أعمدة

أمل ابوالقاسم تكتب في (بينما يمضي الوقت) .. زمن الغتغتة والدسديس انتهى. الحداث سواي

العبارة الشهيرة اعلاه أطلقها نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد قوات الدعم السريع الفريق أول حميدتي ثم سارت بها ركبان الميديا واستعان بها الكثيرون عند مواضع بعينها إسوة بالامثلة الشعبية ، لكن قلة من بجسدها وعلى رأسهم قائلها حميدتي فالرجل ببساطته المعهودة لا ينفك يرسل ويصوب صواريخ كلماته في كل الاتجاهات دونما كبح لجماحها أو فلترتها فتخرج هكذا على السجية كما هو حال الرجل والذي اعتقد انه لا يخضع أو يلتزم باملاءات الخبراء والمستشارين حوله فمتى ما عن له قول أمر قاله هكذا بلا قيود ودون أن يلتفت خلفه أو لتداعياته ولعل هذا ما يميزه دون سائر المسؤولين. ومما لا شك أن في تصريحاته القول الفصل مستندا على عبارته ( زمن الدسدسة والغتغيت انتهى) ولا أعتقد أن للزمن حدود مع حميدتي فمن الواضح أن الشفافية صفة ملازمة له وطبع لا يتزحزح.

شفافية حميدتي وعفويته أصبحت احيانا محل تندر فحال استعصت خفايا أمر ما على معرفته وكنهه وما يحمله في جوفه يقول البعض (ما مشكلة ننتظر حميدتي فمن المؤكد أنه سيفته ذات غضبة) لكن في الحقيقة هو كثيرا بلا غضب يقول ما يحلو له من قول يضرب في عصب الحقيقة مهما كانت قسوتها ومهما كان فاعلها ومقررها.

قلت إن الرجل ظل هكذا في كثير من الأحيان لكنه أمس وخلال معايدة حاكم إقليم دارفور المحضورة بداره بالمهندسين (زاد العيار) وأطلق راجمات وهو يفتح النار في كل الاتجاهات وكما أسلفت فقد وضع المبضع على مواطن الجروح تماما، وبعيدا عن حديثه عن التغيير وكيف أنه لم يكن مرضى للجميع ودعوته لتوافق أكثر مرونة، إلى جانب فضحه لأشخاص قال إنهم يتفقون معهم ثم وبموجب املاءات من آخرين ينقضون حديثهم ، كذلك إشارته إلى أنه لولا تدخل الأجهزة الأمنية لكان البشير حاكما حتى الآن. وهذا ما ظللنا نقوله دائما بأن هذا الحراك الثوري الذي تحركه ايادي ومصالح متقاطعة لن يؤتي أكله ما لم تدعمه الأجهزة الأمنية بما فيها العسكر الذين يعملون على اسقاطهم وعبثا يحاولون حتى وإن خرجت الشوارع كل يوم لذلك ( ختو الكورة واطة) واجلسوا للحوار وعندها لكل حدث حديث والفرصة أمامكم لتملوا شروطكم ( الموضوعية ) وتتوافقوا على ما يخرج البلاد مما هي عليه أن كان فعليا قلوبكم عليها.

قلت إنه وبخلاف ما ذكرت وحديث آخر كثير تحدث حميدتي عن أهم قضية بصراحة منقطعة النظير عندما قال: (هل كان في 9 طويلة زمن البشير؟، وأين الآن الأجهزة التي كانت تحاربهم؟.. كل مجموعات 9 طويلة كشوفاتهم عند الأجهزة، معروفين فلان وفلان وفلان ورئيسهم علاني وفلان، ممكن يلموهم خلال أسبوع أو يومين، نحن تاني ما بنتحمّل الموت ده)!، وهذه حقيقة صادمة لم يجرؤ بقولها مسؤول لكنها تدور في حديث المدينة ويبقى السؤال يا سعادتك إن كنتم تعلمون بذلك وانتم جهة سيادية لم الصمت والقضية محسوبة عليكم بلا استثناء؟.، وكذا حديثك المكرور عن أن ما يدور في دارفور مصطنع فإن كنتم تعلمون الصانع لم الصمت والاكتفاء بالتصريحات؟.

قال حميدتي أيضا: (الليلة لو نميري طلع لينا من القبر، بنجيبو نختو في الكرسي ده، ما عندنا أي مشكلة، لأنو كان زول كارب قاشه وكارب، وما كان البلد بتمشي بالطريقة الماشة دي). ( يا لطيف) و( خشمي عندي ).

ثم أردف مقذوفاته (البلد دي والله قنعنا منها.. بلد زي دي تمشي بنفاق كيف؟) وبرايى أن هذا حديث ينبئ عن أشياء وأمور كثيرة تجري في اضابير الحكام.
ما قاله وسيقوله الرجل كثير حتى وصفه بالامية تطرق له وقال ( تعالوا انتوا الفاهمين نحن بتبعد ليكم) ولعمري فإن الأمية التي ظل يوصف بها تساوي شهادات اكاديمية متراكمة لآخرين خاويي الدماغ وبجسدون ( القلم ما بزيل بلم) فيكفي حكمته ونقاءه الذي استمده من حياة البادية فالرجل مغتسل برمال البوادي التي لم يلوثها نفاق المدنية ،ودونكم الشفافية التي تنم عن صدقه والبصيرة التي يهتدي بها بلا رتوش.

حاكم إقليم دارفور من أولئك القلائل الذين يطلقون القول على عواهنه ، فهو ليس بعيد عن حميدتي في الشفافية ولعل أهم ما قاله أمس بعد استعراضه مشاكل دارفور التي يعتبرها قضية إنسانية في المقام الأول والتي يجب أن يحس بها كل كائن، فضلا عن نسبها للنظام السابق بفضل سياسات البشير بالاقليم سيما غرب دارفور معتبرا أن تاريخها الذي رسخ لها حتى الآن يبدأ من العام ١٩٩٦م وليس ٢٠٠٣ كما يعتقد. اهم ما قاله بعدها أنه القى بمسؤولية إدارة الحوار المرتقب والدعوة له للأحزاب الكبيرة القديمة التي بلغ عمر بعضها التسعين وان لابد أن يجلسوا الي جيل وشباب بعقلية وافكار متقدمة ليحاوروهم.

نعم اتفق مع السيد مناوي تماما فعلى هذه الأحزاب العجوز أن تتخلى عن الحلم بالحكم فقد انتهى عهدها ولتفسح المجال للأجيال الجديدة فزمانهم ومطلوبات عهدهم ليست كمطلوبات وزمان تلكم العجوز والكبيرة والتي من المفترض أن تعمل فقط على توجيههم بالحكمة وتسكب عليهم عصارة خبرتها المتزنة المكتسبة من قادتها من السلف الصالح.

يحمد للسيد مني اركو مناوي أن جمع في دعوته أمس كل أطياف المجتمع والالوان السياسية ولم ( الشامي على المغربي) في خيمته العظيمة التي نصبها امام داره.
مناوي وأهله جسدوا أصالة اهلنا بدارفور واحتفاءهم بالضيوف وأكرامهم بالخير الوفير أو حتى البسيط ، فقد وقف سيادته بنفسه على إكرام ضيوفه والطواف عليهم عقب البرنامج مرحبا بهم كما وقف على وداعهم كذلك بنفسه.

ادام الله علي السودان نعمة التوافق والتكافل ونتمنى أن نرى التمازج الذي شهدناه بالأمس واقعا على مائدة حوار يفضي إلى ما فيه سلامة البلد الجريح

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى