أعمدة

(تأملات) .. جمال عنقرة كباشي.. وجه السودان المشرق

بقدرما تسعدني صلة القربي الحميمة بيني وبين سعادة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة، والتي تحدثت عنها تفصيلا قبل ذلك علي أيام واقعة الحتانة القبيحة، حيث أن حبوبتنا بخيتة جدة والده كباشي، والشيخ جبارة عمر جدي لوالدتي، وثالثهم نيل والد خالنا عباس نيل أشقاء لزم، إلا أن هذه الصلة- رغم اعتزازي بها – لكنها في كثير من الأحيان تلجم قلمي، ولا أطلق له العنان لينساب، ويسكب مدادا من ذهب، في حق هذا الفارس الذهب، الذي يثبت كل يوم أنه من معدن أغلي من الذهب، ومع ذلك أبسط قلمي في هذا المقال ما شاء الله له من البسط، من أجل الوطن والمواطن، قبل أن يكون ذلك من أجل ابن أخي الذي يشرف الوطن قبل أن يكون شرفا لنا نحن أهله وعشيرته.
مناسبة هذا المقال، الإفطار التاريخي الذي دعا له السيد كباشي يوم السبت الماضي الخامس عشر من شهر رمضان في نادي النيل، والذي أمه جمع من أهل السودان يمثلون كل مكوناته تقريبا، بمن في ذلك غير المسلمين، ولكن قبل الحديث عن هذا الإفطار الحدث، لا بد من وقفة عند يوم الجمعة الذي سبقه، وكان فيه إفطار الزعيم الراحل المقيم المجاهد الحكيم الحاكم عبد الرسول النور له الرحمة والمغفرة، والذي شكل فيه السيد كباشي حضورا نبيلا، وأذكر قبل أكثر من عامين بقليل طلب منى الفريق أول كباشي ترشيح مرافقين له من غرب كردفان لمرافقته في زيارة للولاية، فقلت له ان خير من يفتح لك هذا الباب هو السيد عبد الرسول النور، وعبد الرسول له الرحمة والمغفرة تربطني معه صلات واواصر كثيرة وعميقة، فاتصلت به، واعطيته الفريق كباشي في التلفون حياه تحية تليق بمقامه الرفيع، ودعاه لمرافقته في زيارته للولاية التي يبداها بحاضرة الولاية مدينة الفولة، فقبل الزعيم الدعوة بترحاب شديد، ولما جاء وقت الزيارة اتصل بي الفريق كباشي لتبليغ الزعيم، فوجدته في مشروعه الزراعي في منطقة الجبلين ببحر أبيض، لكنه أصر علي الوفاء بوعده، فقال لي إن كباشي أول من إتصل به من الحكام الجدد، وانزله منزلا كريما، لذلك سوف يتحرك من الجبلين إلى الفولة برا ليستقبله هناك، وبالفعل عندما وصل كباشي الفولة، وجد الزعيم علي رأس مستقبليه، ورافقه طوال رحلته، وكان في كل منطقة يزورها يقدمه الزعيم إلى أهله فيحسنون إستقباله، ورفض الزعيم أن يعود من الفولة، فوصل معه النهود، وقدمه هناك إلى حبيبه ورفيق دربه كبير قبائل حمر الأمير عبد القادر منعم منصور، الذي تولي تقديمه لأهله. ولما اقمت دعوة علي شرف الفريق أول ركن شمس الدين كباشي في بيتنا في الحتانة، كان الزعيم الحكيم المجاهد علي رأس مستقبليه أيضا، ولما افتري عليه وعلينا بعض الصبية المضللين، كان الزعيم الحكيم أول من صدح بشهادة الحق، ولما جاء نبأ رحيل الزعيم المفجع كان الفريق أول من هب لتقديم واجب العزاء في فقيد الوطن العزيز، ولما أرسل لي الأسبوع الماضي الابن مسلم دعوة أهلنا المسيرية للمشاركة في إفطار ينظمونه إحياء لذكري فقيدنا وفقيدهم الحبيب، ومعها دعوة أخري للفريق كباشي، وكتب عليها معلقا “في حضوره عز وشرف لنا” رد كباشي “لا خير فينا إن لم نجب دعوة لإحياء ذكري زعيم أعطي ولم يستبق شيئا، وفي مشاركتنا أهلنا المسيرية عز وشرف لنا نحن” ولما كانت الدعوة تصادف يوم إفطار الفريق الركن ياسر العطا عضو مجلس السيادة الذي يشرفه رئيس مجلس السيادة سعادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ذهب كباشي إلى هناك، حلل عندهم إفطاره، وصلي معهم المغرب، وبعد ربع ساعة فقط كان مع أهله المسيرية في إفطار الزعيم الراحل الحاكم الحكيم، جاء بغير زفة ولا حراسة، وجلس بينهم واحدا منهم، حياهم فردا فردا، واحسنوا إستقباله والترحيب به، وحرص علي حضور البرنامج حتى نهايته، رغم أنهم اذنوا له بالخروج لكثرة مشغولياته.
يوم إفطاره المشهود طلب منى الأخ الحبيب اللواء الركن دكتور أبوبكر فقيري، منظم اللقاء ومعه العزيز المقدم كمال مدير مكتب سعادة الفريق أول، الحضور مبكرا لاقف معهم في الإستقبال، فتحركت مبكرا مع رفيقي الدكتور يوسف الناير مدير عام هيئة إذاعة وتلفزيون الخرطوم، ومولانا معاوية أبو قرون رئيس الإدارة القانونية بولاية جنوب كردفان، ورغم أننا قد وصلنا قبل نصف ساعة من الإفطار لكننا وجدنا سعادته قد وصل قبلنا بفترة يقف بنفسه علي إستقبال ضيوفه يرحب بهم فردا فردا، ويعرفهم جميعا بالإسم والصفة، صغيرهم قبلكبيرهم، وأذكر عندما وقفت مجموعة لتلتقط معه صورا تذكارية، وشاهد الفنان الكبير الدكتور عبد القادر سالم، قال لهم “تعالوا كلنا نتصور مع الموسيقار الكبير” وعندما حاولت تعريفه بالأخ الشاعر مختار دفع الله قال لي “الأستاذ مختار نعرفه باعماله الخالدة” وعندما قدمت له الأخ مصطفي كبر قال له “مرحب عمدتنا عمدة الجوامعة” وداعب السفير خالد فرح “خالد باريس، ولا خالد الرهد أبو، دكنة مسكين ما سكنه” ولما قدمت له ابننا الإعلامي الألمعي مصعب محمود، قال لي “ولدك سادي كل الفرقات، التلفزيون القومي، والشرطة، وساهرون، وفرقات كتيرة” ولما قدمت له مولانا معاوية أبو قرون بصفته رئيس الإدارة القانونية بولاية جنوب كردفان سألني “القديم ولا الجديد ” فلما قلت له الجديد، قال له “الناس هناك ذاكرنك بالخير” وكان إستقباله للشاعر إسحاق الحلنقي رائعا كروعة أشعار الحلنقي، وكذا الحال بالنسبة لحبيبنا الفنان سيف الجامعة، وفي دقيقة واحدة أو أقل أثبت للدكتور محمد الناير أنه يتابع كل ما يقول ويكتب في شأن الإقتصاد السوداني، أشاد بكل ما كتب، وعلق علي بعضه، واستقبل كل نجوم الصحافة بأسمائهم، مصطفي ابو العزائم، النور أحمد النور، يوسف عبد المنان، عاصم البلال، محمد عبد القادر، إمام محمد إمام، حسن محمد صالح، الطاهر ساتي، عادل سناة. هاشم القصاص، عبد الباسط. ومثلما كان أول الحاضرين إلى نادي النيل، حيث كان الإفطار الفخيم، كان آخر من غادره، بعد أن ودع ضيوفه جميعا فردا فردا، وظل طوال هذه الفترة واقفا، شامخا، هاشا باشا.
بقدرما شهدت مناسبات اجتماعية جامعة، لم اشهد قريبا مثل إفطار كباشي، الذي اعتبره كثيرون بشارة خير وفال حسن، لا سيما وأنه أتي في وقت يتهيأ فيه السودان إلى تحول كبير يتراضي فيه فرقاء السياسة في بلدنا علي قواسم مشتركة – وما أعظمها من قواسم ‘ واعتبر كثيرون السيد كباشي واحدا من هذه القواسم، فهو يكاد يمثل جماع خصائل أهل السودان الحميدة، ومثله يمثل فرس رهان كاسب لقيادة المرحلة مع رفقائه، ومع الوطنيين من أهل بلدي لما فيه خير البلاد والعباد، وبالله التوفيق والسداد.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى