أعمدة

(فنجان الصباح) .. احمد عبدالوهاب .. بين الجيش والدعم السريع. ملح وملاح ورفقة سلاح !!

مشينا لساحات النضال وتربها
يهلل ترحيبا بنا ويكبر
وان ضمنا في جانحيه معسكر
ففي كل نبض من دمانا معسكر
” شاعر”
إذا كان الازهري أحد دهاة الاتحاديين فإن الشيخ الترابي أحد دهاة الإسلاميين ..
وإذا كان النميري داهية عسكر (مايو) فإن البشير هو ثعلب (الإنقاذ)..
كان الترابي خريج الخرطوم والسوربون أذكى الإسلاميين وأفقه أهل الأرض .. ومع ذلك فقد افسد عليه العسكر فكرته، وسرقوا حركته ثم ابتلعوا دولته.. فكرة رعاها بالسنين، وحركة فداها بالزنازين، ودولة بناها من ليل الأسى ومر الذكريات..
سلبته المحكمة الدستورية وهو في خريف العمر حزبه الكبير وكرته الأخير.. وكسبت به الانقاذ ٢٠ حولا منها عشر عجاف.. كانت خاتمة المطاف..
تلاعب البشير بشيخ الحركة الذي كان بمقدوره اللعب بالحجر والبيضة.. ثم تلاعب بالحركة نفسها وبصف طويل من الدهاة الماكرين.. وجاء ب(الضرغام) حميدتي.. في الهزيع الأخير للحماية .. فتصيده الضرغام فيما تصيدا..
اصطاد حميدتي جنرال الإنقاذ القوى واودعه سجن كوبر.. وفرض نفسه حاميا للاعتصام ، وحارسا للثورة ونصيرا للثوار.. وقوة عسكرية ضاربة في قلب الخرطوم ..
بدعمه السريع أو ثرائه الأسرع.. وطموحه غير المحدود، صار حميدتي رقما صعبا في معادلة السياسة، ومعادلة الحرب والسلام.. لايمكن تجاوزه.. فإن لم تكن تلك شواهد لعبقرية الرجل ، ودلائل نجاحه فكيف تكون العبقرية، وكيف يكون النجاح..
شئنا أم أبينا.. لا مفر امام السودان من القبول ب(حميدتي) رقما في السياسة.. وب(الدعم السريع) رقما في الحرب.. فهو الرجل الذي كسر شوكة التمرد في دارفور وهو الرجل (الضكران) .. الذي (خوف الكيزان)..
انه مثل اللاعب الليبرو.. الذي يجيد اللعب بكلتا قدميه،.. يتقدم تارة ويهاجم ويسدد.. ويتقهقر تارة أخرى ليدافع ويبدع ويبدد ..
بسياسة غاية في البراغماتية والذكاء.. تنقل الليبرو حميدتي من حماية البشير، إلى حماية الإعتصام، ومن مقارعة الحركات المتمردة إلى توقيع اتفاق سلام معها.. ومن الاصطفاف في اعتصام الموز، إلى موالاة باشدار.. ومن دعم الانقلاب إلى دعم الإطاري ..
الآن حميدتي رقم صعب في الساحة.. لاسبيل لاستبعاده كرمز سياسي من المشهد .. ولا كمؤسسة عسكرية من الميدان..
ومن الخير للدعم السريع أن يجد له بالحسنى موطئ قدم في المؤسسة العسكرية.. فالمؤسسة العسكرية- كالبحر- لا تأبى الزيادة..
ومن الخير لحميدتي أن يؤسس حزبا- بكلام الإمام الصادق- أو أن ينضم إلى حزب.. وكل الاحزاب الحقيقية اقل منه حجما ووزنا.. فكيف باحزاب بوزن الريشة..
ان من الخير للسودان أن يبقى الدعم السريع فلا غنى للبلاد عنه، إلى إشعار آخر .. فدارفور تغلى، وعبد الواحد يتلمظ.. والجبال تضطرب والحلو يتمدد.. وعند الدعم السريع وحده فقط، اللقاح والخبرة والسلاح..
كما انه لا غنى لحميدتي وجيشه عن المؤسسة العسكرية الأم .. فلحركات دارفور من سالمت، ومن لم تسالم مع الدعم السريع عداء مستحكم وثارات ودم.. تتحين الفرصة لتصفية الحساب..
وليس (للدعم) من جبهة آمنة، وحضن دافئ سوى الجيش.. فليس بينهما عداوات ولا ثارات.. بل ملح وملاح ورفقة سلاح..
سيدي الفريق أول حميدتي.. إن الاطاري يضمن لك مقعدا في حافة إلى اوماك..
ولكن مجرد (التهدئة) ناهيك عن الانحياز مع ( الفلول) تضمن لك عربة كاملة في القطار الممتد من (تمبول) إلى (اسطنبول) ..
سيدي القائد.. هدئ اللعب مع الفلول.. وروق المنقة مع الجيش.. واحتفظ بمسافة واحدة مع الجميع إلا من أبى..
كثيرون يكنون لك العداء وإن اظهروا غير ذلك.. فأنياب الذئاب البارزة هي للالتهام والانتقام أقرب من الابتسام.. وفي المقالة شهادة غير مجروحة وأفكار مطروحة.. ونصيحة من محب مشفق.. يرى تحت الرماد وميض نار..
وفيك فطانة..

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى