بيانات

(تأملات ) ..جمال عنقرة … البرهان في مصر.. الزيارة يكفيك إستقبالها

عندما علمت قبل يومين أو ثلاثة بزيارة رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى مصر، لم أهتم بأى شئ من مخرجات هذه الزيارة، رغم أهمية هذه المخرجات، ورغم التعويل عليها في تصحيح كثير من أخطاء المسير القديم بعد ثورة ديسمبر المجيدة، وتضعنا علي طريق الخلاص والنهضة والنماء، فلم أهتم بكل ذلك، ولكن كنت انتظر الزيارة ليشاهد الناس كيف تستقبل مصر رئيس السودان، وتقارن بينه وبين إستقباله في دول أخري، وليعرف الناس من الذي يحترم السودان والسودانيين، ومن الذي يستخف بهم.
ما حدث للسيد البرهان من إستقبال، وحفاوة، وكرم ضيافة في مصر، لم أكن أتوقع أقل منه، ومصر أصلا ليس لديها أقل من ذلك للسودان، ولرئيس السودان، فلما صل السيد البرهان مطار القاهرة وجد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ينتظره في سلم الطائرة، ومعه طاقم حكومته بالكامل، وطاقم السفارة السودانية في مصر يتقدمه السفير محمد الياس، وتحركا معا تقلهما السيارة الرئاسية يزينها العلمان السوداني والمصري، واصطف مواطنون يمثلون شعب مصر علي جانبي شارع العروبة يحيون ضيف الكنانة الشقيق الحبيب، إلى أن وصل الموكب الرئاسي إلى قصر الإتحادية، حيث كانت تنتظرهم التشريفة الرئاسية، وتم عزف السلامين الجمهوريين السوداني والمصري، وتم عزف السلام السوداني قبل المصري، ثم دعا الرئيس السيسي ضيفه الشقيق لتفقد طابور الشرف العظيم، وجعله يتقدم عليه خطوة امعانا في التقدير والمحبة والإحترام، في تلك اللحظة سالت دموع سودانيين كثر، فرحة وسعادة، وكانت قد سالت قبلها حسرة وندامة، وهم يشاهدون رئيس بلدنا، ورمز عزها وسيادها يستخف، ويستهان به، ويهان في دول كنا نحسبها صديقة وشقيقة، ومعلوم أن في تلك الدول كان يستقبل رئيسنا مسؤولون من الدرجة الرابعة، وعندما يقابل كبارهم بعد سلسلة من “المرمطة” ينتظرونه داخل مكاتبهم، ولا يكلف أحدهم نفسه عناء ومشقة إستقباله في باب المكتب، “قال أشقاء قال”
ما حدث لرئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في مصر، يؤكد ويعضد ما ظللنا نقول به، بأنه ليس لنا غير مصر، ولا يحدث ذلك في عهد السيسي فقط، ولا في ظل وجود البرهان علي رئاسة الحكومة الإنتقالية في السودان، ولكنه يحدث من كل الحكومات المصرية، لكل الحكومات السودانية، فمصر عندها السودان واحد شعب وحكومة، ورغم أنه قد حدثت خلافات بين مصر وبين بعض الأنظمة والحكومات في السودان، إلا أن مصر حافظت علي مواقفها الثابتة تجاه السودان، ومما يذكر أنه عندما حدثت أزمة حلايب لأول مرة عام ١٩٥٨م، وأمر رئيس الوزراء السوداني السيد عبد الله بك خليل الجيش السوداني بالتوجه إلى حلايب، وحدث ذلك بالفعل، فلما بلغ المسؤولون المصريون الرئيس المصري الزعيم جمال عبد الناصر بدخول القوات السودانية حلايب رد عليهم “ان شاء الله يدخلوا قصر عابدين” وأصدر أوامره للجنة الإنتخابات أن تنسحب من حلايب. وأذكر عندما تعرض الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك إلى محاولة اغتيال فاشلة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في العام ١٩٩٥م، واتهمت الحكومة السودانية بالمشاركة في تدبيرها، فلما وصل الرئيس مبارك إلى القاهرة، وقال له قادته العسكريون أنهم جاهزون لشن ضربة تأديبية للسودان، زجرهم، وقال لهم بالحرف الواحد “لن نحارب السودان حتى لو قتلوني” فهذه هي مصر، وهؤلاء هم حكام مصر، ولن أقول لكم عن غيرهم، خصوصا في هذا الزمان، ولقد رأيتم وسمعتم وتابعتم ماذا يفعلون، وكيف ينظرون إلينا، وإلى أين يريدون أن يقودوا بلدنا وشعبنا الأبي الكريم.
لم أنتظر حتى أسمع وأقرأ ما خرجت به هذه الزيارة التي ننتظر – كما ذكرت سابقا – أن تضعنا علي جادة الطريق، فكفاني اليوم هذا الإستقبال الذي يؤكد عمق ومتانة ما بين مصر والسودان، من وشائج حميمة، ويسكت الذين يزعمون بلا دليل ولا برهان أن مصر والمصريين يستخفون بالسودان والسودانيين، ونعود بإذن الله تعالى في مقال قادم لمخرجات هذه الزيارة التي نتمني أن تكون قدر التحديات، ونعود في مقالات أخري، إن كان في العمر بقية كما يقول أخي الحبيب، وزميلي العزيز، ورفقة عمري في بلاط صاحبة الجلالة الأستاذ أحمد البلال الطيب، رد الله غربته، ونصره علي من ظلمه، وهذا أيضا موضوع مهم أكتب عنه في مقبل الأيام بإذن الله تعالي.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى