أعمدة

د. عمر كابو يكتب في (ويبقى الود) .. حوار البرهان…

أكثر من مرة نوهت في هذه المسافة إلى ضرورة أن ينزل البرهان عند رأي ونصيحة مستشاريه فليس هناك في الدنيا رئيس يحكم بدون مساعدين أكفاء تتوفر فيهم شروط الكفاءة والذكاء المفرط وروح الإقدام والمبادرة والمقدرة العالية على استشراف المستقبل وقراءة الأحداث قراءة منطقية بعيدًا عن الأماني والأحلام والأشواق ؛فالسياسي الناجح هو من يتخذ القرار الصحيح بناءً على المنطق والموضوعية واستصحاب واقعه المحيط دون أدني اكتراث لحظوظ النفس وشحها وماتشتهي بعد أن يوسع باب المشورة لمستشاريه٠
أجزم أن السيد الرئيس البرهان لم يتخذ قرار الجلوس إلى الحاقد التعيس الفاسد لقمان (غيرالحكيم) بناء على توصية ونصيحة مستشاريه ولم يمكن هؤلاء المستشارين من معرفة حتى تفاصيل الحوار ولا الأسئلة المطروحة قبل الحلقة ولو أنهم اطلعوا عليها قبل الحوار لما وافقوا عليها من الأصل فقد تم إعدادها بدقة متناهية لاجلاسه على كرسي الحوار متهما يدافع عن نفسه كمجرم ومن بعد ذلك تتم محاكمته من مشاهديه وأخيرا يصدر الرأي العام حكمه النهائي بالادانة أخلاقيا وسياسيا٠٠٠ فبالنظر إلى أن التعيس لقمان غيرالحكيم هذا ظل يتقاضى راتبا كاملا من دوائر أجنبية فهل كان ينتظر البرهان أن تكون الأسئلة منطقية موضوعية تخاطب قضايا المواطنين وتجيب على أسئلة الحاضر والمستقبل وقد أعدها رجل (مشبوه) في كل شيء؟؟!!
الرجل الخسيس الذي انتظر الشارع السياسي إنهاء تكليفه منذ اللحظات الأولى من تاريخ ثورة ٢٥ يناير عطفا على مواقفه التافهة من الجيش وتحويل تلفزيون السوداني إلى بوق ضد قواتنا المسلحة وقيادتها في كل برنامج ولقاء وسانحة حتى استحق نوط الخيبة والنذالة حافزا للتخزيل والإساءة لأعظم جيش في عالمنا المحيط تطورًا والتزامًا وشجاعة وإقدامًا.
فالأسئلة أعدت إذن مرتبة ترتيبًا مسبقًا لتشكل محاكمة كما أسلفنا ليس للبرهان فحسب بل للمؤسسة العسكرية كلها في إطار خطة العدو لمسحها وتفكيكها والقضاء عليها لكن من باب الإنصاف يمكن القول بأن البرهان تفوق على نفسه في معظم الإجابات حين جاءت ردوده قوية متماسكة منطقية مقنعة لكل قلب خال من الغرض والمرض..
رغم قناعتنا التامة أن الحوار كان يمكن أن يكون أفضل من ذلك بكثير لو كان محاور البرهان رجلًا غير هذا الفاسد ضعيف الشخصية باهت الحضور..
وأيضا كان يمكن أن يكون أعظم أثرًا وتأثيرًا لو انحصرت الأسئلة في هموم الشارع العريض (قفة الخضار) والطمأنينة والسلامة العامة وإغلاق الجامعات الحكومية والصحة وكهرباء الصيف وتحديات الزراعة والعلاقات الخارجية٠
آن الأوان أن يتهيأ البرهان نفسيًّا لمرحلة جديدة يتجاوز فيها مربع هاجس قحط منحازاً إلى سعة الوطن الكبير وأول خطوات ذلك بأن يسارع إلى إعلان حوار سوداني سوداني خالص يشارك فيه الجميع بلا استثناء فليس من المعقول أن يكون لغته وخطابه قبل ثلاث.سنوات هو ذات لغة وخطاب اليوم فإن استوعبنا عبارة ((باستثناء المؤتمر الوطني)) التي قيلت في سياق محدد وظرف معين تفاعلًا مع حالات التصريخ والتهييج الموتورة وهتافية الفوضي والعبط ((أي كوز ندوسو دوس)) و((معليش معليش ما عندنا جيش)) فإن شارع اليوم أكثر تصالحا واعتدالًا مع الإسلاميين ومع الجيش إذ غدا شعار المرحلة المناداة والمطالبة بعودة البشير والأسف الطويل على ذهاب حكومته إلا شرذمة قليلة قوامها أحزاب اليساريين التي ما زالت تبث غلها وحقدها الدفين ضد الإسلاميين ذلك وحده يقوم مبررًا كافيًا لأن يستبدل البرهان لغته وينسى عبارة (إلا المؤتمر الوطني) فمنطق الأشياء يؤكد بأن المؤتمر الوطني حزب محترم كبير صاحب أعظم سجل انجازات لم ولن يشاركه فيها حزب في المستقبل القريب ولا البعيد٠ أجل سيظل الحزب الأكثر تأثيرًا والأعظم حضورًا والأوسع انتشارًا والأعمق فاعلية٠
غير بعيد من هذا فليس من العدل والموضوعية في شيء أن يطول حبس رموزه أكثر من ثلاثة أعوام فإن قامت مبررات موضوعية لاعتقالهم بداية الثورة المزعومة فقد انتفت كل تلك المبررات والأسباب الآن وأضحى الحديث جهرًا أن البرهان نفسه وراء اعتقالهم وهو حديث لايخلو من صحة فلا قانون ولا منطق ولا عدل يبقى معتقل في زنزانته ثلاثة سنوات دون تقديمه إلى محاكمة أو تحر أو تحقيق فلماذا لايوجه بإطلاق سراحهم؟؟!!
سيما أن هذه الاعتقالات التعسفية الباطشة الظالمة هي أحد أهم الأسباب وراء الاحتقان وحالة الانسداد الحالية ما جعل حكومته تسدد فاتورته من جهة كونها المتضرر الأول منه٠ من هنا لزمه أن يصدر عفوه العام عن كل السياسيين إن أراد زوال ذاك الاحتقان حتى يبدأ الوطن تعافيه من أكبر أزمة يعاني منها الآن٠
أخيرًا فإنه بحاجة أن (يلاعب) العالم كله لعبة (المحاور) فأي إعلان للتقارب مثلا مع دول في حجم روسيا والصين وتركيا سيجعل أمريكا وأذنابها يسارعون إلى الرضوخ وتقديم يد العون والمساعدة الحقيقية بعيدا عن خطاب الترهيب والتخويف وفرض الرؤى الأحادية والوصاية٠ فقط هذه الخطوة تحتاج منه لتوكل على الله ثم ثقة في الشعب٠ هذا الشعب العظيم الذي ساند البشير واحتمل معه أذى العقوبات الاقتصادية الأمريكية فقط لأنه شعب يرفض الذل والتركيع..
نعم الموضوع يحتاج إلى قرارات حاسمة وشجاعة وخطوات جريئة وتوكل على الله كبير لكن قبل ذلك يحتاج إلى أن يرتب مكتبه فليس من المعقول أن يظل يدير عمله دون أن يهئ مكتبه تهيئة تليق بجلال وهيبة رئاسة الجمهورية ومايقتضيه ذاك من إتقان قواعد البرتكول والمراسم مظهرا ومخبرا فإن من شأن ذلك أنه سيمنع خبث لقمان من الوصول للرئيس البرهان دعك من أن يدس له السم في الدسم٠
راجعوا هذا الحوار ستدركون خبث هذا اللقمان الخبيث غير الحكيم٠

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى