أعمدة

مصطفى ابوالعزائم يكتب في ( بُعْدٌ .. و .. مسَافَة).. ما أشبه الليلة بالبارحة ..

ما أشبه الليلة بالبارحة ، لقد كتبت المقال أدناه قبل أشهر ، ومع إن التاريخ لا يعيد نفسه ، إلّا أن أطماع البشر واحدة ، ومتجدّدة ، وكثير من السياسيين يصارع من أجل شهوة الحكم ، وإشباع رغبته منها .
بالأمس زار الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان منطقة بحري العسكرية ، والتقى لضباط الجيش ، وتحدّث إليهم حديثاً تعدى أسوار المعسكرات لأهميته وقوته ، ورجاحته ، وكان حديثه يتوافق مع ما يرغب فيه عامة النّاس ، ممن لا يصارعون من أجل سلطة وحكم ، لذلك أجد أن ذلك المقال المنشود قبل أشهر ، يتسق مع أحداث الأمس ، ولا يخرج عما يريده الجميع .

*الخيانة تأتي من جهة أخرى*

ترقّب أكثر أهل السودان ، وفي مقدمتهم السّياسيّون ، والمراقبون ، وأهل الصّحافة والإعلام ، وكل حادب على مصلحة الوطن ، في كل موقع عمل وتخصّص ، وكل الذين يكتوون بنيران الغلاء المحرقة ، والذين يحلمون بغدٍ أفضل في سودان جديد ، يعمل القائمون على أمر الحكم فيه بالسعي الحقيقي للتغيير إلى الأفضل ، خاصة وإن الكثيرين الآن باتوا يحنّون إلى ما قبل عهد الثورة ، كل هؤلاء وأولئك إتجهت قلوبهم وأسماعهم إلى القيادة العامة للقوات المسلحه السودانية يوم أمس ، ينتظرون ما يخرج به لقاء القائد العام مع ضباط الجيش من الرتب الأعلى ، فقد أصبح الجيش هو المؤسسة الوطنية الأعلى كعباً في مسارات العمل الوطني ، رغم إيمان الجميع بأهمية الشراكة بين القوات المسلحة وبين المدنيين .
القوات المسلحة جسم واحد ، والمدنيون أجسام شتى ، ولكن من المفترض أن يلتقي الجميع عند معاني الوطن الكبرى ، وأهدافه الأعلى التي تهتم بالإنسان في المقام الأول .
جاءت مخرجات اللقاء مطمئنة ، رغم تخوّف الكثيرين من المآلات المجهولة ، في ظل الإصطراع على السلطة والتشبس بها ، والسعي لإطالة أمد الفترة الإنتقالية ليظل البعض حاكماً بلا إستحقاق ودون وزن جماهيري أو شعبي حقيقي .
نعم هناك من يسعى إلى أن يظل جالساً على كرسي السّلطة الذي قذفت به إليه الصدفة ، والمدّ الثوري الشاب ، فأصبح البعض من الحاكمين عن طريق الصدفة ، هذا غير أولئك الذين أجلستهم الأنساب على مقاعد الحكم ،فأصبح علينا أن نرضخ لمن جاءت بهم الصدفة والنطفة .
أمثال هؤلاء لا يريدون التفريط في مكاسب غير مستحقة ، بل ويريدون إطالة أمد الحكم ، ونحن نريد أن نختار حاكمينا عبر صناديق الإقتراع لا عبر صناديق الذخيرة ، ولا عن صناديق التمويل الغربية .
لذلك ظللنا وظل الكثيرون في حالة مراقبة وتتبع لما يمكن أن يخرج به لقاء القائد العام للقوات المسلحة السُّودانيّة الفريق أول عبدالفتاح البرهان ، بضباط جيشنا الأبي ، فكانت النتائج مما يثلج الصدر ، خاصة وإن الجيش السوداني أصبح هدفاً لكل معتدٍ أثيم ، ينسى أو يتناسى ما يمكن أن يكون عليه حال البلاد والعباد إذا غاب أي جيش وطني عن المشهد العام ، وينسى أو يتناسى ما آل إليه حال كثير من الدول حولنا بعد أن تم إضعاف جيوشها ، وشق صفوفها ، فأصبح الأخ يقاتل أخيه ، عمداً أو دون قصد فالرصاصة المنطلقة لا تفرّق بين زيد وعمرو ، ولا تتخيّر الضحية .
جاءت مخرجات لقاء البرهان بضباط الجيش مطمئنة ، فقد وجّه هجمة على من دفعوا بعريضة إتهام في وجه الجيش بأنه كان وراء إطلاق النار على إفطار أسر الشهداء في التاسع والعشرين من شهر رمضان المبارك ، والذي أستشهد جرائه إثنين من أبنائنا الشّباب ،نسأل الله لهما الرحمة والمغفرة ، فقد قالها البرهان بوضوح ، إن إطلاق النار كان تصرّفاً فردياً ،وأنه لم تصدر أوامر من قيادة القوات التي كانت في ميدان الإعتصام الذي كان مسرحاً للحدث المؤسف ، وإستدل على ذلك بأن قيادة الجيش قامت على الفور بتسليم المشتبه بهم في عملية إطلاق النار ، وهو ما سوف تتحقق منه النيابة العامة ، والمحكمة التي سيتم عرض المتهمين عليها .
إتهامات الخيانة والتخوين بلغت حد أن أُتُّهم الجيش والبرهان نفسه ببيع منطقة الفشقة على حدودنا مع إثيوبيا ، وهذا أمر رد عليه ما قام به الجيش بتحرير كل المنطقة المحتلة من قبل القوات الإثيوبية ، وإفراغها من المزارعين الذين ظلوا يزرعونها بوضع اليد ، وحماية المليشيات لأكثر من ربع قرن ، فهل يمكن أن يكون من سعى للتحرير هو الساعي للبيع ( ؟) بالله عليكم كيف تحكمون ( ! )
ثم جاءت الإتهامات بالإتفاق مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ، لمنحها تلك المنطقة للإستثمار فيها ، وذلك من خلال المبادرة التي نعرفها جميعا وليس فيها أي بند خفي أو سري ، هي مبادرة ما زالت في مرحلة الدراسة ،وتقوم على إعتماد ترسيم الحدود بين السُّودان وإثيوبيا الذي تم في العام 1902 م وقد إشترط السُّودان أن يتم حسم الحدود ووضع العلامات الدولية كل كيلومتر ونصف ، لتتم بعد ذلك مناقشة أي طرح ، واشقاؤنا في الإمارات العربية المتحدة يعرفون أن أمامهم أراض واسعة وشاسعة للإستثمار فيها ، وهم من أعظم شركاء السودان في مجال الإستثمار .
جيشنا هو صمام الأمان ، جيشنا هو ركيزة السلام والتنمية المستدامة والاستقرار السياسي .
الله أكبر الله أكبر الله أكبر والعزة لله ورسوله والعزة للسّودان .

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى