أعمدة

محمد عبدالقادر يكتب في (علي كل) .. الحلنقي وادارة المرور.. ( تعيش انت ويدوم خيرك) !

وسط ركام الاخبار البائسة والتطورات المؤسفة استوقفتني اشراقة وفية ازاحت عني غما وجعلتني واثقا من قناعة لا تفني مفادها ان السودان ، كان وسيظل بالف بخير، وان ابناءه الخلص ما زالوا يتمسكون بصنائع المعروف ومكارم الصفات يحفظون لكل مبدع حقه من الاحترام والوفاء والتقدير ..
شكرا للنقيب شرطة المتفاني حمزة عتيق الذي اهداني واخرين لحظة سعادة استعصت علينا كثيرا خلال الفترة الماضية وهو يقدم بحسه الانساني الرفيع وبوعيه الحاضر ك(رجل شرطة نابه محترم ) اكبر تكريم لاحد رموزنا الابداعية بل ل ( احلي ثمار ) حديقة الغناء السوداني.
تعالوا لتعلموا ماذا فعل النقيب حمزة ا
فقد كان منهمكا كعادته في تصريف شؤون الناس بوحدة ترخيص السيارات في مجمع الخرطوم الذي يشهد كالعادة تزاحما كبيرا لتلقي الخدمة من قبل المواطنين..
استرعي انتباه النقيب حمزة ان احد افراد الشرطة يوجه احدهم بضرورة الوقوف في الصف لانتظار ترخيص سيارته بصوت مرتفع لايخلو من صرامة ، النجم الكبير وبتواضعه الجم ورغم سيرته الباهرة ومسيرته الابداعية الكبيرة لم يشأ ان يطرق باب احد الضباط لاعانته علي اكمال معاملته وهي ترخيص سيارة بالرغم من انه ملء السمع والبصر.
رفع النقيب حمزة راسه فوجد ان الاستاذ الشاعر اسحق الحلنقي رئيس جمهورية الحب، وشاعر الاغنيات النجوم في سمعنا السوداني هو المعني بصياح الشرطى وانه (يزح) مع الصف في محاولة للوصول الي فرصته في ترخيص السيارة..
حكي لي احد الحاضرين ان النقيب حمزة تحرك من مقعده وتوجه صوب الاستاذ الحلنقي ليتاكد من ان الشاعر الكبير يشرف المجمع لانجاز معاملة، تذكر النقيب حينها ( تعيش انت ويدوم خيرك، تعيش والدنيا ما تضيرك ، ولو جارت عليك ايام تعال لعيونا بتشيلك).. ظللته في تلكم اللحظات الندية ( العنبة الرامية فوق بيتنا)، وحملته للترحيب بالاستاذ الكبير الحلنقي ، وفي خاطره ( انت يا الابيض ضميرك، صافي زي قلب الرضيع ، في كلامك وفي ابتسامك احلي من زهر الربيع)..
امتدت يد الوفاء الحانية من حمزة لتحية الاستاذ الحلنقي صاحب المدرسة المتفردة في الكتابة الشعرية ، وملك العاطفة التي شكلت وجدان السودانيين وعمقت في دواخلهم الاحساس بالحب والحياة ( عيش معاي الحب وعيش معايا حناني خليني انسى سنين عشتهك وحداني) و( الريدة الكتيرة ياحنين شقاوة وكلما تزيد حنان انت تزيد غلاوة)، حمزة لم ينس في تلك اللحظة ( يا اعز الناس حبايبك نحنا زيدنا كتير حنان، العمر زادت غلاوتو معاك وصالحني الزمان.. يا احن الناس حنان).
في لمحة بصر ووسط اعجاب الحاضرين كان الحلنقي صاحب الحديقة الغناء في بستان الطرب السوداني محاطا باهتمام النقيب حمزة وزملائه، دعوه للمكتب واجلسوه وسطهم وتاملوا في ملامحه الوسيمة ، (هجرة عصافير الخريف في موسم الشوق الحلو، هيج رحيلا مع الغروب احساس غلبني اتحملوا)، يالها من لحظات انسانية مغعمة بالوعي والوفاء جعلت من الدمعة عنوانا لرسوخها في ذاكرة الناس والمكان.. تخيلت ان شاعرنا الكبير يردد حينها ( ورجعت خليت الدموع يرتاحوا مني وينزلو)…
اكرم حمزة ورفاقه من ضباط المرور وفادة الحلنقي وهم يقسمون ( وحياة ابتسامتك) ايها الاستاذ ستظل غاليا علينا وعلي هذا الشعب الذي انتجت له ما يفيض عن استهلاكه واحتياجه من العاطفة والغناء، وكل قيم الخير والمحبة والجمال.
في لمحة بصر كانت اجراءات ترخيص الحلنقي حاضرة وهو (وسط اللمة المرورية) التي لامست بفعلها الخير وجدان السودانيين وهي تكرم احد رموزهم بهذا القدر من المودة والحب والاهتمام ، هل تعلم عزيزي القارئ ان حمزة وزميله ….. (دقوا صدرهم ودقوا شيرنق) ودفعوا رسوم ترخيص سيارة رئيس جمهورية الحب اسحق الحلنقي.
النقيب حمزة ابلغ الحلنقي بانه وتقديرا لمسيرته الابداعية ودوره في ترقية ذائقة استماع السودانيين ليس مطلوبا منه ان يحضر لانجاز اية معاملة بل عليه فقط ان يطلب ويشير و(رقابهم سدادة).
ما اروعك ايها النقيب حمزة وان تفعل ما عجزت عنه مؤسسات ترجيناها ان تكرم امثال الحلنقي في كل يوم ، وما ابهاك وانت تمارس دورا انسانيا من موقعك تجاه قامة جمال سودانية لطالما لونت حياتنا بالاشعار والالحان والاغنيات ..
شكرا حمزة ورفاقك في وحدة المرور ب( مجمع الخرطوم)، فلقد اثبتم ان الشرطة نبض من وجدان هذا الشعب الجميل الذي يكبر فيكم اكرام رموزه المبدعين..
شكرا النقيب حمزة وبالرغم من ان (الشارع تايه في دموع المغلوبين) الا ان صنيعكم طماننا بان الشرطة ستظل علي عهد الوفاء للحياة السودانية ورموزها المبجلين..
شكرا لكم.. لقد احسنتم صنعا لو اكتفي الحلنقي فقط ب ( واخاف شوق العمر كلو يفاجاك يوم في عينيا) لاستحق عليها التكريم مدي الحياة…
امثال النقيب حمزة يستحقون التقدير والثناء والمكافاة نظير احساسهم بالمجتمع فبعض مما يحسب علي من بيده القلم في السودان انه بعيد عن وجدان وحياة الناس..

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى