أعمدة

(الراصـــــــــد) ..فضل الله رابح .. السُودَان .. هل ثمـة سبـاق بارِد فىِ طّور التشٌكّل .. (1)

الجميع تابـع خِطابات القّوى السياسيــة والعسكريـة بمناسبـة عيــد الفطـر المبارك وهنا لم أعمد الدخول فى إحصـاء دقيـق لكن فى مجملها أقـول أنها تعبـر عن حالـة توهان فى الرؤية الوطنية الكليـة .. والمتابـع لخطابات الجانب العسكري بمناسبة عيد الفطر المبارك يلاحظ أن فيها ما يشير الى غياب الرؤية الواضحة فى كل ما يدعو الى الوحدة ولم الشمل ، ونبذ كل ما من شأنه أن يفرق ويمزق النسيج الاجتماعي الذي يتحتم على كل مسؤول ان يضعه نصب عينيه في كل قول وفعل ، فالمسؤولية تتطلب الحصافة والانتباه لسد كل الثغرات التي تكون منفذاً يقود إلى ضعف البلاد وتفريق شعبها .. هذا التوهان لم تسلم منه النخبـة العسكريــة الحاكمـة التى تمثل صمام أمان بالنسبـة للمواطن السودانى في حال حدوث أى تنازع على الثوابت الوطنيـة فإن العسكريين بإمكانـهم تعديل المشهد واستيعاب أى متغيـر داخلى أو خارجى ولكن خطابـاتـهم الأخيرة قد أربكت المشهد وقد وقفت على أطراف النص وأعماقـه فى آنٍ واحد وتركت الشعب السودانى ما بين الشـك واليقيـن وحولت الجميع إلى غرفـة محتوى الاشاعات وتاهت الحقيقة وتشكلت مواقـف جديـدة بناءً علي المعلومات المضللـة .. كما أن خطاب الفريق أول محمد حمدان دقلو ( حميدتى) فى معايدة حاكم إقليم دارفور و الذى استدعى فيه تاريخ الراحل جعفر نميرى وبدون أي مناسبـة موضوعيـة ظاهرة بما يشي بدوافع خفيـة خلفـه وحميدتى عادة ما يمنـح مقـولاتـه نوعاً من التحرر بطبيعتـه وتحويل المعانى المثاليـــة المباشرة إلى نص جدلى قابل للتحليل والنقاش والتأويل كما أن بعضٌ يجتـهد كثيراً في استخراج الدلالات النهائيــة من تحت سطح الايحاءات التى ترد في تصريحات حميدتى .. إن حديث حميدتى ترك النهايات مفتوحـةً وحطم كل ماهو مقدس عسكرياً حين قال : ( نميـرى كان كارب قاشو ) .. أما الفريق ياسر العطا في حواره مع الزميلـــة عفراء فتح الرحمن بقناة سودانية 24 فقد نحا بعباراته تجاه المساهمة فى توليــد ثورة جديــدة من خلال الإشارات التى وجهها تجاه التغيير عموماً ولجنة التمكين خصوصاً ومحاولات تبريـر ممارساتـها السيئـة بمقولات تأسس لتأويل مفتوح كما أن حديثـه عن طموح للحكم هنا وهناك من قبل العسكريين أسس ايضاً لتأويل وتساؤلات ما يفرض أن العطا إما أنه طرف ثالث فى معادلـة مطامح الحكم وهذه الرغبـات أو أنـه قصد أن يرسل رسائل تستبطن إشارات لبناء تحالف جديد في سوق السياسـة السودانيـة الرائج هذه الأيام وأراد أن يكون جزءاً منــه وإلا لما تعمد العطا أن يجحد قول حقيقـة فساد لجنـة التمكين وهو قد استقال عن رئاستها من قبل بسبب هذه المخالفات لكنه يجتــهد هذه الأيام بأن يجعلـها أشبـــاحاً حاضرةً وهى غيـــاب بنظريــة تفعيـل مبدأ اللعب المفتــوح على كل الاحتمالات .. أما الفريق شمس الدين كباشى الذى كان يجد تقديراً عند كثيرين كان العشم أن يقدم مايفيــد القوميـة سيما وهو يمتلك خاطراً وسط العساكـر هو الآخر خفت صوتـه ويبدو أن مجموعة ضيقة حولـه حجبته عن الآخرين وحدت من تفاعلـه الايجابى مع كل السودانيين وحاصرتـه بقضايا مكون إجتماعـى ضيــق .. كان خطاب شمس الدين كباشى جامع ومقبول لكنه ضعف محلياً ويبدو أن إشرافـه على ملفات العلاقات الخارجيـة أخد منه الكثير وفى نفس الوقت إستعصم الفريق أول عبدالفتاح البرهان بالبقاء فى قريته (قندتو) بنهر النيـل ومراقبــة المشهد والتصريحات والممارسات الفعليـة ومن ثم تفكيك أنساق الحديث لكى يضع بصمتـه وخياله الذى ربما أيضاً لن يراعى في التعبير وحدة الهويـــة العسكريـة المهددة من قبل المدنيين من قوى الحرية والتغيير بالتفكيــك والاحلال والابدال والابقاء فى الثكنـات والذهاب بقادتـها إلى السجون وفى ذلك يعلم البرهان وحميدتى وكل أعضاء الجانب العسكرى أنه لن تشفع لهم مقولاتهم وإنحيـازهم لمطالب الثورة ومطامح الشعب ولا الاستجابــة والتجاوب مع الأجنـدة والأحداث الخارجيـــة ومطلوبات المحاور .. ومهما فعل البرهان في نظر الحرية والتغيير (4) طويلـة أنه يعمل لأجل تحقيق مطامح العسكر الذيـن يريدون الانفراد بالسلطـة وتجنب المحاكمات والاعتقالات والاجراءات القانونيـة التى يتمشدق بها البعض من قيادات (4) طويلـة والشيوعيون ضـدهم .. وفى ذلك سيجتهد اليسار والحرية والتغيير في دق إسفين بين المكونـات العسكريـة والاستفادة من الطموحات الزائدة للبعض فى صناعة الشائعـات وعمل كل ما هو مرتبط بالوقيـعـة بين الجيش والشعب والجيش والقوى العسكريـة الاخرى وسيجتهدون حتى لا تتحـد القوى العسكرية ولا تسعى لبناء تصالح وتوافــق مع الجميع .. وهذا من أكبـر التحديات التي تواجه الدولة السودانيـة ومؤسساتـها العسكرية وعقبة أمام كل التدابير الملائمة لمواجهة هذا التحـدى وفى هذا الصدد لفت نظرى مقال كتبـه الزميل يوسف عبدالمنان أشار فيـه الى أن جهة حكوميـة رفيعة عمدت إهداء بعض الإدارات الأهلية المواليـة لها سياسيـاً واجتماعيـاً بجنوب كردفان سيارات دفع رباعى و حرم منها عن آخريـن لأنهم عنصر اجتماعى غير مرغـوب فيه وهذا المنهج إن صح فهو أس البلاوى التى تقف حجر عثـرة وأداة من أدوات الصراع القبلى والتمييز الاجتماعى غير الايجابى وهذا يتطلب من الدولـة وضع آليـة محكمة وضابطة لإدارة التنـوع واعتماد النظام الفدرالى معياراً لتوزيع الثروة والديمقراطية التوافقيـة بحسبانها معياراً لتوزيع السلطـة بين السودانيين وإلا فنحن أمـام خطابـات ورسائل للمسؤولين بالدولة السودانيـة ستوردنا موارد الهلاك وبضعف ادراك من قبل بعضهم لمآلات غيـاب الرؤيــة الكليــة فى مثل هذه المناسبـات ستمثل إفرازاتها السالبــة فجوةً كبيرةً بين الشعب ومؤسساتـه العسكريـة قبل أن تكون فجوة كبيرة بين الجيش ومؤسساتــه العسكريـــة بعضها بعضاً وعندها ستضيع ركائز الدولـــة السودانيـــة وسيتشكل واقع جديــد أكثر سوءاً من الذى عشناه .. واقــع لا يراعى جماع رؤى أهل السودان فى ما يخصهم من قضايا وهموم وطنيـــة ملحــــة ..

نواصـل إنشاء الله

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى