مجتمع

في ذكراه الثالثة تقديم بروف عون الشريف قاسم لديوان ( حب وذكر وروح) للراحل المقيم صلاح بن البادية

الحمد لله الذي اختص الشعراء بسورة من سور القرءان الطوال واستثنى من الشعراء الذين يتبعهم الغاوون والذين هم في كل واد يهيمون.
أولئك الشعراء الذين امنوا و عملوا الصالحات وذكرو الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا, وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون (الشعراء 226-227) والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد الصادق الامين الذي روى عنه قوله الكريم (ان من البيان لسحرا وان من الشعر لحكمة).

الشعر فن جميل ينفذ عن طريق الكلمة المجنحة والخيال الموحى والموسيقى المطربة الى داخل النفس الانسانية دون حواجز او عوائق, فتهتز الجوانح وتستجيب المشاعر وتتفتح دوافع الخير والحق والجمال في نفوس البشر. ولذلك كان الشعراء في كل زمان ومكان هم حدات الركب.
واحتفل العرب القدماء بميلادهم لان الشعر في عرفهم كان ديوان العرب فيه تسجيل لمآثرهم وحفظ لامجادهم وتصوير صادق لحياتهم. وكان لشعر المديح منزلة خاصة منذ العهد النبوي الذي كان شاعره الخاص في هذا المجال سيدنا حسن بن ثابت الانصاري. وكان من تقدير المصطفى صلوات الله وسلامه عليه للمديح ان القى ببردته الشريفة على الشاعر المخضرم كعب بن زهير حين مدحه بقصيدته المشهورة :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول.
وظل الشعراء على مدى التاريخ يفيضون في مدحه صلوات الله وسلامه عليه, ويبدعون في وصف سيرته وذكر اوصافه واخلاقه وتعاليمه, فيحيون بذلك النفوس ويشكلون وجدان المسلمين بمآثره الجليلة ولقرب هذا الشعر من نفوس الناس ووجدانهم رسخت في عقول الناس وارواحهم صور نابضة وحية من تاريخ الاسلام وشعائره. فكان هذا الشعر بمثابة المدارس, ينهل منها عامة الناس وخاصتهم امور دينهم في بساطة واشراق روح.

فعبد الرحيم البرعي اليمني و سميه السوداني والامام البصيري والامام الصرصري وحاج الماحي واحمد ودسعد وحياتي ومحمد المجذوب وغيرهم من شعراء المديح في طول العالم الاسلامي وعرضه, ملأوا حياة المسلمين بذكرى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله العطرة وشنفوا اذانهم وارواحهم بجميل القول ونفيسه في حبه صلى الله عليه وسلم, وقدموا بذلك للمسلمين زادا يغذي ارواحهم في دنياهم ويسعدهم بإذنه في اخرتهم.

ولآل ابى قرون في هذا المجال صولات وجولات. وما هذا الديوان الذي بين يديك ايها القاريء الكريم والذي قام بنظمه الشاعر صالح الجيلي محمد ابوقرون – المشهور بصلاح ابن البادية – الا فيض من قيض من اثار هذه الاسرة الصوفيه العريقة. فقد رضع صلاح هذا الفن الرفيع من اسرته ومن والده, اذ تربى ببيئة تنضح علما وشعرا ومديحا وتصوفا. ورغم ان صلاح (مجابد) كما نقول في عاميتنا بين الغناء العاطفي الذي ضرب فيه بسهم وافر ونال فيه مرتبة الريادة. وبين الانشاد الديني والمديح النبوي الذي كثيرا ما طغى على فنه الغنائي.

وهذا الديوان الذي سماه (حب وذكر وروح) في مدح النبي والصالحين ومعالجة النفس اضافة جميلة الى عطائه الفني والشعري. اذ الشعر والغناء صنوان والشاعر يقول:
تغن بالشعر إما كنت قائله ………. ان الغناء لهذا الشعر معيار
ولعل مما يميز الشعر في هذا الديوان تنوعه من حيث الموضوعات والاوزان, وهو في جملته ملحمة في حب الرسول صلى الله عليه وسلم تتخللها لمحات صادقة في تصوير النفس الانسانية الساعية للتخفيف من اوزار هذه الدنيا والتمسك باهداب الاخرة. وما يتطله ذلك من بحث لايفتر للخلاص تاسيا بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن صحابته الابرار وصالحي هذه الامة من اهل العلم والحقيقة والتصوف. ولعل ما يضفي على كثير من شعر هذا الديوان رونقا وبهاء ان شاعره كثيرا ما ينشده ويتغنى به فيضيف الى سحر الكلمات سحر اللحن والموسيقى مما يضاعف من متعة الحس والوجدان.
نفع الله بهذا الجهد امة الاسلام وجزى الله اخانا صلاح بقدر ما قدم من عطاء لشعبه وامته. وصلى الله على الرسول الكريم في البدء والختام.

منصة بوارق الحب
الذكري الثالثة للراحل المقيم صلاح بن البادية
💠قيم
💠إنسانية
💠محبة

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى