أعمدة

مصطفى ابوالعزائم يكتب في (بُعْدٌ .. و .. مسَافَة) ..السودان .. عودة للعمق الإفريقي

قبيل جولته الأفريقية الأخيرة التي شملت كل دولتي الغابون ، وغانا ، جلست وثلاثة من الزملاء الكرام ، إلى الفريق بحري مهندس مستشار إبراهيم جابر إبراهيم ، عضو مجلس السّيادة الإنتقالي ، في لقاء قصير لم يتجاوز الإثنين وثلاثين دقيقة ؛ قدمنا فيه إستفسارات حول الأوضاع الراهنة في البلاد ، ومحاولات التدخل في الشأن السوداني من قبل بعض القوى الخارجية ؛ وقد كان حديث الرجل حديثاً مسؤولاً ، لا يمكن وصفه بأكثر من أنه حديث رجل دولة ، جاء متسقاً مع كل المواقف الرسمية للأجهزة الرسمية والدبلوماسية والحاكمة .
بعد ذلك اللقاء بأيام قليلة غادر الفريق إبراهيم جابر في جولة قصيرة مثلما أشرنا إلى ذلك ، وهو في ما بدا لي مناط به أمر العلاقات الخارجية الأفريقية داخل المكون العسكري ، في مجلس السّيادة ، وهذا إجتهاد مني ، لكنه إجتهاد قام على أسس وحيثيات معينة ، إذ سبق للفريق جابر أن قام بسلسلة من الجولات الأفريقية خلال هذا العام ، كان لها أثرها في تجديد العلاقات بين الخرطوم وعديد من دول قارتنا الأم إفريقيا ، وذلك كله لا ينفصل عن تأثر السودان بما يجري حوله ، سواءً في دول الجوار المباشر ، أو الجوار الإقليمي ، ونحن نرى وننظر ونشاهد ونعايش ما يجري في أثيوبيا وإريتريا وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى ، وغيرها ؛ ويعرف المهتمون بالشؤون الأفريقية العامة ، حجم الإهتمام الذي توليه بعض الدول الغربية لأفريقيا وشعوبها ، ليس حرصاً على هذه الدول والشعوب ، بقدر ما هو حرص على الموارد الطبيعية التي تذخر بها هذه القارة ، وأطماع بعض دول الغرب في هذه الموارد ، لذلك تعمل بعض الدول على بث الفتنة في كثير من الأقطار الأفريقية ، وإشعال الحروب بين مكونات القارة ، تارة بأسم الدين ، وتارات بإسم العرق والعنصر ، مع إستغلال التداخلات القبلية والاجتماعية بين شعوب دول إفريقيا ، إذ أن الحدود التي رسمها المستعمر ، تم ترسيمها على أسس سياسية ، وعلى أسس تقسيم المصالح بين تلك الدول المستعمرة .
وبالعودة إلى جولات الفريق إبراهيم جابر الأفريقية ، نجدها شملت دولاً تتشابه ظروفها مع ظروف بلادنا ، وبعضها يعاني من أشكال الصراعات السياسية ، وصراعات المصالح التي نعاني منها ، وتعاني منها غالبية دول العالم الثالث ، وهو في تقديرنا أزمات مصطنعة ، ويتطلب تجاوزها تفاهمات بين القيادات الحاكمة في هذه الدول التي تتشابه ظروفها ، وتعاني شعوبها في ذات الوقت .
بالعودة إلى جولة الفريق جابر الأخيرة التي زار فيها كل من الغابون وغانا ، وسلم خلالها رسالتين من رئيس مجلس السّيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ، لكل من الرئيسين الغابوني عمر بونغو ، والغاني تانا أكوفو أدو ، نجد أنها جاءت في توقيت تشهد فيه بلادنا مخاضاً صعباً من أجل تحقيق التحول الديمقراطي ، مثلما تشهد محاولات من بعض الدول الشقيقة والصديقة ، وغير الصديقة أيضاً ، للتدخل من أجل تحقيق ذلك الهدف بما يخدم مصالح البلاد ، أو مصالح تلك الدول.
وقد جاءت الجولة في توقيت تحتاج فيه بلادنا إلى إعادة الثقة بينها وبين كثير من دول إفريقيا ، وحتى يعود السودان مؤثراً في القارة بحكم موقعه المتميز ، وبحكم إنتماءاته الثلاثة ، للقارة الأم ، وللعالم العربي ، والعلم الإسلامي .
الآن على القيادات الحاكمة في إفريقيا الإنتباه إلى ضرورة تماسك دول القارة في وجه خصوم وأعداء لا يحملون غير مطامعهم في موارد القارة ولا تهمهم مصائر الشعوب ، ونرى أن السودان بموقعه وثقله ووزنه القاري يمكن أن يقود هذا الخط من جديد ، ولكننا نسأل ونتساءل إن كان أصحاب المصالح الخارجية وعملاء الداخل سيسمحون بذلك .. ؟ لا يهم ، علينا أن ننطلق في الطريق الصحيح ، وقد كان الفريق إبراهيم جابر أحد الذين عملوا على تعبيده .

Email : sagraljidyan@gmail.com

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى