أعمدة

مصطفى ابوالعزائم يكتب في (بُعْدٌ .. و .. مسَافَة).. لا تنازل عن مطالب شعبنا .

الجميع يتحدّث بإسم الشعب ، وأكثرهم يتحدّث من منطلق الوصاية على هذا الشعب ؛ فالذي يحكم يدّعي أنه حاكم بأمر الشّعب ، والذي يعارض يسرق لسان الشّعب ، والذي يحمل السلاح يزعم أنه متحدّث بإسم الشّعب ، بينما الشّعب المغلوب على أمره يعاني الأمرّين ، وهما الفقر والمرض ، في الوقت الذي يتصارع المتحدّثون بإسمه على السّلطة ومقاعد الحكم ، وإذا ضربت أحدهم الملاريا غادر للعلاج في الخارج ، وإذا أصابه ما يصيب النّاس هنا ، ظهرت جنسيته الثانية وحمل جواز سفره الأجنبي .. وغادر .
( لا تنازل عن مطالب شعبنا ) ذات العبارة المستهلكة ، تصدّرت البيان الصّحفي الصادر عقب الاجتماع الثالث للمجلس المركزي القيادي لقوى إعلان الحرّية والتغيير ، الذي إنعقد يوم الثلاثاء الخامس من أكتوبر الجاري ، بمباني المجلس التشريعي الولائي لولاية الخرطوم ، وقد ناقض المجتمعون أنفسهم وهم .يؤكدون إن الحرّية والتغيير والحكومة _ لاحظ الترتيب _ على أتم استعداد للجلوس مع الأطراف كافة بشرق السُّودان ، وتكامل مجهودات إتفاق سلام جوبا مع مصالح الأطراف الأخرى ، في الوقت الذي تطير فيه التصريحات بأن إتفاق جوبا سيظل كما هو حول مسار الشرق ، مع إشارات واضحة للصراعات الإثنية في الإقليم الذي وجد أهله أن إقليمهم تحول إلى ساحة للصراع الإقليمي والدولي .
ويقول ذات البيان إن أولويات قوى الحرية والتغيير هي إكمال هياكل الفترة الإنتقالية ، في حين إن الواقع لا يتفق مع جاء في البيان ، وأصبحنا نسمع جعجعةً ولا نرى طحيناً ، وهذا هو مطلب الجميع ، ولم نرَ اي إلتزام من قبل قوى الحرية والتغيير بتنفيذ الوثيقة الدستورية المعطّلة عن عمد ، خاصة وإنه قد صدرت تصريحات خطيرة من الدكتور إبراهيم الأمين تتهم البعض بالتدخّل لتحريف الوثيقة الدستورية ، وتغيير بنودها ، وبهذه المناسبة أذكر أنه وعقب التوقيع على الوثيقة الدستورية في يوم السّبت السابع عشر من أغسطس 2019 م ، أذكر أنني إلتقيت بالدكتور إبراهيم الأمين في فندق كورنثيا ، وكان على موعد مع مبعوث الإتحاد الإفريقي محمد الحسن ولد لبات ، الذي إلتقيته في ذلك اليوم ، وقد سألت الدكتور إبراهيم الأمين عن توقعاته لما سيحدث من تطورات ، فكان متفائلاً إلى أبعد الحدود ، لكنني شعرت بأنه قلق بعض الشيء ، لم أسأله لكن ربما كان آنذاك يتوجس خيفة من بعض مكونات قوى الحرية والتغيير ، لكنني لا أستطيع الجزم بذلك .
الآن أخذت تتكشف بعض الحقائق ، وكثير من الغرض والمرض الذي أضعف جسم الحكومة ، فأضعف الدولة نفسها ، مع غياب حكومة الكفاءات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية ، ومع غياب متعمّد للمؤسسات المنصوص عليها ، مثل المفوضيات المُفضية للتحول الديمقراطي التي تتمثل في مفوضيّات الخدمة المدنية ، والتعداد السكاني ، و الإنتخابات ومفوضية مكافحة الفساد ، مع غياب تام للمحكمة الدستورية ومجلس القضاء وغير ذلك .
بيان المجلس المركزي القيادي لقوى إعلان الحرية والتغيير ، يحتاج إلى أكثر من وقفة وقراءة نقدية ، تكشف عن اللغة الإستعلائية مع استخفاف واضح بالمكوّن العسكري ، الذي لولاه ما كان هؤلاء يحكمون ويتحكّمون ، لغة البيان هي لغة بيان إنقلاب مدني ، يتململ ولا يقبل الوثيقة الدستورية ، ولا يراعي الشراكة المنصوص عليها بين المكونين في الوثيقة الدستورية .
لابد من معالجة الخلل وإيقاف هذا العبث .

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى