مقالات

(تأملات) .. جمال عنقرة ..الشيخ الياقوت ومصر .. جسور وصل وتواصل

لم أر شيخنا الجليل شيخ المشائخ الشيخ الياقوت الشيخ محمد الشيخ مالك شيخ الطريقة السمانية الخلوتية، لم أره قريبآ منشرحا بهذا القدر الذي استقبل به يوم أمس الأول ضيوفه من مصر صديقنا الحبيب المستشار أحمد عدلي القنصل العام لجمهورية مصر العربية في السودان، ونائبه السيد طارق، والسكرتير الأول في السفارة السيد أحمد طلعت، وبقية الوفد الكريم، فلقد تحامل الشيخ علي آلامه، وضغط علي أوجاعه، واستقبل ضيوفه في ساحة المسيد البرحة المباركة، وبعد أن صلوا معه المغرب، وادي أذكار ما بعد الصلاة لحق بهم في الصالون، وحرص علي مشاركتهم المائدة التي عجت بما لذ وطاب من الفواكه والعصائر ومختلف أنواع الحلويات الشرقية، والمشروبات الساخنة تشجيعا لهم لتناول طعامهم بأريحية وبساطة، وظل معهم في الصالون لم يفارقهم إلى أن خرجوا معه لأداء صلاة العشاء، ثم طافوا بعد ذلك علي المسيد قبل أن يغادروا، ولعل الشيخ قد استحضر مع الوفد المصري كل ذكرياته المخزونة مع مصر أخت بلادنا الشقيقة، والمصريين اشقائنا أولاد النيل، ولقد نشأ الشيخ الياقوت علي وصل وتواصل حميم مع مصر والمصريين منذ أن كان مرافقا ومصاحبا لوالده، وهو لا يزال صبيا في خمسينات القرن الماضي، إذ كانت تربط الشيخ الوالد الشيخ محمد رضي الله عنه صلة قوية بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر، منذ أن كان ضابطا وقبل أن يصير رئيسا لمصر، وورث الشيخ الياقوت هذه الصلة وحافظ علي التواصل بعد أن خلف والده في مشيخة الطريق عام ١٩٦٢م، وكان للشيخ علاقات ممتدة في مصر مع اوليائها الصالحين، الأحياء منهم، والميتين، وكان يزور مصر في العام أكثر من مرة، وكانت له صلات حميمة مع مفتي الديار المصرية الشيخ علي جمعة، ومع الشيخ السيد أبو الوفاء شيخ مشيخة الطرق الصوفية في مصر في ثمانينيات القرن الماضي، ومع الإمام الأكبر الشيخ البروفيسور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ومع الشيخ صالح الجعفري رضي الله عنه، ومن بعده إبنه الشيخ عبد الغني، والشيخ ماضي أبو العزائم، ومن بعده إبنه الشيخ عز الدين، وله صلات واتصالات مع الشيخ الدكتور أسامة الأزهري، والشيخ الدكتور جمال فاروق الدقاق، وكان الشيخ الياقوت أطال الله عمره، عندما ينزل مصر يتواصل مع كثيرين مع مشائخها وعلمائها، وكان منزله يتحول إلى مزار وملتقي للأحباب والمريدين والأصحاب من مصر والسودان، وكان يحرص علي توزيع صلواته بين مساجدها داخل القاهرة وخارجها، السيد الحسين، والسيد زينب، والسيدة عيشة رضي الله عنهم، وبوابة طنطا سيدي الشريف أحمد البدوي، وحارس دسوق سيدي إبراهيم الدسوقي، والسيد المرسي أبو العباس، وغيرهم من أولياء الله الصالحين اوتاد أرض مصر الطاهرة المطهرة، وكان الشيخ الياقوت يحرص علي زيارة معرض الكتاب الدولي في القاهرة كل عام، ولا يعود إلا ومعه كل ما صدر خلال العام من أمهات الكتب، يقضي عامه في الإطلاع عليها ودراستها ومدارستها إلى أن يأتي العام الجديد فيعود إلى مصر لمعرض ذاك العام، ويفعل ذات ما فعل في العام الذي مضي، ولما اقعده المرض لم تقعد همته، ولم تفتر عزيمته في اقتناء الكتب، ودراستها، فظل يبعث كل عام من يفعل له ذلك، وغالبا ما يكون المبعوث لمعرض الكتاب إبنه الشيخ الغزالي، وأذكر أنه كان له ترزي جوار مسجد سيدنا الحسين يفصل له عباءاته، وكان يحفظ مقاساته، بل ويعرف الألوان التي يحبها، واصناف القماش التي يرتديها، ولعل الشيخ الياقوت استدعي، واستحضر كل ذلك وهو يستقبل ضيفه المستشار أحمد عدلي القنصل العام لجمهورية مصر العربية في السودان، والوفد المرافق له.
ولم يكن الضيف أقل سعادة من المضيف، وقد تكون سعادته كانت أكبر وأعظم، ولعلم الذين لا يعلمون فإن المستشار أحمد عدلي تعليمه العام أزهري، فلقد درس من الابتدائي وحتى الثانوي في المدارس الأزهرية، وجلس لامتحان الشهادة الأزهرية، ثم دخل بعد ذلك جامعة القاهرة، وهو حافظ للقرآن الكريم ومجود له، وهو متصوف، ومحب لله، ولأهل الله، ولقد وجد نفسه في رحاب الشيخ الياقوت، ولعله وجد فيه ضالته أيضا، فلقد ظل المستشار أحمد عدلي، ومنذ حضوره إلى السودان قبل نحو أربعة أعوام تقريبا أو يزيد قليلا، ظل يسعي لفتح نوافذ تعاون بين الأزهر الشريف والسودان في مجلات مختلفة، وهذا ما وجد له استجابة ورغبة عاليتين عند الشيخ الياقوت وأبنائه ومحبيه، فتعهد بمد جسور للوصل والتواصل والتعاون الإيجابي بين مسيد الشيخ الياقوت، وبين مصر عموما وبينه وبين الأزهر الشريف بصفة خاصة، ولقد زادت زيارة السيد أحمد عدلي لمسيد الشيخ الياقوت، زادت من عزمه علي مزيد من التواصل مع مؤسسات المجتمع المدني والأهلي السوداني الراسخة والعميقة ممتدة الجذور، عظيمة الأثر، وهذا هو المطلوب لتعزيز وتعميق التواصل السوداني المصري.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى