أعمدة

مصطفى ابوالعزائم يكتب: (بُعْدٌ .. و .. مسَافَة) ..من الذي يطلق الرصاص ..؟*

هذا الموت الذي أصبح شبحْه يرفرف فوق كل موكبٍ ومسيرة ، ليس هو بالأمر الطبيعي ، خاصةً وإن كلّ الشهداء الذين إرتقوا إلى العلا ، كانت عمليات إغتيال أكثرهم موثّقة ، لكن دون ظهور القاتل ، وهو ما يثير ويفجّر تساؤلات كثيرة حول مَنْ يطلق النار ؛ ولسنا هنا في محل رمي الإتهامات جزافاً في وجوه الآخرين ، فلا العقل ولا المنطق ولا العدالة تقرّ ذلك ، لكن هذا لا يعني أن نصمت أو يصمت الجميع ، إذ لابد من أن تتحرك الجهات المختصة لبحث الموضوع ، وأن تقوم لجان التحقيق بواجبها في أسرع وقت لكشف ملابسات هذه الإغتيالات التي فاقت كل تصوّر ، ونحن على ثقة تامة في قدرة الشرطة السودانية على فك طلاسم وغموض هذه الجرائم ، وهناك أكثر من جهة تعمل على رمي الإتهامات في وجه الشرطة أو القوات الأمنية عامة ، في محاولات تصفية حسابات سياسية ، دون تحسّب لعواقب هذا الفعل الخطير .
قبل أيام قليلة أصدرت رئاسة قوات الشرطة ، بياناً هو من الأهمية بمكان ، لكن للأسف الشديد لم يجِدْ الكُتّاب والصّحفيّون ، والمحلّلون السياسيّون من الوقت ما يكفي للوقوف على ما جاء فيه ، ربّما لتسارُع عجلة الأحداث ، وتطورات الأوضاع السياسيّة والأمنية ، وتداخلها مع إهتمام الخارج بما يجري في بلادنا ، لكن مع ذلك فإنه لابد من الوقوف عند ذلك البيان ، الذي كشف عن أنه وبعد ظهور دعوات عبر وسائل التواصل الإجتماعي ، لمواكب ومسيرات في يوم الإثنين السابع عشر من يناير الحالي ، _ هذا هو تاريخ الدعوات _ قامت قيادة قوات الشرطة بوضع خطة تأمين لتلك المواكب ، وتمت إجازتها من كل لجان أمن المحليّات السّبعَ بولاية الخرطوم ، وذلك لتأمين المنشآت والممتلكات العامة والخاصة والمواقع الإستراتيجية والسّيادية ، والأسواق وحمايتها من المتفلّتين ، والخارجين عن مقاصد المواكب والتظاهرات السلمية .
الذي كشف عنه بيان الشرطة ذاك ، هو أن قوات الشرطة ناشدت قيادات الحراك أن تجلس إليها وأن تنسق معها حول خط سير تلك المواكب ، إلّا أن تلك الدعوة لم تجد إستجابة ، بل وقوبلت بعداء مستحكم ومواجهات غلب عليها العنف المنظم ، كما جاء في بيان الشرطة ، وتمثل ذلك في إستخدام قنابل المولوتوف _ سهلة الصنع _ والعمل وفق تكتيكات أشبه بالعسكريّة ، وكانت النتيجة _ بكل أسف _ عدة إصابات وقتل وطعن في وضح النهار ، وكانت التجمعات في منطقة موقف شروني وبري بالخرطوم ، وشارع الأربعين بأم درمان ، وذكرت الشرطة أنها تعاملت مع الموقف بأقل قدر من القوة القانونية ، خاصة وإنه قد حدثت حالات تعدٍّ على أقسام الشرطة ، وعلى مناطق تمركز القوات في مناطق التجمّعات ، وكان التعامل بإستخدام الغاز المسيل للدموع ، وخراطيم المياه ، ومع ذلك كانت حصيلة الأحداث وفق مضابط الشرطة ، سبع حالات وفاة لمواطنين جميعها بمحلية الخرطوم ، مع إصابة خمسين من منسوبي الشرطة ، وإثنين وعشرين مواطناً إصابات متفاوتة ، وتم القبض على سبعة وسبعين متّهماً ، أُتّخِذتْ في مواجهتم إجراءات قانونية بإشراف النيابة .
هنا لابد لنا من أن نقف ونتساءل عن الجهة المحرضة التي تدفع بأبنائنا وبناتنا إلى مواجهات عنيفة ، مؤكّد أنهم لا يريدونها ، بل يريدون أن ترفع هتافاتهم احتجاجاتهم لكل المجتمع ، وهذا حقهم ، ونكاد نجزم بأنهم لا يريدون مواجهة الشرطة بالعنف ، لذلك نسأل ونتساءل عن الجهة التي تريد أن تدفع بشبابنا لتلك المواجهات ، وتدفع ببلادنا إلى أن تصبح ساحة للعنف والعنف المضاد ، وحسناً تبنت الشرطة الدعوة للجلوس مع المحتجين والمتظاهرين ، ليت قادة الحراك جلسوا إلى قيادات الشرطة ، وتبادل الجميع الآراء ووجهات النظر ، التي مهما إختلفت فإنها لن تصل بنا إلى ما وصلنا إليه الآن .

Email: sagraljidyan@gmail.com

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى