مقالات

لواء شرطة م عثمان صديق البدوي يتكتب في (قيد في الأحوال ) .. أقاشي من لحوم حمير وحصين… “علِينا جاي” !!

كتبتُ عدة مرّات، أنّهُ يجب في حالة إصدار أي خبر أو بيان من الشرطة يتعلّق بالعمل الجنائي أو أيٍ من الحوادث ، أن تكون مرجعيتها في ذلك هي سجلات الشرطة الجنائية، التي تُوضِّح رقم البلاغ ، والتاريخ ، والمادة من القانون ، ومكان فتح البلاغ ، والإجراءات التي اتخذتها الشرطة.

بهذه الطريقة يطمئن القارئ لصِحّة الخبر ، لأنّ مصدره الأوّل هو سجلات الشرطة التي لا شك فيها، وأنّ ما يعقب البلاغ محاكمة رادعة ، تُنذر كل من تسوِّل له نفسه . أمّا أن يصدر الخبر أو البيان غير مشفوع برقم البلاغ وتاريخ البلاغ ومكان فتح البلاغ ، وعدم ذكر المتهمين ولو بالأحرف الأولى ! ، فبالتأكيد يصبح هذا الخبر ، بين مصدِّق ومكذِّب ! ، وقد تحوم حوله الشكوك والشبهات والأسئلة الكثيرة المثيرة !.

قبل يومين ، حملت بعض الصحف ووسائط التواصل الإجتماعي خبراً تحت عنوان :

“ضبط لحوم حمير وحصين تُستخدم في الأقاشي بالخرطوم” !

جاءت تفاصيل العنوان أنّ شرطة الخرطوم أطلقت أضخم حملة من نوعها، استهدفت مناطق الهشاشة الأمنية بالولاية والمناطق المصدّرة للجريمة ، وأضاف الخبر أنّ الحملة بدأت بمحليتي أمبدة وكرري في أم درمان ، وأسفرت عن ضبط كميات كبيرة من اللحوم” الكيرِي” تبيّن أنها عبارة عن لحوم “حمير وحصين نافقة” تُستخدم في صناعة الأقاشي والشاورما ”
إنتهى الخبر

إنّ نشر خبر مثل هذا، دون ذكر مضابط لسجلات الشرطة ، بالتأكيد سيواجَه بإنتقادات عديدة وعنيفة ، وهلع ومخاوف من بسطاء المجتمع، وأسئلة كثيرة ، مثل ، هل هناك حمير وحصين تُنفَق في تلك المناطق ، بهذه الكميات الضخمة التي ذكرها البيان ، حتى يتم عرضها يومياً في الأسواق ؟!……ومِثل أنْ يكتب آخرون في ذات الوسائط ، أنّ هناك حملات عدوانية وإساءة إجتماعية تستهدف تلك المناطق ، تقف وراءها مطاعم حديثة ، مثل مطاعم البيتزا والهوت دوق وغيرها ، والتي هجرها معظم محدودي الدخل ليلجئون لمحلات الأقاشي ، بأسعار تتماشى مع مصادر دخلهم .

وحتى تكون الشرطة في موقف الحياد ، وتقوم بعملها بكل مهنيّة ، عليها وعند القيام بمثل هذه الحملات أن تصحب معها الجهات الفنية المختصة مثل الطبيب البيطري وضابط الصحة ، للقيام بعملية الكشف وكتابة التقرير الفني الذي يؤكد الواقعة ، كما عليها ، التقيُّد بالمهنية ومرجعية سجلاتها الجنائية التي تؤكد فتح البلاغ والقبض على المتهمين واتخاذ كافة الإجراءات ، وإيضاح تلك الجوانب الفنية في الخبر أو البيان .

وحتى تسلم أخبار الشرطة وبياناتها من أي تكهنات ومآلات ، يجب أن يكون مصدر الخبر والبيان موحّد ، هو الناطق الرسمي باسم الشرطة ، وليس تصريح من أي شرطي ، ومن واقع سجلات الشرطة بالتاريخ والساعة ، وسلامة اللغة من أي كلمات قد تمس المجتمعات ، مثل عبارات “مناطق الهشاشة الأمنية والمناطق المصدّرة للجريمة” ! ، في حين أنّ الشرطة تعلم ، إنْ كانت هناك هشاشة أمنية، فسببها الشرطة !… كما أنّه ليس هناك مناطق مصدِّرة للجريمة كما جاء في الخبر ، إنما هناك معتادو إجرام يقيمون في تلك المناطق ، أو يرتادونها ! ، وليس كل المجتمع بالطبع مصدِّر للجريمة .

كل أمنياتنا أحوال هادئة، وأخبار وقيود تبشِّر بطمأنينة .

وجمعة مباركة على الجميع

وشرطة طيبة

لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
23 سبتمبر 2022

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى