أعمدة

مصطفى ابوالعزائم يكتب : (بُعْدٌ .. و .. مسَافَة) .. *« جبريل » هل يبقى بعد هذا وزيراً ..

والّله أسفتُ غاية الأسف عندما كنت أتابع قبل أيام لقاءً تلفزيونياً مع وزير الماليّة ، الدكتور جبريل إبراهيم ، وهو لقاء نوّه له معدّ ومقدّم اللقاء زميلنا الأستاذ بكري المدني ، في قناة الهلال ، وكنت رغم وعكة ألزمتني السرير الأبيض منذ عدّة أيام ، أتشوّق لسماع الجديد ، حول ظاهرة الغلاء الفاحش التي ضربت الأسواق ، وإرتفاع نسبة التضخّم رغم البيانات الرسميّة التي يكذّبها الواقع ، وتدنّي قيمة العملة الوطنية ، والتي أتوقع شخصياً أن يعادل الدولار الواحد قبل نهاية يناير الحالي ، مبلغ الخمسمائة جنيه ، وذلك لعدم وجود سياسة إقتصادية واضحة ، محدّدة الأهداف واضحة المعالم ، مثلما كان الحال إبان تولي الدكتور إبراهيم البدوي لذات المنصب ، في حكومة الدكتور عبدالله حمدوك الأولى الفاشلة .
ثم كان كل الذين تابعوا ذلك اللقاء ، ينتظرون منطقاً يبرر إرتفاع أسعار الكهرباء بنسبة تجاوزت الإربعمائة في المائة ، ولكن الوزير خيّب الآمال والظنون ، إذ تحدّث كثيراً دون أن يقول شيئاً .. وهكذا كان مثله مثل كثير من وزراء حكومة الدكتور عبدالله حمدوك الأولى الفاشلة ، والتي كان من أبرز العارفين بدوره وقدره فيها ، وزير ماليتها الدكتور إبراهيم البدوي ، وقد كتبت في حينه وعقب إبعاده عن الوزارة ، في مؤامرة مكشوفة ، بل طالبت رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وقتها ومن معه بالإعتذار للدكتور إبراهيم البدوي ، والذي كانت خيوط المؤامرة عليه تنسج على الرغم من أن مشروعه الإقتصادي ما زال قائماً ، ومعمولاً به لكن بتخبّط شديد ممن لا يجيدون صناعة النجاح .
تبرير الوزير جبريل إبراهيم لزيادة الكهرباء ، كشف قصر نظره الإقتصادي ، لأن إرتفاع أسعار الكهرباء يعني زيادة تكلفة الإنتاج عموماً ، ويعني إرتفاع تكاليف الري ومن ثم الزراعة ، وإرتفاع تكلفة التبريد لكل المنتجات الغذائية والصناعية التي تحتاج إلى أن يتم حفظها باردة أو مجمدة ، ويعني إرتفاع تكلفة إنتاج كل منتج له علاقة بالكهرباء ، وفي هذا ومنه ينكشف ضعف قدرات الوزير جبريل الإقتصادية ، وقصر نظره .
إجتهد زميلنا الأستاذ بكري المدني ، في أن يجد إجابة لكل سؤال كان يدور في أذهان مشاهدي برنامجه عالي المشاهدة ، ولكن بلا فائدة ، إذ تمترس الوزير جبريل وراء إجابات مبهمة ، ونال من أهل الشمال الذين إحتجوا على زيادة أسعار الكهرباء ، التي تعتبر من أكبر معيناتهم في الزراعة ، لذلك قاموا بإغلاق طريق شريان الشمال ، وهم محقّون في رأي الكثيرين .
المحزن ، والملفت في ذلك اللقاء الذي نشكر عليه الأستاذ بكري المدني ، هو الهجوم الممنهج والمكشوف على الوزير الخبير صاحب الرؤية والمنهج الدكتور إبراهيم البدوي ، من قبل الوزير الحالي الدكتور جبريل إبراهيم ، وكأنما هو يستصحب في ذاكرته ما راج عن ترشيح البدوي لرئاسة الحكومة ، عقب إستقالة رئيس مجلس الوزراء السّابق الدكتور عبدالله حمدوك ، وكأنما كان الدكتور جبريل يريد قطع الطريق أمام تعيين الدكتور البدوي ، من خلال تحميله فشل سياسات الحكومتين السابقتين ، ولعمري إنه لضعف ما بعده ضعف ، فالرجل ربما أراد أن يكون هو رئيس الوزراء القادم ، لكنه كشف نفسه للملأ ، ولم يعد يصلح في نظر الكثيرين والمختصين لأي موقع وزاري رسمي في أعلى سلطة تنفيذية .
سبق أن كتبت أكثر من مرة ، إن الزعامة في السّودان تصنعها الصدفة أو النطفة ، وهذا يتأكد لي يوماً بعد يوم ، وأترحم على روح الشهيد الدكتور خليل إبراهيم ، رحمه الله الذي كان قائداً حقيقياً عاش ومات بين منسوبي حركته .. في الميدان .

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى