أعمدة

(بينما يمضي الوقت) … أمل أبوالقاسم .. ( إبن النيل)

رغم حرص الشقيقتين بالرضاعة من النيل العظيم الذي يربط بين وجدانهم ويغزي آصرة الأخوة بينهما، ويعزز من قيمة العلاقة الأزلية التي لا يمكن بأي حال أن تضعف أو تتشظى مهما كانت المهددات، و أرباب الأسرة يحرصون غاية الحرص على عدم السماح بتفيككها بأي حال من الأحوال.
وليس ببعيد تلكم الأيادى التي تحاول العبث بهذه العلاقة، ومحاولة زرع الشقة بين الشقيقتين مصر والسودان، وهو أمر ليس بحديث عهد بقصد أو بجهل، إذ بين فينة وأخرى تنشب حرب إسفيرية بين شعبي البلدين تصل حد الإساءة لبعضهما ورغم أنه مستفز لكليهما إلا ان ذلك يظل أمر فردي غير محسوب على الإثنتين كدول وكثيراً ما ظلت الحكومات سيما مصر توضح أن ما يحدث من طرفهم حتى وإن صدر من بعض وسائل إعلام الا أنها لا تعني للإعلام الرسمي بشىء ما يعني أنها ليست لسان الشعب أجمع ولا الحكومة وهو ذات الأمر بالنسبة للسودان.
هذا الهتر ينشأ كل فترة وأخرى نتاج حدث عابر مباراة أو شيء من هذا القبيل. وسابقا كان نقاش إسفيري ينتهى بانتهاء الحدث لكن في الآونة الأخيرة وبفعل السياسة اصبحت جهات معلومة ( تصطاد في المياه العكرة) فتسعى لتأجيج نيران أحسبها افتراضية كونها لا تتجاوز افق موقدها، إذ مهما سعت جهات تحركها أهداف شخصية متخذة من السوشيال ميديا منبراً لاتقو على هز شعرة أو النيل من العلاقات المتجذرة الضاربة في التأريخ، والمتناسلة يوم بعد يوم ومصالح عدة مشتركة تربط بين البلدين تنمو وفقاً للحاجة والظروف، وبالمقابل يرتد تحريض هؤلاء اليهم، وتتحطم أمنياتهم أمام المد البشري نحو أم الدنيا ومئات التأشيرات تختم كل يوم بالقنصلية المصرية لييمم الآلاف وجههم شطر مصر والبصات تنقل الآلاف يومياً دعك من شركات الطيران المختلفة حد أن بلغ عددهم هناك ثمانية ملايين أي نحو سوداني ضمن 12فرد بالقاهرة ( نسبة موثوقة) ولا داعى لتفصيل الامتيازات التي وفرتها الدولة في أعلى مستوياتها.
فيا هؤلاء هذه النسبة قطعاً لا تخلو شموليتها لأي من أسركم أو أصدقاءكم أو انتم انفسكم تترددون عليها ثم ولشيء في نفس يعقوب تستتروا بالكيبورد وتهاجمون بلا وعي أو دراية.
ما حرضني على كتابة أعلاه مشاهدتي لحلقة ممتعة بثتها قناة البلد بعنوان (ابن النيل) استضافت فيها الفنان النوبي “محمدٍ إسماعيل حمو” ردد خلالها أغنيات سودانية بلسان طلق وتفاعل جميل بينها أغنية ( فخور انا بحضارتي) للشاعر النوبي “خضر العطار” وهي تحكي عن تأريخ جميل ورد فيه:
اسألوا التأريخ مين انا/ انا ابن مينا وتهراقا / انا ابن كوش ونباتاو/ انا وبنت النوبة نفرتاي.
ومما لا شك فيه أن العلائق الأزلية والتأريخية التي لا فكاك منها يجسدها الفن في العهد الحديث وقد حكى عنها د. كمال محمد جاه الله بقوله:
ان ما من شاعر سوداني، إلا ولمصر والمصريين مكانة خاصة عنده. وقد انبرى الغالبية العظمى من شعراء السودان من أمثال: إدريس جماع، ومحمد محمد علي، والتجاني يوسف بشير، وعبد الله عبدالرحمن، وعبدالله حسن كردي، ومحمد المهدي المجذوب، والهادي آدم، ومحمد سعيد العباسي، وغيرهم كثر- في التعبير عن هذه المكانة في شعر رصين، احتوته دواوينهم ومجموعاتهم الشعرية.وكأنها قد أصبحت ظاهرة عامة ولازمة.
وأعتقد أن جزء من قصيدة طويلة للشاعر السوداني محمد سعيد العباسي تجسد الواقع الحالي وترد على كل متطاول على العروة الوثقى بين شعبي وادي النيل ( مصر والسودان) تقول القصيدة
كذب الذي ظن الظنــون فزفـها للناس عن مصــر حديثاً يفترى
والناس فيك إثنان شخص قـد رأى حسنا فهام به، وآخـــر لا يرى
يا من رعيت وداده وعـددته درعاً
إذا جار الزمان ومعفرا

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى