توقيعه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتفاقاً مع البرهان حاول شرعنة الانقلاب، كما أنّ حمدوك خذل الثورة بصمته عن قتل الشهداء وعن دعم الثورة الحالية، ولم يدلِ بأي بتصريح ولو واحدا، كما أنه غادر البلاد والشعب يخوض معركة ضد الاستبداد والظلم، والقائد الحقيقي لا يغادر تاركاً جيشه في أرض المعركة”، على حدّ قوله.

من جهته، يرى المحلل السياسي بكري المدني، أنّ التفكير في إعادة حمدوك إلى موقعه “يعبّر عن فقر حاد لدى المجموعة المناط بها اختيار رئيس الوزراء، وهو فقر بدأ في سنوات النظام السابق الأخيرة، واستمرّ بعد الثورة ومن ثم بعد 25 أكتوبر، بعد أن أعيد حمدوك لمنصبه، وها هي حالة ضيق الأفق تعود مرة أخرى”، مضيفاً لـ”العربي الجديد” أنّ “الفشل للمرة الثالثة سيكون من نصيب حمدوك إن وافق على العودة، خصوصاً أنّ المشهد السياسي ازداد تعقيداً ويختلف كثيراً عن مراته السابقة”.

ويشير المدني إلى أنّ “حمدوك يحظى بقبول دولي وإقليمي، لكنه خسر الكثير من رصيده السياسي في الفترة السابقة، وسيجد معارضة من قوى النظام السابق ومن الحزب الشيوعي معاً، ولن يتحمّس له تحالف الحرية والتغيير، وستعارضه بعض من لجان المقاومة، بعد أن فقدت الثقة فيه منذ وقت مبكر”.

غير أن حاتم الياس، وهو موظف سابق في حكومة حمدوك السابقة، يعتبر من جهته أنّ فرص عبد الله حمدوك “لا تزال واسعة في العودة وفي النجاح، كونه مصدر توافق شعبي واسع لا تستثنى منه إلا النخب السياسية”، مشيراً لـ”العربي الجديد” إلى أنه “من مصلحة قوى إعلان الحرية والتغيير مساندته للمحافظة على مسار الثورة”، داعياً التحالف إلى “التحلي بالذكاء في هذه المرحلة لأنّ أي عودة لحمدوك تعني إنهاء الانقلاب، وهو الكنز الذي ظلت تبحث عنه خلال الأشهر الماضية”، وفق قوله.

وأضاف الياس أنّ الانتقاد الذي وُجّه لحمدوك بشأن توقيعه على اتفاق 21 نوفمبر “لم يكن صائباً”، موضحاً أنّ “حمدوك سعى من خلاله إلى المحافظة على مكتسبات الثورة والدعم الدولي للسودان، لكن وقوف قوى الثورة ضده هو ما عجل باستقالته، وعلى تلك القوى تصحيح مواقفها”.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى