أعمدة

حروف واقعية بقلم عمر الفاروق عزيب

بالتوافق لا باللاءات الثلاث

ثورة ديسمبر لم تكن الثورة الأولى التي يغوضها الشعب السوداني العظيم (معلم الشعوب) ، إذ سبق وأن خاض تجربتين من قبل الاولى في 12 أكتوبر 1964 ضد نظام عبود وهي أول ثورة شعبية في الأفريقية ، تلتها ثورة ثانية عام 1985 أطاحت بحكم جعفر النميري ، فيما أطاحت الثورة الأخيرة بحكم البشير 2019 .
القاسم المشترك بين هذه الثورات أن المؤسسة العسكرية بمختلف مكوناتها لعبت دور محوري وإنحازت لخيار الشعب إنطلاقا من مسؤوليتها الوطنية في حفظ البلاد من التمزق والانهيار خلال الفترات الإنتقالية التي تولت قيادتها حكومة كفاءات وطنية مستقلة حتى وصلت بها الي انتخابات .

الأمر اختلف نوعاً ما في ثورة ديسمبر 2019م ، حيث التفت الأحزاب على ثورة الشباب وسرقت مجهود الثوار عبر تمكين كوادرها في مفاصل الدولة في تجاوز واضح وصريح للوثيقة الدستورية التي وقعت بين المجلس العسكري الذي قام بعزل البشير والإطاحة بنظام الإنقاذ وقوي الحرية والتغيير التي خدعت الشباب .
رضي الشارع حينها بهذه الشراكة املأ في أن تتحمل الأحزاب السياسية المسئولية وتقدم تنازلات وصولاً لتحول ديمقراطي حقيقي وبالتالي إنتقال السلطة الي حكومة مدنية كاملة الدسم يختارها الشعب السوداني عبر صناديق الاقتراع ، إلا أن الأحزاب السياسية وكعادتها لم تكن قدر التحدي .

تناحرت التنظيمات السياسية فيما بينها واختلفت في الاستئثار بالسلطة وتقسيم (الكيكة) ، ادي هذا الاختلاف في نهاية الأمر إلى تشظي وانقسام في الشارع .

استفحلت الأزمة السياسية في البلاد ، فشهدت معظم الولايات صراعات قبلية حتى كاد يخرج شرق السودان عن السيطرة ، وتدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي مما أدى إلى اعتصام الشعب مرة أخرى ولكن هذه المرة أمام القصر الجمهوري مطالبا رئيس مجلس السيادة الي حل حكومة الأحزاب والعودة للوثيقة الدستورية التي نصت على أن تتولى زمام الفترة الانتقالية حكومة كفاءات وطنية مستقلة .

لم يكن أمام القائد الأعلى للقوات المسلحة سبيل سوى الاستجابة لمطالب المعتصمين المشروعة وكان ذلك في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م .

عقب قرارات البرهان حاولت الأحزاب الالتواء مجدداً علي مطالب الشعب بغية العودة إلى السلطة من جديد عبر استغلال طيش بعض الشباب المتعطش للمدنية .

يقيني أن التناحر ومعاداة القوات النظامية ومحاولة إخراجها عن المشهد السياسي قبل الانتخابات لن يجدي نفعا ولا يدعمه منطق لأن المؤسسة العسكرية هي الضامن الوحيد لاستمرار الفترة الانتقالية حتي موعد الانتخابات وإنجاز التحول الديموقراطي .

الإصرار على اللاءات الثلاثة التي رفعها البعض ستقود البلاد لمزيد من الإنهيار لذلك ينبغي أن يكون التوافق هو السبيل للخروج بالبلاد إلى بر الأمان .

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى