أعمدة

مصطفي أبو العزائم يكتب في (عد ومسافة) كنوز الملك سليمان

من أجمل وأمتع ما قرأه أبناء وبنات جيلي رواية (كنوز الملك سليمان (King Solomon’s Mines) للكاتب الإنجليزي السير (هنري رايدر هاجرد) أحد أشهر كتاب وروائيي العصر الفيكتوري، وقد نشرت في أواخر القرن التاسع عشر – 1889م تقريباً – وكانت ضمن مقررات الأدب الإنجليزي التي درسناها في المرحلة (الوسطى)، وهي عبارة عن سرد لأحداث متخيّلة في مناطق غير مكتشفة في المجاهل الأفريقية، وكنا في مدرسة أم درمان الأميرية الوسطى، نستمتع بطريقة أستاذنا المعلم النابه الأستاذ علي أحمد، أو (Ali Bin Ahmed) كما كان يسمى نفسه ويريد لنا أن نناديه، فهو أقرب للممثل المسرحي الذي يتقمص أدوار أبطال الرواية عندما يقرأ ونحن نستمع ونتابع من الكتاب الموضوع أمامنا ونتخيل تلك العوالم السحرية، وأمام أعيننا صور أخاذة نحسها ولا نمسك بها.
تذكرت (كنوز الملك سليمان) مؤخراً والمخاطر التي تهدد كل من سعى خلفها، وحارستها الساحرة (غاغول) خبيثة النفس ، عظيمة الأذى ، قديمة الوجود ، بكل بشاعتها وصورتها الكريهة وجلدها المتغضّن الذي يخفي خلف طبقاته مئات السنين هي عمر تلك الساحرة التي لم ينجُ من أذاها أحد حاول الوصول إلى تلك الكنوز.
تذكرت الرواية الخيالية في ذات اليوم الذي شهدنا فيه قبل أعوام – تحديداً في الأسبوع الأول من أغسطس 2015م – التوقيع على أكبر إتفاقية للتنقيب عن الذهب ، في تاريخ السودان ، وربما في تاريخ العالم ، بين الحكومة السودانية ممثلة في وزارة المعادن ، وإحدى الشركات الروسية العملاقة (سيبيريا) ، والتي كشفت عن أن إحتياطي الذهب في السودان لا يقل عن ستة وأربعين ألف طن، وهذه هي الإحتياطيات المؤكدة، التي تبدأ الشركة المنقبة العمل في إستثمارها خلال ستة أشهر ، وتبدأ في ثلاث مناطق مع إفتتاح أكبر مصنع بنهر النيل بتكلفة تبلغ مائتين وواحد وأربعين مليون يورو، سيكون هو الأحدث في القارة الأفريقية، وستكون الطاقة الإنتاجية في حدود ثلاثة ملايين طن خام خلال العام ، كما قيل لنا وقتها ، وسعدنا بالإكتشاف المبهج وسعد كُلّ الناس ، لأنه كان سيعطي الحكومة آنذاك فرصة لتأخذ (نفسها) قليلاً في ظل هذه الأزمات التي تأخذ برقاب بعضها البعض ، وربما أكْسب المستثمرين والممولين والبنوك الخارجية والدول المقرضة ثقةً كانت مفقودة في الحكومة السودانية ، وضمانات مستقبلية بأن كل ما يقدمونه من قروض سيجدونه أمامهم ، وكل (سبت) دفعوا به للخرطوم سيجدون (أحداً) بديلاً له في مقبل الأيام.
بلانا غنية ومواردها غير محدودة ، ونحن بالفعل شعبٌ فقير يعيش في بلد غني.. لا ننتبه كثيراً للأمر.. لكن غيرنا ينتبه.. خاصة تلك (السّاحرة) متغضّنة الجلد ، غير سليمة الطويّة والنّيّة ، التي تنظر للأرض وما تحتها وتريدها بدون أهلها.. وتقوم مقابل ذلك بزراعة الفتن وتغذية النزاعات ، وإيقاد نار الحرب كلما إنطفأت ، حتى يتحقّق هدفها وتضع يدها على كامل التُرَاب السّوداني الذي لن يصبح كذلك بل سيكون تراباً لعدة دول كانت كياناً واحداً .. كان إسمه السُّودان .

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى