أعمدة

(تأملات) .. جمال عنقرة أحمد البلال الطيب.. بين أبريل وأبريل

ذكرت في مقال سابق قبل ثلاثة أيام أو يزيد أنني سوف أكتب عن أخي وصديقي وزميلي العزيز الأستاذ أحمد البلال الطيب لما يتعرض له من أذي، وكنت مقدرا أن أكتب هذا المقال قبل أيام، إلا أنني أجلته لدخول حدثين مهمين، رحيل أبي العباس حبيب الناس أستاذ الأجيال المبدع الشامل الأستاذ السر أحمد قدور، وقرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التاريخي بتصفير عداد السودانيين الموجودين في مصر الذين كسروا حاجز الإقامة المسموح به، فكتبت عن هذين الموضوعين العاجلين، وقدمتهما علي مقال أخي ود البلال، وحسنا حدث ذلك أن جاء المقال في السادس من أبريل هذا العام ٢٠٢٢م، وهو ذات اليوم الذي انتصرت فيه الثورة التي عرفت بإسمه، ثورة أبريل ١٩٨٥م، وذات الظلم الذي يقع علي الأستاذ أحمد البلال هذه الأيام، ومنذ نجاح هذه الثورة في الحادي عشر من شهر أبريل ٢٠١٩م، تعرض لظلم مثله عقب نجاح ثورة أبريل ١٩٨٥م، الفرق الأساسي أنه في عام ١٩٨٥م خضع الأخ أحمد إلى إجراءات قانونية سليمة خرج منها مثلما تخرج الشعرة من العجين، علي عكس ما يجري له الآن، وهذا هو موضوع المقال.
كثيرون من السودانيين لا يحسنون الظن بغيرهم، والغيرة والحسد عندهم متفشيان، وهما سبب كثير مما أصاب الأستاذ أحمد البلال ويصيبه الآن، أحمد البلال كان مدخله للصحافة مختلفا، فكان مدخلا اقتصاديا في المقام الأول حيث كان يعمل أولا في مصلحة البريد والبرق في سبعينيات القرن الماضي، وكان يشرف علي سندات الادخار، ويتولي نشر اعلاناتها في الصحف، وفي يوم صادفه حادث وهو في طريقه إلى صحيفة الأيام، فدونه، وحمله إلى رئيس التحرير المرحوم الأستاذ إبراهيم عبد القيوم، الذي اكتشف الحاسة الصحفية عند أحمد، لا سيما الخبرية، فاستوعبه في الصحيفة، وضمه إلى قسم الأخبار الذي صار رئيسا له في زمن قياسي، ومثلما لم تغادر عقلية المخبر أحمد البلال حتى بعد أن صار رئيسا للتحرير، وناشرا مرموقا، كذلك لم تغادر العقلية الإقتصادية والإستثمارية تفكيره، فكان من أوائل الصحفيين الذين امتلكوا سيارات خاصة، وكانت حياته أيضا خاصا، ولما تيسر له من علاقات واتصالات بسبب عمله المتميز في مجال الأخبار، ولما تيسر له من مال بسبب نشاطه الاستثماري، اشاع الحاسدون، والذين يسيئون الظن بعد انتفاضة أبريل ١٩٨٥م أنه كان يعمل في جهاز أمن نميري، فصدر قرار بإيقافه عن العمل، واحالته إلى لجنة التحقيق، مع زميله وزميلنا صديقنا الراحل العزيز الدكتور محي الدين تيتاوي له الرحمة والمغفرة، وبعد أن استكملت لجنة التحقيق كل تحرياتها لم تجد للأستاذ أحمد البلال أي صلة بجهاز أمن مايو، لا من قريب ولا من بعيد، وأنه لم يتلق قرشا واحدا لا من جهاز الأمن، ولا من أي جهة حكومية أخري، وبناء علي ذلك صدر قرار بعودته إلى العمل فورا. ومن الأشياء الغريبة جدا أن براءته التي كان من المفروض أن تسعد زملاءه، لا سيما أنها قد أتت بعد إجراءات تحقيق دقيقة، اشقتهم، وكأنهم كانوا ينتظرون ادانته ومصادرة أمواله، فدخلوا في إضراب عن العمل، والاغرب في ذلك أن الذين قادوا الإضراب كان بعضهم من القريبين منه، وكان يحسن علي كثيرين منهم، ولن أذكر الذين اضربوا، ولكننا كنا أقل من عشرة الذين كسرنا الإضراب، وكنا نصدر الصحيفة يوميا، إلى أن صدر قرار إعادة إسمها إلى أصحابه المرحوم العم بشير محمد سعيد، والمرحوم الأستاذ محجوب عثمان، والأستاذ محجوب محمد صالح، ومن الذين كسروا الإضراب الزملاء حسن الرضي يرحمه الله، وأسامة سيد عبد العزيز، وميرغني ابو شنب، والكاريكترست المرحوم صلاح أبا يزيد، وبابكر ابو الدهب، وحسن محمد زين.
ذات ما حدث في أبريل ٨٥ للأستاذ أحمد البلال الطيب، حدث له في أبريل ٢٠١٩م، ولذات الأسباب القديمة، الغيرة والحسد، وكما هو معلوم أن الأخ أحمد زاد الله من فتحه عليه، ولأن البعد الإقتصادي والإستثماري دائما حاضرا عند أحمد البلال، فلما تم إرجاع صحيفة الأيام لأصحابها عام ١٩٨٥م، لم يفكر في العمل موظفا عند غيره، فعمل علي تأسيس صحيفة “الأسبوع” مع زميله المرحوم الدكتور محي الدين تيتاوي، والدكتور سليمان عثمان، واحتلت الأسبوع مكانها في صدارة الصحف المستقلة، ولما أوقفت الإنقاذ الصحف السياسية واتاحت الصحف الرياضية والاجتماعية للأفراد أسس أحمد صحيفة الدار والتي تربعت علي عرش الصحافة السودانية كلها، وعلي مدي أكثر من ثلاثين عاما، وأذكر عندما سمحت الإنقاذ بصدور صحف سياسية، اتفقت مع الأستاذ محجوب عروة علي إدخاله شريك معنا في صحيفة “السوداني الدولية” واتفقنا أن يكون محجوب عروة رئيسا لمجلس الإدارة، وأحمد رئيسا للتحرير، وأكون مديرا للتحرير، وذهبت إلى أحمد في مكاتب الدار التي كانت في بحري، ودعوته لاجتماع لثلاثتنا في مكاتب السوداني الدولية، فجاء معي واجتمعنا، لكنه اعتذر لأن لديه مشروع خاص يريد أن يمضي فيه، وكان له سبب آخر أقوي، أحتفظ به لنفسي لأنه يدخل ضمن أسرار المجالس، ثم مضي في مشروعه الخاص، فكانت إمبراطورية اليوم للصحافة والنشر، والتي يعود إليها الفضل من بعد توفيق الله في كل هذا النعيم الذي يرفل فيه أخونا أحمد البلال الطيب، ويحسده عليه كثيرون، وبسببه أصابه ما أصابه في أبريل الثانية.
والفرق الأساسي أنه في أبريل الثانية لم يتم تحقيق، ولا تحري، فصدر قرار بتجميد كل حساباته البنكية، وتم حجز كل ممتلكاته، ولقد سلك كل السبل التي يمكن أن تبرئ ساحته، وسلك معه ذات السبل كثيرون من أهله وعشيرته وزملائه، ولكن لا حياة لمن تنادي، وأذكر قبل عامين أو يزيد سافرت دبي مع الأخ الدكتور العميد الطاهر أبو هاجا المستشار الإعلامي للسيد رئيس مجلس السيادة في صحبة منظومة الصناعات الدفاعية للمشاركة في معرض دبي للطيران بدعوة من مدير شركة صافات السابق اللواء م ضياء الدين الخير سعد عمر، وزانا في مقر إقامتنا هناك الأخ أحمد البلال، وتحدثنا في موضوعه، ووعد أبو هاجا بعرض الموضوع علي سعادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، واحسبه قد فعل، وأبو هاجا من أبناء مدرسة أخبار اليوم، وأحمد أول من فتح له نافذة في بلاط صاحبة الجلالة، وأبو هاجا رجل وفي، وحافظ للجميل، وعلي المستوي الشخص تحدثت مع ابن أخي سعادة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة الفاعل، واتصل شمس الدين مباشرة، وفي حضوري بدينمو لجنة إزالة التمكين المحلولة إيهاب الطيب، وإيهاب مه أهل أحمد البلال وكان موظفا عنده في أخبار اليوم، وقال الفريق لايهاب بالنص ” يا إيهاب مالكم مع أحمد البلال الطيب؟” فكان رد إيهاب “ما عندنا معاه أي حاجة، بلاغه فاتحنو ناس زيرو فساد، وعنده مستشار قانوني متابع الإجراءات القانونية”
كنت أتوقع بعد أن قضت زيرو فساد نحبها، وذهبت لجنة إزالة التمكين غير مأسوف عليها، أن يصدر قرار فوري بفك حظر كل ممتلكات أحمد البلال، وأن تعود لها حقوقه المسلوبة، وتوجه له دعوة رسمية للعودة إلى وطنه معززا مكرما، ويكفي أحمد البلال أنه بعد كل ما أصابه حرص علي ألا تغيب أخبار اليوم، وظلت تصدر يوميا بإشراف شقيقه المقاتل الأخ عاصم البلال وشلة المرابطين، وظل أحمد البلال يتكبد خسائر مليارية شهريا طوال الثلاث سنوات الماضية، فقط من أجل أن تظل أخبار اليوم حاضرة، ومواصلة في أداء رسالتها الصحفية والوطنية من أجل وطن يسعنا جميعا، أليس هذا وحده كافيا لصدور قرار سيادي ينصر أخانا الحبيب أحمد البلال الطيب.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى