الأخبار

قرارات البرهان .. الكرة في ملعب المدنيين

أعلن رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في الحوار الذي تيسره الآلية الثلاثية وذلك لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية والمكونات الوطنية الأخرى للجلوس من أجل تشكيل حكومة الكفاءات الوطنية المستقلة لإكمال مطلوبات الفترة الإنتقالية. وأكد البرهان في خطابه للشعب السوداني إلتزام القوات المسلحة بالعمل مع جميع مكونات الشعب السوداني من أجل تحقيق التوافق والتراضي الوطني. مشيراً إلى أنه بعد تشكيل الحكومة التنفيذية سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع يتولى القيادة العليا للقوات النظامية ويكون مسؤولاً عن مهام الأمن والدفاع وما يتعلق بها من مسؤوليات تستكمل مهامه بالإتفاق مع الحكومة التي يتم تشكيلها.
ورحب حزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل المهدي بخطاب البرهان. وقال الحزب في بيان أن الخطاب أكد إنسحاب القوات المسلحة من الحوار الذي يتم تحت رعاية الآلية الثلاثية برئاسة موظف أممي، وهذا ما يحفظ للقوات المسلحة هيبتها، وأن المشاركين يمثلون رأس الدولة ورمز سيادتها، بجانب تأكيده على إلغاء الشراكة المدنية العسكرية وخروج القوات المسلحة من الملعب السياسي. وأوضح الحزب أن الخطاب أمن على رفض الإتفاق الثنائي مع الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي وترك الأمر للتوافق بين القوى السياسية ومكونات المجتمع المدني والقوى الإجتماعية ككل، حتى يكون الحوار شاملاً لكل أصحاب المصلحة على أن تلتزم القوات المسلحة بتنفيذ ما جاء فيه.
وقال الخبير والمحلل السياسي إبراهيم موسى أن قرارات البرهان فاجأت القوى السياسية الغارقة في خلافاتها، والتي تعاني أصلاً من التشتت والإنقسام. وأكد إبراهيم أن القوى المدنية لن تتفق على رأي ولن تستطيع تشكيل حكومة أو تقديم أسماء لإدارة ما تبقى من عمر الفترة الإنتقالية. وقال إبراهيم أن خطاب البرهان جاء بعد إنسداد الأفق السياسي والتصعيد المستمر من قوى الثورة التي إستغلت المكون العسكري كشماعة تعلق عليها إخفاقاتها. كما أنه أراد عبر القرارات إرسال رسالة للمجتمع الدولي بأنهم زاهدون في الحكم وهم الآن في إنتظار المدنيين لتسليمهم زمام الأمور.
وأضاف إبراهيم: (يبدو أن هناك مشاورات بين البرهان ونائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو حسمت الجدل بشأن الخلاف بين المؤسسة العسكرية وأفضت إلى ترتيبات جديدة لأجل إنهاء الأوضاع السياسية والأمنية المأزومة). وقال إبراهيم إن المجتمع الدولي ليس بمعزل عن هذه المشاورات التي أفسحت المجال للمدنيين للإتفاق. ولكن إن لم يحدث ربما ينتهي الأمر إلى قرارات جديدة تعلن عبرها حالة الطوارئ والإعلان لإنتخابات مبكرة. وأضاف إبراهيم: (سيجد المجتمع الدولي نفسه أمام قراءة جديدة للواقع السوداني تكشف بوضوح أعوان وأنصار المجتمع الدولي الذين يعتمد عليهم ويقدمهم لإدارة حكم البلاد وبعدها سيحكم ويقيم من هو القادر على ذلك).

وحول تداعيات الخطاب قال الخبير والمحلل السياسي محمد سعيد أن من أهم مخرجات خطاب البرهان أنه قام بتدمير اللاءات الثلاث التي تمترست خلفها قوى الثورة وأعاد الوضع إلى ما قبل الوثيقة الدستورية، وأنه لا يوجد تمييز لقوى دون الأخرى. وأكد محمد أن القوى السياسية لا زالت مرتبكة وحتى الآن لا تستطيع التعامل مع قرارات البرهان أو قراءة زواياها الخفية والمعلنة. وأكد محمد أن ماذهب إليه البرهان هو مخرج آمن لحفظ ماء وجه القيادة العسكرية بالخروج من الحوار بين المكونات المدنية وهي منطقة مليئة بالتشاكس والخلافات. مشيراً إلى أن البرهان أرسل رسالة إلى الجميع بأن الجيش لن يسمح بأن يكون مطية لأحزاب تقود عبره الوطن إلى مآلات غير محمودة. وقال محمد أن خطاب البرهان قدم النية البيضاء، ولكن هل القوى السياسية قادرة على التوافق؟. وأكد محمد أن البرهان وضع الكرة في ملعب القوى السياسية والمدنيين وسنرى ونراقب ما سيحدث في مقبل الأيام لأنه بالتأكيد لن يطول الإنتظار إلى ما لا نهاية.
ونبه الخبير والمحلل السياسي د. ياسر العبيد إلى أن خطاب البرهان أظهر الخطوط العريضة لترتيب خارجي للبيت الداخلي للسودان، لأن العالم يشهد متغيرات كبيرة بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وهو ما يحتاج لتسريع الإيقاع، لذلك شهد السودان حراكاً دولياً في الآونة الأخيرة، عبر زيارات المبعوثين الدوليين الذين ربما أسهموا في صياغة جزء من المشهد الحالي والسيناريو القادم. وقال د. ياسر أن البرهان بخطابه سجل هدفاً في مرمى القوى السياسية في الدقيقة 90 لما حواه من رسائل للداخل والخارج. ولكن يبقى السؤال ماهي التنبؤات والتوقعات لما بعد الخطاب وما هي القرارات التي ستتبعه؟. وأضاف العبيد: (إذا لم يكن هناك برنامج واضح للحكم في المرحلة المقبلة فإننا سندور في حلقة مفرغة، ولابد للقوى السياسية أن تحسم أمرها، وإلا فإنه سيكون هناك خطاب قادم في القريب العاجل).

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى