أعمدة

(تأملات ) .. جمال عنقرة .. السيد محمد عثمان .. ومبادرة الخلاص الوطني ١-٢”

قبل الوقوف تأملا في المبادرة التي طرحها مولانا السيد محمد عثمان الميرغني مرشد الطريقة الختمية ورئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل، والتي اخترت لها اسم “مشروع” ذلك أنه فضلا عن الظلال السالبة التي صارت تحيط بكلمة مبادرة لكثرة تداولها خارج سياق معانيها اللغوية والاصطلاحية، وضحالة كثير مما حمل اسم “مبادرة” فإن ما طرحه السيد محمد عثمان أشمل وأكبر من ذلك بكثير، فهو مشروع كامل، اخترت له اسم “مشروع الخلاص الوطني” ولكن قبل الدخول في الحديث حول هذا المشروع، لا بد من تقدمة قد تبدو خاصة، لكنني أجدها مهمة للتعاطي مع هذا المشروع الذي أكاد أري فيه طريق الخلاص لبلدنا وشعبنا بإذن الله تعالي.
يعلم كثيرون أني، وبالموروث التاريخي، والأسري، فنحن مع الأنصار وليس الختمية، وفي جانب التصوف فلقد أخذت الطريقة التيجانية علي يد جدي لوالدتي الهائم في حب الله الشيخ جبارة عمر عام ١٩٦٧م، وعلي مستوي الإنتماء الحزبي فقبل التزامي في الحركة الإسلامية قبل نحو نصف قرن من الزمان كنت حزب أمة جناح السيد الإمام الصادق المهدي له الرحمة والمغفرة، وصلتي مع الإتحاديين وتواصلي معهم، كان مع الأمانة العامة التي كان يقودها الراحل المقيم الشريف زين العابدين الهندي له الرحمة والمغفرة، ومعلومة صلاتي التاريخية مع الشريف زين العابدين، وأهل بيته الكرام، وهي صلة موروثة من الأجداد، ومعلومة صلاتي مع أهل الأمانة العامة، ولقد كنت احد حداة مبادرة الشريف للحوار الشعبي الشامل، التي كنا نرجو منها خيرا كثيرا قبل أن يتآمر عليها المتآمرون، وفي أول خطاب رسمي جامع للشريف زين العابدين بعد عودته إلى أرض الوطن في منتصف تسعينيات القرن الماضي لقيادة مبادرته، ذكر ثلاثة أسماء فقط اباة للمبادرة القطب الإتحادي الوطني الراحل الحاج التجاني محمد إبراهيم، والزعيم الإسلامي المؤسس المتفرد المرحوم الدكتور عبدالله سليمان العوض، وشخصي الضعيف، ولما انقسم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل أخيراً إلى تيارين، تيار يقوده نجل رئيس الحزب السيد الحسن، وتيار ثان يقوده شقيقه السيد جعفر الصادق، كنت قريبا من السيد الحسن ولم تكن لي أي صلة بالسيد جعفر، وكنا نقود مع السيد الحسن مبادرة الطريق الثالث لتجاوز الأزمة السياسية قبل سقوط الإنقاذ، وكانت المبادرة تبحث عن طريق ثالث بين “تسقط بس” وتقعد بس” وفي عودة السيد الحسن الأولي لأرض الوطن في عهدوثورة ديسمبر بعث لي لأكون ضمن مستقبليه في المطار، وابلغتني بالرسالة ابنتي العزيزة الدكتورة شذي عثمان عمر، وفي صالة كبار الزوار بمطار الخرطوم أجلس شقيقه السيد المحجوب عن يمينه وأجلسني علي يساره، وبهذه الخلفية اتعاطي مع مشروع مولانا السيد محمد عثمان الميرغني للخلاص الوطني.
قبل أيام ليست كثيرة اتصل بي أخي وصديقي الزميل العزيز الأستاذ عبد المنعم شجرابي الصحفي الرياضي المعروف، وأخبرني أنه قد اتصل به من أمريكا الحبيب ابن الحبيب المهندس عارف نجل الحاج التجاني محمد إبراهيم، وتحدث معه عن ضرورة أن يكون لأبناء وأصحاب الحاج التجاني دور في هذه المرحلة المفصلية الخطيرة من تاريخ السودان، ذلك أن حاج التجاني لم يكن يقف مكتوف الأيدي في مثل هذه الظروف، فمن باب الوفاء له يجب القيام بدور يعين علي تجاوز هذه المحنة الوطنية العظيمة، وأخبرني شجرابي أنه اتفق مع عارف علي انني الأقرب من مجموعة حاج التجاني لابتدار هذا العمل، فتواصلت مع عارف، واتفقت معه علي الجلوس مع ابن الحاج الأكبر وخليفته في كثير من الأشياء، الزعيم الوجيه الزاكي، وصادف يوم اتصالي بأخي وابن أخي الزاكي للتفاكر في هذا الأمر وفاة الشيخ الحبيب الورع التقي النقي الشيخ عبد الوهاب الشعراني، له الرحمة والمغفرة، ووفاة والدة ابننا المهندس مبارك أردول مدير عام شركة المعادن لها الرحمة والمغفرة، واتفقنا علي أن نترافق لتقديم واجب العزاءين، ولما ذهبنا إلى مبارك قدم الزاكي التعزية له باسمه، وباسم أسرة الحاج التجاني محمد إبراهيم، وباسم نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي السيد جعفر الصادق، ثم أعطاه السيد جعفر في التلفون ليعزيه مباشرة، فاستحسن أردول الصنيع، وقال للسيد جعفر، “في انتظار عودتكم مع الوالد مولانا السيد محمد عثمان، البلد محتاجة ليكم” ووعد السيد جعفر أن يحدث ذلك قريبا بإذن الله تعالي.
وفي طريق العودة قلت للأخ الزاكي، من حقك أن يكون لك موقف حزبي، ومناصرة تيار علي تيار داخل الحزب، وعملك ومجهوداتك في هذا الإطار كلها مشروعة ومقبولة، ولكن العمل الذي يكون تحت مظلة حاج التجاني لا بد أن يتسم بسمته، ويهتدي بهديه، فحاج التجاني يرحمه الله كان اتحاديا، وكان الأقرب للشريف زين العابدين الهندي، لكنه كان موصولا ومتواصلا مع الجميع، مع الإتحاديين، ومع غير الإتحاديين كذلك، وأذكر عندما كنا نضع اللمسات المهمة في مبادرة الشريف زين العابدين في القاهرة، صادف ذلك زواج الأخ صلاح مناع من ابنة شيخ العرب الراحل الدكتور عمر نور الدائم الأمين العام لحزب الأمة في ذاك الزمان، فاقام حاج التجاني دعوة عشاء فاخرة علي شرف العروسين في فندق هلتون النيل بالقاهرة، حشد لها كل القادة السياسيين الذين كانوا موجودين في القاهرة من كل الاطياف الحزبية، ومن الموالين للحكومة، ومن نجوم المجتمع، فاتفقت مع الأخ الزاكي أن يستوعب حراكنا هذه المعاني التي تجسد حياة وقيم الحاج التجاني محمد إبراهيم له الرحمة والمغفرة.
ولما استمعت قبل يومين إلى حديث مولانا السيد محمد عثمان قبل – صوت وصورة – وجدت كل تلك المعاني مجسدة فيه، بل أكثر من ذلك، وسوف أعود للحديث عن ذلك تفصيلا في المقال الثاني بإذن الله تعالي، والى أن نعود نقول أني شخصيا قد وجدت نفسي تماما في مشروع السيد محمد عثمان الميرغني الذي طرحه لكل أهل السودان وليس للإتحاديين وحدهم، ولكن الإتحاديين يجب أن يكون لهم فضل السبق، وأهلنا يقولون “البكاء بحرروه اسياده” وفي مقدمة اسياده السيدان الجليلان جعفر الصادق، وشقيقه الحسن، فإن أراد مولانا لمشروعه أن ينجح، ويحقق آمال وطموحات السودانيين في الحرية والسلام والعدالة، عليه أن يلزم ابنيه جعفر والحسن، أن يعودا علي متن طائرة واحدة، يسنتصر السيد جعفر بشقيقه الحسن، وينصر السيد الحسن شقيقه جعفر الذي سماه والدهما نائبا لرئيس الحزب.
نواصل بإذن الله تعالي.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى