أعمدة

(وطن النجوم) ..علي سلطان .. *فانتازيا.. بطعم الكرز

عندما كنا صغارا وربما لا يصدق (الحفدة ) انني كنت صغيرا ذات يوم..!! وطبعا كتبت (الحفدة) عن قصد وليس الاحفاد.. لان اساتذتنا في الاذاعة ونحن في اول سلالمها قالوا إن (احفاد) من الاخطاء الشائعة والصحيح حفدة.. وعلمونا ان هناك اخطاء شائعة كثيرة يرددها الناس دون علم..!
والان لا احد يستسيغ ان نقول جامعة (الحفدة) بدلا عن جامعة الأحفاد..! ريما بعض الاخطاء الشائعة لها قوة وشيوع تتفوق بهما على الكلمة الصحيحة غير الشائعة..!!
اعود الى انني كنت صغيرا ذات يوم وكنا نحتفي بمناسبات الأعراس بكل طقوسها وجمالها.. ولكن كان اكثر ما يعنينا هو وليمة العرس.. وكانت صينية العشاء تتميز بضلعة شهية يهجم عليها الضيوف فيتركونها عظمة تدل على الاثر..!! ولكن اكثر ما كنت انتظره مابعد وليمة العرس هو تحلية الحلو( الكاسترد) وفي وسطه قطعة حمراء فاقع لونها من الكرز..!!وما اجمل الكرز وما احلي الحلو..!ومازلت محبا للحلو ولكن اصبحت أكثر ميلا للكراميل كراميل عن الكاستر.. وكلاهما حلوان.
في مومباي قبل ثلاثة عقَود كنا نقطع مسافة لاباس بها سيرا على الاقدام من منطقة كلابا الى محل قريب من محطة السكة الحديد انا والاخ معتصم حسن ياسين الطالب النابه في جامعة مومباي وقتها.. ونهرع الى ذاك المحل المتخصص في الكاسترد..!
وفي الخرطوم مازلت اذكر مطعم البحر الاحمر في السوق العربي ومازال موجودا.. وكنا نحجز الارز قبل ان نطلب الوجبة ثم نطلب بعد ذلك في التحلية الكاستر مع الارز.. وكان الارز والكاستر شريكين مهمين في التحلية لا غنى عنهما لكي يكون للتحلية طعم ومذاق واستمتاع .. وماتزال تلك العادة والطريقة موجودة في المطعم ذاته !!
غير ان الكرز ظل بعيد المنال وكنا نجده معلبا ولكن لا يشبه الكرز طازجا.. عندما سافرت لاوكرانيا لفت انتباهي توفر الكرز واشجاره في الشوارع والحدائق زي النبق والمسكيت عندنا.. وكان سعر جردل الكرز لا يزيد على دولار واحد.. فكنت كلما تابطت جردل كرز اعجب من تلك المفارقات. حيث يعتبر الموز في اوكرانيا فاكهة نادرة جدا.. واذكر ان عميد كلية الطب في جامعة اوديسا البروف تمارا.. ارادت ان تكرمني كرما خاصا وانا ضيف عليها في كلية الطب.. فاخرجت من درح مكتبها (موزة) وحيدة قدمتها اليّ بعناية وحرص ..!
ظل الكرز عزيز المنال غالى السعر.. تتحسس جيبك عندما تفكر في شرائه..!! والان تتحسس جيبك عندما تشتري الموز في أسواق العاصمة..!
ولقد ظللت لسنوات وانا لم بعيد عن تجربة تعاطي الايس كريم.. ولا ادري ما السبب.. ربما كنا نعتقد ان الايس كريم يليق بالنساء والاطفال. وانه لا يليق بالرجال اصحاب الشوارب الكثة امثالنا..!. ولكن لاحظت لاحقا ان محبي الايس كريم بنكهاته المتعددة من كل الأعمار ومن الجنسين.. فجربته مرة ومرتين فوجدته لذيذا.. ويستحق.. وعندما قابلت صديقا عزيزا منذ ايام الثانوي.. فاقترحت له ايس كريم.. فاستنكر ذلك استنكارا شديدا.. وقال لي إنه لم يذقه في حياته. ولن يفعل..! و وجدت حرجا أن أطلب ايس كريما في حضرته.. وارجأت الطلب حتى يهل علينا صديقنا صلاح الذي يلتهم الايس كريم التهاما بكل نكهاته المفضلة..!
( ايس كريم في جليم) .. وجليم حتى اللحظة تضج بالحيوية ويضرب على صفحة بنيانها زبد بحر الاسكندرية الابيض المتوسط بين مد وجزر..!
لقد افسد علينا داء السكر كل تلك المتعة من ايس كريم وكاستر وكريم كراميل.. ولكن حين نهرب من متابعة الرقيب.. نخرج عن النص والحرمان الصارم وتستمع بكراميل كراميل شهي في مول الواحة..!ونردد مع العقاد حين يضيق بعض الخناق:
شذى زهرٍ ولا زهرُ
فأين الظل والنهرُ
ربيع رياضنا ولي
أمن اعطافك النشرُ

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى