أعمدة

دلالة المصطلح وقيع الله حمودة شطة مناقشة خطابات الفريق كباشي في جنوب كردفان (٢)

ذكرت في المقال الأول أن الزيارة حققت نجاحاً كبيراً على مستويات عدة نفصلها عند مناقشة عناصر ومرتكزات الخطاب الكلية ، غير أني بداية نشير إلى بعض التحديات والمشكلات التي ظلت تؤرق مضاجع مواطني ولاية جنوب كردفان ، وهذه المشكلات ذكرتها في ثنايا تقرير صحفي كتبته بتاريخ 16 مارس 2022 تحت عنوان( هل تعزز المصالحات القبلية مشروع السلام بجنوب كردفان) ؟ ومنها: تصاعد وتيرة الصراع القبلي التي توجت بمأساة مجزرة كادوقلي التي ، راح ضحيتها حوالي مئتين شخص من مختلف أطراف الصراع في أيام معدودة ، وهي التي عجلت بقيام مؤتمر المصالحة ، الذي دعا إليه عقلاء بين مكونات كادوقلي الكبري ، تنامي جرائم النهب المسلح والسلب والسرقات المتكررة التي صارت عادة معيشة ، قفل الطريق القومي الأبيض الدلنج كادقلي بصور متكررة ترتبت عليها خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات والحريات العامة ، التفلتات الأمنية اليومية التي دخلت مرحلة الظاهرة على امتدادات الطريق الدائري الحزين حاله منذ ما يقارب نصف قرن من الزمان ، خاصة في محيط محليات قدير وأبوجبيهة والعباسية تقلي ، وأحداث النهب والقتل الموارة التي أخذت طابع الجريمة المنظمة في محليتي أبو كرشولا والتضامن ، الأحداث القبلية المتجددة في محيط محلية الدلنج ، تعطل عمليات التنمية على قلتها ، نتيجة الآثار الأمنية السالبة ، فضلاً عن تراجع عائدات الولاية الذاتية ، نتيجة ضعف الإنتاج والإنتاجية في قطاعات الزراعة والرعي والغابات والتعدين ، للإضطرابات الأمنية والتشققات العميقة التي أصابت جدران التعايش السلمي واللحمة الاجتماعية ، توسع دائرة نفوذ الحركة الشعبية في مناطق واسعة خاصة في محلية العباسية تقلي وأبو كرشولا ، نتيجة ظاهرة جمود تحركات القوات المسلحة بمخدر وقف النار أو الهدنة من جانب واحد ، حيث ضاعت هناك هيبة الدولة في غربي العباسية خاصة منطقة (تبسة) وصارت الحركة الشعبية هي التي تتحصل على الإيرادات ورسم الطرق والمرور ! وعطلت عمل المنظمات العاملة في مجال الصحة والتعليم والمياه والطوارئ ، والقوات المسلحة والقوات الأمنية في العباسية والموريب تتفرج على المسرحية السمجة التي يدفع ثمنها الغالي مواطنو تلك المناطق ، إنتشار ظاهرة الخطف والتهديد بالدراجات النارية (المواتر) حول محيط كادوقلي بل داخل أحياء كادوقلي والطرق والأرياف المودية إلي محلية التضامن ، خاصة في مناطق (تب الزراف ووكرة وبلولة) على الحدود بين محليتي العباسية والتضامن ، تهديد مناطق التعدين في مثلث الذهب( الليري تلودي وقدير) الذي روع وفرق عمال التعدين وأصحاب الأنشطة التجارية المصاحبة للتعدين ، ضعف مقدرات الشرطة ووسائل الحماية والحركة لديها ، وقلة أفرادها خاصة في محليات هبيلا و التضامن والقوز وقدير والعباسية بالتحديد غرب العباسية منطقة (قردود ناما) ، وشرق العباسية منطقة (الدبادب) ، إنتشار فوضي المحاكم غير الشرعية التي نصبتها الحركة الشعبية في مناطق عديدة خاصة في مناطق (طاسي والموريب وتبسة) غربي العباسية تقلي والتي صارت مهددا مباشرا للنسيج الاجتماعي وحياة المواطنين ومهددا رئيسيا لاقتصادهم المتهاوي ، حيث تمارس الحركة الشعبية في تلك المناطق غرامات مالية ضخمة علي المواطنين المدنيين العزل الفقراء المغلوبين على أمرهم تحت التهديد والإرهاب والحصار ، تبدأ الغرامات المالية بمائة ألف وخمسمائة ألف وتصل إلى مليار ومليارين بطرق لا تمت إلى مواد القانون والعدالة بصلة! ، تهديد مناطق إنتاج الصمغ العربي والمشاريع الزراعية في جنوب وشرق ريفي أبو جبيهة في مناطق (الطيارة والحمرة أبو خويتم وجديد وأبو نوارة والمقينص) و(خور الطينة) شمالي أبو كرشولا ، يضاف إليها المحن الكبري القديمة ممثلة في توقف مشروع الطريق الدائري الإستراتيجي ، والحرب الأهلية بالوكالة في جبال النوبة الغربية ، وأجزاء واسعة على تخوم محليات رشاد والعباسية تقلي وأبو كرشولا ، توقف مشروعات التنمية (مصنع نسيج كادوقلي ، مؤسسة جبال النوبة الزراعية ، خزان ميري ، هبيلا الزراعية ، مصنع تاندك للفاكهة جنوب رشاد) ، ضعف تطبيق قرارات الولاة ، مشكلة التعليم وتدهور بيئاته وتحديات الفاقد التربوي والتسرب المتصاعد للتلاميذ في سن التمدرس ، نتيجة الحرب والفقر والحرمان ، الفساد المالي والإداري في مؤسسات الولاية ، حالة السيولة والتوهان التي تجتاح صلاحيات ووظائف الإدارة الأهلية وغيرها.. هذه صورة ماثلة من التحديات تواجه الولاية وحياة المواطنين هناك !
وبعدها نشير مرة أخري إلي أن زيارة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي قد حققت مردودا إيجابيا ترك بصمات واضحات علي مشاعر الرأى العام في الولاية ، التي وصلت مرحلة حرجة من الإحتقان والتوتر ، والإحباط ، حيث تنفست الولاية الصعداء وهبت رياح الأمل في الخلاص من المشكلات بعد الزيارة المهمة للفريق أول كباشي ، وتحتاج إلتزامات خطابات الفريق كباشي إلى لجنة ولائية مستقلة قوية تتابع تنفيذ هذه الإلتزامات مع الفريق كباشي مباشرة خاصة موضوع صندوق دعم التعليم ، ومعالجة مشكلات الموضوعات الأمنية ، وملف رعاية الإدارة الأهلية للسلام والتعايش ، ومكافحة الفساد المؤسسي ، وملف الطريق الدائري ، والكهرباء ، ودعم جامعتي الدلنج وشرق كردفان لتلعبان دورا ملموساً في خدمة المجتمع ، وملف تمكين مراكز الشرطة والنيابة العامة في المناطق المذكورة وغيرها بوسائل الحركة وزيادة وسائل الحماية والأفراد والتدريب.
لامست خطابات الفريق كباشي مشاعر المواطنين ، لأنها اتسمت بمهارات مكونات الخطاب الفاعل المتمثلة ، في الوضوح والشفافية ، قوة الطرح ، الشجاعة في المواجهة ، التوازن العاطفي في الخطاب ، الشمولية ، الصراحة الصارمة في ثوب المناصحة ، زاد المعلومات ، الذي قوى الحجة والمنطق في الخطاب ، الحسم والتلويح بتطبيق القانون وهيبة الدولة.. وسنعود لتفصيل تلك المرتكزات بإسقاطها على تلك التحديات التي ذكرتها آنفاً ، وسنبحث أيضاً عن ردود الفعل العملية لما بعد الخطابات ، وسنفرد مساحة للتحديات التي ستواجه تطبيق مخرجات الخطابات نفسها ، وأهم الأولويات الملحة التي لا تحتمل التأخير.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى