مقالات

التعثر الديمقراطي في السودان وإشكال الإنتقال بقلم : فاطمة لقاوة

ثورة ديسمبر المجيدة جاءت بعد مخاض طويل ،وعبر تراكم نضالي إمتدت إلى أكثر من ثلاثة عقود من الزمان،إلا أنها قد صُدمت بفشل نخبة ودولة ما بعد الإستقلال المستمر في كيفية السعي بصورة ممنهجة من أجل إنشاء نظام حُكم ديمقراطي معافى يقود السودان نحو التقدم والإزدهار.
العجز البنيوي لكتلة القوى السياسية المسيطرة تاريخيا في السودان وتدوير هذا العجز في كل مرحلة إنتقال لتجربة ديمقراطية جديدة ،يجعلنا نطرح عدداً من التساؤلات التي تحتاج إلى دراسة واسعة عبر المؤسسات الإستراتيجية ، منها:
*ما هو السبب الأساسي في فشل الطبقة السياسية في إستلهام القيم التي تحملها الهبات والثورات الشعبية عند وصولها إلى كراسي السلطة؟
*ما الأسباب الحقيقية التي أقعدت القيادة ومنعتها عن القيام بمهامها التاريخية للإرتقاء بالبلاد إسوة بالدول الآخرى؟وهل هناك سبب واحد أم حِزمة أسباب :سياسية وإقتصادية وإجتماعية وثقافية؟وما هي كيفية معالجتها؟!.
*هل ستنجو الديمقراطية المرتقبة من عدم التعثر والفشل؟
*ما هو المطلوب لتحصين الفترة الإنتقالية القادمة؟

القارئي لمجريات الأحداث في السودان يلاحظ فشل النخب السودانية منذ الإستقلال وهي ترفع شعار(تحرير لا تعمير)ذاك الشٍعار الذي أعاق عملية التنمية الإقتصادية في السودان وقاد إلى تدهور الخدمة المدنية في كافة القطاعات ،وربط الخدمات بالمركز دون الإهتمام بالريف وتنميته ،مما أدى إلى نشوب حروب بين المركز وبعض المناؤيين لسياساته-الحركات المسلحة- كلف الدولة السودانية الكثير وأصاب الإقتصاد السوداني في مقتل .
رغم نجاح الثورات الشعبية السودانية إلا أن تسلق الأحزاب لظهر ثورة ديسمبر المجيدة يُعد إشكال أساسي يعيق عملية الإنتقال والعبور نحو أفق الديمقراطية ،وقد يقودنا إلى حروب أهلية إن لم يتدخل العُقلاء .
سقطت الإنقاذ بإرادة الشعب وإنحياز قيادات المؤسسة العسكرية للشارع السوداني ،ولكن لهف الكوادر الحزبية على السلطة وأنغماسهم في أتون الإنتقام وتصفية الخصومات ،ودفع الأحزاب بكوادر تفتقر الخبرة الإدارية وتجيد المشاكسات الصبيانية ،كاد أن يورد الدولة السودانية التهلكة والفناء ،وسارع بإتساع فجوة الصراع بين شركاء الفترة الانتقالية .
أكثر من عامين من عُمر الفترة الإنتقالية ضاعت في خلق البطولات الوهمية عبر المؤتمرات الصحفية التي يقيمها ممثلي لجنة إزالة التمكين دون أن نلمس شيئا في الواقع ما يوحي بتقدم ملحوظ يخرج السودان من نفق الأزمة الإقتصادية المتزايدة.
منذ التحولات التي طرأت على السودان ما بعد ٢٥ إكتوبر ،وإنقسام الشارع السوداني ما بين مؤيد ورافض للقرارات ،وغموض المواقف الإقليمية والمحلية والدولية ،ظلت مياه السياسة السودانية راكدة ،الى أن حركها السيد نائب رئيس مجلس السيادة عندما أعلن زيارته للدولة الروسية،فهل سيشهد السودان تحول جديد قد يساعد في حل عُقدة التعثر الديمقراطي ويساهم في تجاوز عقبة الإشكال الإنتقالي في السودان؟!

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى