أعمدة

د.عبدالله فتحي يكتب في ( نصف كوب).. ثورة ديسمبر .. برلمان الشارع

رشفة أولى :

ونحن بين يدي ذكرى سودانية عظيمة ( إعلان إستقلال السودان من داخل البرلمان) والتي جسدت بسطوع روح الإجماع الوطني على عزة السودان بإختيارها مسار إستقلال السودان بدلا عن الإتحاد مع مصر .
وتوافقت بقدرية مسطرة لها دلالاتها ، مع ذكرى سودانية عظيمة ( ثورة ديسمبر المجيدة) والتي جسدت بإبهار ، القدرة على رؤية عزة وكرامة السودان ، رغم ضبابية المشهد السياسي السوداني ، والغبار المتجدد الكثيف الذي يغلفه بألوان متباينة ، لكنهم ( شباب السودان ) إختاروا ألوان علم السودان وإحتضنوها بضلوعهم .. بهتافهم .. بدماءهم .. بارواحهم .. فطوبى لكل شهيد.. وسلامة لكل مصاب .. وعودة لكل مفقود.

رشفة ثانية :

شباب السودان وحدهم .. وحدهم هم أصحاب الموقف الوطني الصحيح الذي لم يستجيب للإستقطاب السياسي الداخلي الحاد أو الضغوط الخارجية المستفزة فكان صوتهم نبض الشارع السوداني .. حلم الشارع السوداني .. برلمان الشارع السوداني.
هذه الثورة العظيمة غير المسبوقة في المنطقة العربية والإفريقية لم تتخذ آلهة كما فعلت الأحزاب .. ولم تقدس كيان أو مؤسسة أو شخص .. فحراك ثورة ديسمبر وهتافها يقول بوضوح ( لا نرغب بعودة مكونات الحرية والتغيير الى السلطة .. ولا نوافق على إتفاق سياسي لا يحقق الحكم المدني وإن كان طرفه المؤسس حمدوك .. ولا نريد حكم دكتاتوري يعيدنا المربع الأول .. نريد حكومة سودانية وطنية ديمقراطية من رحم صندوق الإنتخابات).
السياسيين يتحدثون عن ( الوثيقة الدستورية ) ولا وجود لوثيقة دستورية في السودان!! .. فإجازة الدستور في كل العالم يكون عن طريقين لا ثالث لهما ( تصويت البرلمان أو الإستفتاء الشعبي) ولم يحدث أي منهما في الفترة الإنتقالية!!.. إذن الحقيقة الناصعة المجردة أن هذا إتفاق سياسي بين طرفين ( المجلس العسكري الإنتقالي و الحرية والتغيير) لا يمثل كل السودانيين بأي حال.
كما أن الحقيقة الناصعة المجردة هى عدم وجود كيان (مسجل) إسمه ( المجلس العسكري الإنتقالي ) .. كما لا وجود لكيان ( مسجل) إسمه ( الحرية والتغيير ) إذا أردنا مقاضاتهم لن نعثر على ملف يحدد النظام الأساسي والوصف الوظيفي والإطار المهني الذي تكونا على أساسه!!.
الحقيقة الناصعة المجردة أن شعارات ثورة ديسمبر العظيمة الملهمة المعبرة بإيجاز بليغ عن طموحات الشارع السوداني ( حرية .. سلام .. وعدالة ) لم تتنزل إلى الآن إلى أرض الواقع حتى هذه اللحظة .. ( كيف تتحقق العدالة .. والسودان بدون محكمة دستورية قانونية !! ) .. ( كيف يتحقق السلام .. والسودان لم ينتهي إلى جيش وطني موحد !!) .. ( كيف تتحقق الحرية .. والسودان بدون دستور متفق عليه !!).
السودان الآن يمر بمنعطف تاريخي خطير .. فالوهن أصاب الدولة في كل مفاصلها ، والفراغ الغريب غير المسئول في مؤسسات الدولة هو أعظم خطر .. فالسودان بلا وزارة داخلية ( واللاجئون يعتلون صدارة الجرائم في المدن السودانية ) ، ولا خارجية ( وتصريحات المبعوثين والسفراء والدبلوماسيين والناشطين تملأ الفضائيات بتدخل سافر يطعن كرامة السودانيين جميعا ) ،ولا دفاع ( وأحاديث وأفعال بالداخل والخارج تنهش جسد الجيش السوداني بتراتبية متصاعدة مريبة ) ، ولا مالية ( وميزانية العام 2022 تطرق الباب بعنف ) !! .. ومن يرجع البصر ويدقق حول السودان ، يلحظ عيون الذئاب الضيقة التي تلمع في الظلام ، وأظافرها المتأهبة للإنقضاض ، وأنيابها حمراء مضرجة بدماء ( سوريا وليبيا واليمن .. وتبحث عن فريسة تترنح ).
دستور 2005 دستور جاهز يستحق المراجعة والنظر والطرح كمخرج طواريء من أزمة السودان .. فقد اجيز بإجماع القوى السياسية السودانية بما فيها الحزب الشيوعي والحركة الشعبية في البرلمان السوداني .
رشفة آخيرة :
نناشد من بيدهم زمام أمر هذا البلد العزيز الكريم ( رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء ) .. بحق دماؤهم السودانية .. وإنتماؤهم لهذا الوطن العظيم .. بأن تتلخص مهمة الفترة الإنتقالية في الإجابة على سؤال ( كيف نحكم السودان ؟! ) .. لا ( من يحكم السودان ) و… معاكم سلامة.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى