أعمدة

مصطفى ابوالعزائم يكتب في (بُعْدٌ .. و .. مسَافَة) .. نسيجنا الإجتماعي يتمزّق ..!

نعم .. نسيجنا الإجتماعي يتمزّق ، وكثيرون منّا يزيدون الفتق ، وبعض يتفرّج ، وقِلّةٌ تحاول رتق الفتق لأنها تعرف المخاطر ، والتي لا نتيجة لها سوى الحروب الأهلية ، والتي لاحت نذرها في الأفق ، بينما السّاسة والقادة الإفتراضيون يصبون زيت الفتنة في نار الخلافات ، ولايبغون من ذلك إلا ضمان مقاعد الحكم والسلطة .
تنامى خطاب الكراهية والتحقير في مجتمعنا الذي كان نموذجاً للتماسك والتآخي ذات يوم ، وأطلق دعاة الفتنة ، الذين يمشون بها بين القبائل ، والمناطق ، يفرّقون بين عرق وعرق ، وبين عنصر وآخر ، أطلق دعاة الفتنة مصطلحاً يدغدغون به رغبات البعض وعواطفهم ، وتبث بينهم خطاب التهميش ، من خلال مصطلح ” المركز والهامش ” وهو مصطلح يتم إستغلاله سياسياً لخدمة أجندة خاصة ، حزبية وشخصية وعرقية وعقائدية للأسف الشديد .
إنتشر خطاب الكراهية وتشدّد البعض وتطرّف ، وأخذت النيران تمسك بأطراف الوطن من كل جانب ، وزحفت نحو المركز المتوهّم ، بل إمتد خطاب الكراهية للتفريق بين ماهو مدني وماهو عسكري ، وهذه أعلى درجات التحريض من أجل تفكيك الدولة بضرب مؤسساتها ، وإشعال نار الفتنة بينها ، فالذي نشاهده الآن ليس أكثر من إنعكاس لما أشرنا إليه .
أجد نفسي وعدد من زملائي في المنتدى السوداني للتنمية الثقافية والإعلام ممن يهتمون بهذا الموضوع الخطير ، فقمنا بترتيب ورشة عمل حول دور الإعلام في مناهضة خطاب الكراهية ، بالتعاون مع المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية ، وذلك لمدة يومين في الفترة من ( 13 / 14 ) من يونيو الماضي ؛ وكان غيرنا يهتم بذات الموضوع ، وقد نظّمت أكاديمية نميري العسكرية العليا ، ندوتها المنهجية الثانية عن خطاب الكراهية وأثره على الإستقرار السياسي في السودان ، لدورتي الدفاع الوطني رقم “34” والحرب العليا رقم”22″ في الثالث والعشرين من يونيو الذي مضى ، وكنا عليها من الشاهدين.
وقد سعِدتُ كثيراً عندما تلقّيتُ دعوة كريمة من المركز السوداني المستقل للدراسات الإجتماعية والإستشارات ، لحضور ندوة حملت عنوان ” خطاب الكراهية وأثره على النسيج الإجتماعي في السودان ” ، وهو مؤشر جيّد لإهتمام المراكز البحثية ، والعلمية ومنظمات المجتمع المدني ، بهذا الأمر الخطير ، وكل الذي رأيناه كان ولا يزال ناقوس خطر عالي الصوت ، لكن هل يسمعنا أهل السياسة وطلاب السلطة ..؟
في ورشة خطاب الكراهية وأثره على النسيج الإجتماعي في السودان ، التي نظمها المركز السوداني المستقل للدراسات الإجتماعية والإستشارات يوم الإثنين الماضي بقاعة الشارقة ، كان البرنامج حافلاً ، والأوراق المقدّمة حفلت بالموضوعية والعلم والمنطق والتنبيه من المخاطر المحتملة والمؤكدة ، ووقف على دقائق وتفاصيل الورشة الدكتور ياسر العبيد مدير المركز ، وقد جاءت تحت رعاية الدكتورة سلمى عبدالجبار المبارك ، عضو مجلس السّيادة ، وقدم الأوراق البروفيسور علي محمد شمو ، والدكتور أحمد المفتي ، والدكتورة فاطمة العاقب ، والمهندس الدكتور عمر البكري أبوحراز ، بينما كان مبتدرو النقاش البروفيسور السماني هنون ، واللواء شرطة دكتور حسن التجاني ، والسفير الدكتور علي يوسف ، والدكتور عبدالمجيد عبدالرحيم .
ما حدث كان يستحق الرصد والمتابعة والنشر ، وكنا نتمنى لو أن مجريات الورشة وتفاصيلها ومخرجاتها كانت على الهواء مباشرة حتى تعم الفائدة ، ويبقى الأثر .
الموضوع مهم وكبير وخطير ، ونتمنى أن يستمر هذا الحراك ، وأن يتم الطرق عليه ، مع رفع توصيات هذه الورش والندوات والدورات الخاصة إلى متخذي القرار في أعلى مستوى ، فبلادنا تضيع أمام أعيننا ، ومن العيب أن نكون من المتفرجين ولا نقوم بفعل إيجابي ، أو نصدر من التشريعات الصارمة ، المتضمنة عقوبات رادعة لكل من ينشر خطاب الكراهية ويشق الصف الوطني الواحد .

Email : sagraljidyan@gmail.com

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى