أعمدة

مصطفى ابوالعزائم يكتب في (بُعْدٌ .. و .. مسَافَة) ..(مايو) .. هل تتكرر التجربة؟

الحنين إلى الماضي أو (النوستالوجيا) يفسّره علماءُ النّفسِ بأنه آلية أو – بالأصح – حالة دفاع يستخدمها العقل لتحسين الحالة النفسية ، وتحسين المزاج ، خاصةً عندما يواجه الإنسان صعوبات في مسيرته ، أو عندما يشعر بالوحدة ؛ كما أن الحنين إلى الماضي مهم للصحة العقلية والنفسية ، وله فوائد جسدية وعاطفية ، مثلما هو أنجح الأساليب لمحاربة الإكتئاب ، ويعمل على تعزيز الثقة بالنفس والنضج الاجتماعي ، وقد قال الشاعر العربي ابو تمام :

*نقل فؤادك حيث شئت من الهوى*
*ما الحب إلا للحبيب الأول …*
*كم منزل في الأرض يألفه الفتى*
*وحنينه دوما لأول منزل …*

كثيرٌ من النّاس يتباكى على الحاضر ، ويحنّ إلى الماضي ، خاصةً العهود السياسية الماضية ، ولنا في هذا تجاربٌ وتاريخ ، و يظهر ذلك جلياً في أعقاب ثورة أكتوبر 1964م التي أطاحت بحكم الرئيس الفريق إبراهيم عبود ، إذ سرعان ما سرت هتافات ونداءات حزينة بعد سنواتٍ قليلة تقول : (ضيعناك وضعنا معاك يا عبود .. ) ؛ ومِثلُ ذلك حدث بعد أن تمتْ الإطاحة بنظام حكم الرئيس الراحل المشير جعفر محمد نميري .. وهكذا تسير الأمور.
الأجيال الجديدة لم تعاصر عهدي (عبود) و(نميري) – رحمهما الله – لكن هناك من عاصر وعايش فترة الحكم المأيوي ، الذي بدأ في الخامس والعشرين من مايو عام 1969م وإنتهى في السادس من أبريل عام 1985م ، وهؤلاء يقارنون بين ما عايشوه آنذاك ، وبين ما يعيشونه ويعايشونه الآن .
الآن الآن بدأت جماعة مؤمنة بالفكر المأيوي ، وبرنامج تلك الحقبة ، في التنادي لتأسيس تنظيم سياسي ، يحمل إسم حزب التجمّع المايوي ، وينعقد مؤتمره التأسيسي في الثامن من سبتمبر 2022 م بمدينة الأُبيّض في شمال كردفان ، ويقف خلف الفكرة والتأسيس ، صديقنا الرجل الفنان ، والملحن والمؤدّي المعروف الدكتور يوسف السماني ، وهو أحد ركيزتي الثنائي الوطني الذي تغنّى لمايو ، وثبّت أقدامها فنياً لسنوات عديدة ، وهو صديقٌ قديم ، وإذاعيٌّ متمرّس ، وصاحب أفكار بديعة ، ومبادرات يسبق بها الكثيرين من نظرائه وزملائه ، ومن أفكاره النيّرة ، الإذاعة الرياضية إف إم (104) .
سألت الدكتور يوسف السماني : (لماذا الأُبيّض؟ ) فقال لي إن مُسجّل الأحزاب والتنظيمات السياسية ، يطلب توقيع خمسمائة عضو ، وفي الأُبيّض وحدها سيشارك في المؤتمر التاسيسي قرابة الألف عضو ، غير المشاركين من ولايات أخرى ، وربما يتم بث أناشيد مايو الأولى ، مثل (مايو إتولد) وهو من كلمات الشاعر الراحل علي عمر قاسم ، إن لم تخنّي الذاكرة ، وأناشيد أخرى مثل (يا مايو حبيب .. زي أمي وأبوي .. زي أختي وأخوي ) وغيره للثنائي الوطني ، يوسف السماني ، وزميله الراحل محمد حميدة ، وهما من أطلقا الأغنيات الوطنية الجميلة في الزمان المايوي الثاني ، مثل (أمة الامجاد) و (هنا صوت يناديني) وغيرها .
ومايو التي يحِنّ إليها الدكتور يوسف السماني وكثيرون ، مرّت بأربع مراحل ، الأولى هي هيمنة اليسار والحزب الشيوعي ، وهذه إنتهت في 1971م بإنقلاب المرحوم هاشم العطا ، في(19) يولي و، ثم عودة نميري في الثاني والعشرين منه ، لتبدأ مرحلة حكم الخبراء او التكنوقراط ، حتى مرحلة المصالحة الوطنية في 1977م بلقاء الرئيس نميري بالسيد الصادق المهدي في بورتسودان ، لتبدا مرحلة جديدة تعتبر هي مرحلة التمكين للحركة الإسلامية ، وقد إستمرت إلى نهاية النظام في 1985م …. نستطيع القول إن تلك كانت مرحلة جديدة لمايو ، لكن هل يجد النظام الذي مضى مكاناً له تحت الشمس في الواقع السياسي الحالي (؟)
.. نراقب وننتظر. ..

Email : sagraljidyan@gmail.com

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى