أعمدة

مصطفى أبو العزائم يكتب في (بُعْدٌ ..و .. مسَافة).. الحكومة الذكيّة ..

المجتمع بكل شرائحه وطوائفه وحكّامه ومحكوميه هو مكوّن الدولة الأساسي ، وهو الذي يمارس الأنشطة السّياسيّة والفكرية والاقتصادية والثقافية والرياضية والفنية لتصبح الحكومة بعد ذلك هي المعبّر عن كل ذلك.
الذين يعتمدون على الحكومة في تحقيق أحلامهم الفردية أو الفئوية أو النوعية غير العامة كمن ينتظر من السماء أن تمطر ذهباً وفضة.. لذلك لجأ العالم المتقدم إلى تقوية مجتمعاته وتقوية ما نسميه بمنظمات المجتمع المدني من اتحادات ونقابات وصحافة وإعلام وجمعيات وجماعات، هي التي تحدد الاحتياجات المختلفة للشرائح والقطاعات والفئات المختلفة، وهي التي تضغط على الحكومات لتحقيق مطالب تلك الفئات التي أشرنا إليها.
الحكومة الذكية تعمل على تقوية منظمات المجتمع المدني وتشد من عضد المؤسسات الأهلية، ثقافية أو رياضية أو فنية أو إجتماعية أو مهنية متخصصة.. والحكومة الغبية هي التي تحاول أن تفعل كل شئ وتنوب عن كل فرد فلا تنجز شيئاً يذكر ولا ترضي أحداً فتصبح كالمنبّت، لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.
قبل فترة كان هذا هو مدار حديثنا نحن مجموعة من أهل الصحافة والإعلام والفن والأدب ، ونحن نجتمع لوداع صديق وزميل عزيز ، من أهل الصحافة والإعلام بمنزل أسرته الكريمة ،
وهو يعاني من مرض عضال وقتها ، قبل أن ينتقل إلى جوار ربه الكريم العظيم الغفور الرحيم ، وكان قد بدأ العلاج في مصر الشقيقة ، وأصبح يواصله ما بين الخرطوم والقاهرة ، وهكذا حسب الظروف التي لا تستقر على حال .
أستاذنا الصحفي والكاتب الكبير طه النعمان كان يرى أن على المبدع أو الذي يعمل في مجال العمل العام أن يتحسّب لمثل هذا اليوم الذي يجد فيه نفسه طريح فراش المرض لا حول له ولا قوة ، ولا يجد إلى جانبه أحداً سوى أهله وأصدقائه.
صديقنا الشاعر المرهف الأستاذ عبد الوهاب هلاوي كان يعدّد حالات المرض لدى المبدعين ودمعه يكاد يطفر من عينيه، وكذلك الأستاذ الشاعر والصحفي محمد نجيب محمد علي وإنضم إليهما صديقنا الأستاذ فتح الرحمن النحاس وآخرون كانوا معنا في تلك الزيارة الاجتماعية، التي رأينا أن نؤازر فيها صديقاً يمر بمحنة حقيقية.
إنفتح الباب أمام ظاهرة معاناة الرموز في مجالات الثقافة والفنون والآداب والرياضة وغيرها، وتحدثنا عن واجب الدولة والمجتمع، وناقشنا ظاهرة تسييس المواقف التي تضر ولا تنفع. ورأيتُ أن الإهتمام بالمبدعين هو واجب «الدولة» بالمفهوم الذي بدأنا به هذه الزاوية، وطلب إليّ الصديق والزميل الأستاذ فتح الرحمن النحاس أن أتبنى مبادرة لعلاج هؤلاء المبدعين الذي أضحوا بعيداً عن دائرة الإهتمام الرسمي والشعبي ، وإلتقط الصديق والزميل الأستاذ شكر الله خلف الله خيط الحديث ، وقال إنه يتمنّى أن يهتم التلفزيون الرسمي بالرموز العامة والكبيرة في كل المجالات ، وأن تهتم قناة النيل الأزرق بالمبدعين الشباب وأن تهتم قناة الشروق بالرموز السياسية ، وذلك عندما كان بث الشروق يتواصل .
وجدتُ أن مقترح الأستاذ شكر الله هو الأنسب – حالياً – فربما نمسح دمعة من عين مبدع يظن أننا قد نسيناه ولم نقدّر عطاءه ، خاصة بعد أن إنزوى بعيداً عن دائرة الضوء، بعد أن كان ملء السمع والبصر .

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى