أعمدة

جمال عنقرة يكتب في (تأملات) .. أحمد عثمان حمزة .. التثبيت لا الترفيع

تتداول الأسافير هذه الأيام خبرا يفيد أن مجموعة من القوي السياسية وغير السياسية قد دفعت بالسيد أحمد عثمان حمزة والي الخرطوم مرشحا لرئاسة الوزارة المرتقبة لتكملة ما تبقي من الفترة الإنتقالية، ويبدو أن دافع هؤلاء هو النجاح الكبير الذي حققه في الفترة الوجيزة التي تولي فيها ولاية الخرطوم، وهذا ما يشهد به كل منصف، وأذكر عندما استضافت الدكتورة بخيتة أمين الوالي خلال أيام عيد الأضحى المبارك في صالون زوجها الراحل المقيم الدكتور إبراهيم دقش، وضم اللقاء عددا من الامدرمانيين مع بعض الصحفيين، قال الزميل الشريف الهندي عز الدين أنه استجاب للدعوة، فضلا عن الدار وأصحاب الدار، استجاب إكراما للوالي الذي يراه وحده الذي يعمل بين الحاكمين جميعا علي كافة المستويات، وذهب هذا المذهب آخرون كثر، وبعضهم من كتب ذلك، وكنت أول من توقع نجاحا عظيما للأخ أحمد عثمان في الخرطوم في أول يوم لإعادة تعيينه واليا عليها، ذلك أنه ينطبق عليه وصف الرجل المناسب في المكان المناسب، ولكن قد يتغير الحال تماما، ويتحول النجاح إلى فشل لو تم تحويل الرجل إلى المكان غير المناسب، وفي تقديري الشخصي أن رئاسة الوزارة ليست هي المكان المناسب للأخ أحمد عثمان، ولا هو الرجل المناسب لرئاسة وزارة السودان.
وأعتقد أن قرار إسناد ولاية الخرطوم لأحمد عثمان حقق مكاسب كثيرة، وأهم ما حققه أنه قدم نموذجا ممتازا لتجربة التكنوقراط في الحكم، إذا تم إحسان الإختيار، وأحمد عثمان كان – ولا يزال – أفضل خيار لحكم الخرطوم، فهو تنفيذي من الدرجة الأولى، ومهني متميز، ولا يخلط الأوراق، وميداني يجيد المتابعة والمراقبة، ولذلك الأفضل تثبيته واليا لولاية الخرطوم بالاصالة وليس التكليف، وليس مطلوبا تغييره ولا ترفيعه، ونرجو أن يكون ذلك بأعجل ما تيسر، ليس ولاية الخرطوم وحدها، بل مطلوب استكمال كل أجهزة الحكم، ولقد أشرت إلى ذلك في برنامج المشهد في تلفزيون السودان مساء أمس الأحد، فليس أمام السيد البرهان بصفته رئيسا لمجلس السيادة وقائدا عاما للقوات المسلحة بعد بيانه الأخير الذي حدد فيه ملامح ما تبقي من الفترة الإنتقالية ليس أمامه خيار سوي استكمال أجهزة الحكم، وتعيين رئيس وزراء ووزراء مهنيين، وولاة من الإداريين المخضرمين أو العسكريين المتقاعدين، وتشكيل المجلس الأعلي للقوات المسلحة.
أما بالنسبة لرئيس الوزراء فهو يجب أن يكون شخصية عالمية، وله تجارب ثرة في مجالات عدة، وقد ينطبق هذا الوصف علي كثيرين من أهل السودان، وأرى واتابع كثيرين الآن يطرحون أنفسهم مرشحين لرئاسة مجلس الوزراء، وأعرف أغلبهم، إن لم يكن كلهم، لكنني شخصيا أجد إثنين هما الأقرب لهذا الموقع، أولهما وزير مالية السودان في عهد الديمقراطية الثالثة الدكتور بشير عمر، الخبير الإقتصادي المعروف، صحيح أن بشير عمر أنصاري وحزب أمة ملتزم قبل أكثر من نصف قرن من الزمان، لكن بشير رجل مهني متجرد، ووطني مخلص، ولدينا معه تجربة عظيمة في ولاية شمال كردفان، مسقط راسنا معنا، فلما أطلق مولانا أحمد هارون – فك الله أسره – نداء نفير نهضة الولاية، لكل أهل الولاية بلا إستثناء، واستجاب الكردافة جميعا، لم يدع بشير عمر هذا الفضل يفوته، فاعلن تبرعه بثلاثة أيام شهريا لتدريب وترقية مهارات أهل كردفان، وصار يجمعها كل ثلاثة شهور يأتي من جدة إلى السودان علي حسابه الخاص، ويبقي تسعة أيام يدرب فيها كوادر الخدمة المدنية في الولاية، وكنا قد توافقنا علي فكرة ترشيحه رئيسا قوميا لمجلس الوزراء مع زميل دراسته، وصديقه، أخي الراحل المقيم، الحاكم الحكيم الزعيم عبد الرسول النور له الرحمة والمغفرة، إلا أن الظروف لم تكن مناسبة، وفي تقديري هذا الوقت أنسب من اي وقت مضي، ليقود الدكتور بشير مجلس وزراء هذه المرحلة الأهم في تاريخ السودان، من أجل أن نعبر وننتصر.
الإسم الثاني المناسب جدا لقيادة مجلس الوزراء، هو السفير الدكتور الشريف علي يوسف أحمد، أحد أشهر وأكفأ الدبلوماسيين السودانيين، والسفير علي يوسف فضلا علي تميزه في المجال الدبلوماسي، وعلاقاته الممتدة إقليميا وعالميا، ومعارفه الجمة، فهو رجل متمدد في السودان بلا حدود، وتمتد علاقاته وصلاته، واتصالاته، بأهل السودان جميعا، وهو أكثر من تنطبق عليه “السودانوية” التي قال بها صديقنا واستاذنا الراحل البروفيسر أحمد الطيب زين العابدين، وهو يجسد كل صفات السودانيين السمحة، من جود وكرم وإقدام، وهو أيضا خيار مناسب لقيادة مجلس الوزراء في هذه المرحلة، وقد تكون هناك خيارات أخري، وهي قطعا موجودة، ولكن المهم أن تكون المعايير الصارمة للاختيار موجدة، والأهم منها أن تكون الرغبة والقدرة علي إتخاذ قرار التعيين واختيار الرجل المناسب للموقع المناسب، موجودة لدي قيادة الدولة، وأعني في المقام الأول، وقد يكون الأوحد القيادة العسكرية، وفي مقدمتهم القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس السيادة سعادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان.

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى