بيانات

    الفترة الإنتقالية بين  التعديل والتمديد         مهددات ومحددات الانتقال الديمقراطي

   بقلم المستشار فائز بابكر كرار 

تفسير واتفاقا وواقعا قانونيا بموجب تعديل الوثيقة الدستورية فإن  تاريخ تسليم رئاسة مجلس السيادة للمكون المدنى فى  يوليو   2022. 
  عادة ما تتسم عملية التغيير والتحول الديمقراطي بقدر كبير من التعقيدات والمعوقات القانونية والسياسية والاجتماعية ، وفي ذلك مدى الاتفاق على الحد الأدنى من قواعد التحول من خلال إثبات جدية الاطراف المشاركة في تحقيق أهداف الانتقال  ،  وفي ذلك لابدمن:-
اولا / ضرورة توافر الارادة السياسية التي تدعم أهداف الفترة الانتقالية في خلق آليات بين شركاء التغيير والتحول الديمقراطي.
ثانيا/ تضمين وإفراد مساحة للجانب الاقتصادي ،والسلم الاجتماعي لضمان الاستقرار.
ثالثا/ تطبيق العدالة وسمو القانون والالتزام بالعهود .
وذلك بغرض تحقيق متطلبات المرحلة الانتقالية والتوافق السياسي بين شركاء التغيير والتحول الديمقراطي ، حتي لايصبح الشركاء فى موقف الممانع ومواجهة الاحتجاجات المطلبية غير المؤطرة ، وفي هذا لابد من ميثاق شرف يحترم أهداف التغيير والتحول الديمقراطي، ويضمن وحدة النسيج الاجتماعي وقبول الاخر ، ومقاومة المهددات الامنية والسياسية التى قد تعصف بالفترة الانتقالية. 
إن أخطر محددات ومهددات الانتقال الديمقراطي تتمثل في عدم  الالتزام بسيادة أحكام الوثيقة الدستورية وأهداف الانتقال الديمقراطي.
ثار جدل قانونى كثيف حول مدة رئاسة الفترة الانتقالية الواردة في المادة(11) من الوثيقة الدستورية فيما يخص مدة ترأس المكون العسكري لمجلس السيادة وانتقال الرئاسة للمكون المدنى. 
هل مدة الفترة الانتقالية وما جاء في نص المادة(7) من الوثيقة الدستورية تسع وثلاثين شهرا ميلاديا تسرى من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية حيث تم التوقيع عليها فى السابع عشر من شهر أغسطس عام 2019 ، وتم اعتمادها فى العشرين من شهر أغسطس عام 2019؟.
كيف تقسم مدة رئاسة الفترة الانتقالية (مجلس السيادة )؟ الإجابة:
بناءا على ماجاء في نص المادة(11) الفقرة(3) فى الواحد وعشرين شهرا الأولى للفترة الانتقالية يرأس مجلس السيادة من يختاره الأعضاء العسكريين،  ويرأس فى الثمانية عشر شهرا المتبقية من الفترة الانتقالية عضوا مدنى من قوى إعلان الحرية والتغيير. 
الثابت وبحسب نص المادة(7) مدة الفترة الانتقالية تسعة وثلاثين شهرا ميلاديا. 
المختلف حوله وما يجب تفسيره هو بداية سريان مدة الفترة الانتقالية لحساب مدة رئاسة مجلس السيادة، وانتقال رئاسة مجلس السيادة للمكون المدنى، وفي هذا وبعد توقيع اتفاقية جوبا لسلام السودان حدثت كثير من التغيرات والتعديلات عقدت الازمة .
 اولا: يأخذ علما قضائيا أن اتفاقية جوبا لسلام السودان تم التوقيع عليها فى الرابع من أكتوبر 2020،وفي جانب آخر علم الكافة بعد النشر في الجريدة  الرسمية العدد 1908 المؤرخ 2 نوفمبر سنة 2020 بشهادة اجازة مجلسي السيادة والوزراء بتعديل الوثيقة الدستورية فى الجلسة رقم 9 بتاريخ الثامن عشر من شهر أكتوبر سنة 2020 ،  وتضمنين اتفاقية جوبا لسلام السودان  ضمن الوثيقة الدستورية فى  المادة (79) .
  تم تعديل الوثيقة الدستورية بموجب اتفاق جوبا لسلام السودان بالرغم من النص فى المادة(87) “بعدم جواز تعديل الوثيقة الدستورية إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي الانتقالي”. 
من حيث بداية سريان الوثيقة الدستورية:
 كانت تنص المادة(7) البند(1) قبل التعديل  “تكون مدة الفترة الانتقالية تسعة وثلاثين شهرا ميلاديا تسرى من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية”،  تم حذف البند كاملا ليصبح التعديل :كالاتى:-
يلغى البند (1) ويستعاض عنه بالبند الجديد الآتي:
(1) تبدأ الفترة الانتقالية من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية وتمدد ليبدأ حساب التسعة وثلاثين شهرا من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان.” 
ماحدث فى تعديل المادة(7) البند (1) تأكيد بداية الفترة الانتقالية من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية ولكن تمدد الفترة وتحسب من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان، وتفسير ذلك  لتأكيد شرعية المؤسسات التى قامت  بعد صدور الوثيقة الدستورية، وليست لحساب المدة الخاصة بترأس مجلس السيادة وذلك من خلال التأكيد على تمديد حساب التسعة وثلاثين شهرا حيث  يبدأ حسابها من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان بدلا عن تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية.
بدلالة التأكيد على مدة الفترة الانتقالية “تسعة وثلاثين شهرا ” المذكورة فى المادة(7) البند(1) من الوثيقة الدستورية،  ومرد هذا التفسير هو الاستناد على نص المادة(6) الفقرة(1) من قانون تفسير القوانين والنصوص العامة السوداني لسنة 1974 (يفسر النص بما يحقق الغرض الذي شرع من أجله )، والغرض هنا حساب مدة الفترة الانتقالية ككل وليست حساب بداية ترأس الفترة الانتقالية. 
المؤكد فى الوثيقة الدستورية المادة(11) الفقرة(3) يرأس مجلس السيادة فى الواحد وعشرين شهرا الأولى للفترة الانتقالية من يتم اختياره من الأعضاء العسكريين، ويرأس فى الثمانية عشر شهرا المتبقية من الفترة الانتقالية عضوا مدنى من قوى إعلان الحرية والتغيير،  هنا نجد مجموع المدة (39) شهرا .
ما يثور الخلاف حوله بداية حساب فترة رئاسة مجلس السيادة واجل انتقال رئاسة المجلس للمكون المدنى،  فى تقديري بناءا على تعديل المادة(7) وتفسير القانون أن حساب مدة رئاسة مجلس السيادة تبدأ من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان ، وهذا ما اكدته المادة(24) من اتفاق جوبا لسلام السودان ” اتفق الطرفان على سيادة أحكام الاتفاقية على الوثيقة الدستورية ” مع تأكيد السند القانوني من تعديل الوثيقة الدستورية باضافة الاتى :-
– بعد المادة(78) تضاف  المادة (79) ” تضمين اتفاق جوبا لسلام السودان ” والتى تنص على : يعتبر اتفاق جوبا لسلام السودان الموقع فى الثالث من أكتوبر 2020 جزء لا يتجزأ من الوثيقة الدستورية وفى حال التعارض بينهما يزال التعارض لمصلحة نصوص اتفاق جوبا لسلام السودان.
من أسباب التعارض والثقوب فى الوثيقة الدستورية:-
اولا/ بداية حساب مدة الفترة الانتقالية:
بعد التعديل هنالك بداية الفترة الانتقالية  تحسب من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية،  وبداية لحساب مدة الفترة الانتقالية “تسعة وثلاثين شهرا” تحسب من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان، وهذا من العيوب والثقوب فى الوثيقة الدستورية.
ثانيا/ التعارض والتضارب 
نص  فى  الوثيقة الدستورية أن أحكامها يجب أن تسود ،وهى القانون الأعلى ، وجاء  بعد التعديل فى المادة (79) عند التعارض تسود أحكام اتفاقية جوبا لسلام السودان ومازالت تلك الأحكام قائمة. 
ختاما:
وبالرغم من كل ذلك اصبح التعديل واقعا قانونيا،  بناءا على نص المادة (7) البند (1) والمادة (79) حيث لا اجتهاد مع وجود النص “أن بداية حساب فترة رئاسة مجلس السيادة تبدأ من تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان والتعارض يزال لمصلحة نصوص اتفاق جوبا لسلام السودان.
 بالرغم من الثقوب الدستورية والقانونية التى صاحبت تعديل الوثيقة الدستورية بموجب اتفاق جوبا لسلام السودان ، لذلك لايمكن عمليا تسليم رئاسة مجلس السيادة للمكون المدنى فى نوفمبر القادم 2021 .
   عليه  اصبح التعديل بعد نشره فى الجريدة الرسمية واقعا قانونيا يحول دون تسليم رئاسة مجلس السيادة للمكون المدنى فى نوفمبر القادم 2021، وذلك لتغيير بداية حساب مدة الفترة الانتقالية.
عليه يكون تاريخ تسليم رئاسة مجلس السيادة للمكون المدنى فى  يوليو   2022.
على شركاء التغيير والتحول الديمقراطي تغليب مصلحة الوطن على مصلحة مدد الرئاسة. 
تحياتي ،،،،
مستشار فائز بابكر كرار 
Faizkararf77@gmail.com 
20/9/2021

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى