أعمدة

بُعْدٌ .. و.. مسَافة   مصطفى أبو العزائم بمناسبة لقاء البرهان والسيسي  ..    

بالأمس إلتقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ، بشقيقه رئيس مجلس السّيادة السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ، في طريق عودته إلى البلاد بعد أن ألقى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتّحدة مساء الخميس ، ولا نقول إن اللقاء كان لقاءً عابراً ، فمثل هذه اللقاءات يتم الترتيب لها مسبقاً ، وتقوم الجهات الفنية والمختصة بإعداد الملفات التي ستتم مناقشتها ، ومن المؤكد إن ما تمت مناقشته من ملفات لا يخرج عن قضايا سد النهضة وموقف البلدين منه ، ثم قضايا التعاون في مجالات الأمن القومي لكل البلدين ومحاربة الإرهاب ، والعمل على تقوية العلاقات بين البلدين خدمة للشعبين الشقيقين في جنوب الوادي وشماله. من منطلق لقاء البرهان والسيسي أمس ، ندعو مراكز البحوث والمفكرين والخبراء والمختصين في شأن التعاون الإقليمي ، إلى العمل من أجل إحياء الأفكار القديمة المتصلة بالوحدة بين الشعوب التي تقف على أرضية ثقافية ولغوية واحدة ، وهي أفكار تنزّلت إلى أرض الواقع العربي والإقليمي خلال عهد حكم الرئيس الراحل “جعفر محمد نميري” – رحمه الله – بمد جسور التواصل مع القيادة السياسية في كل من مصر وليبيا بداية سبعينيات القرن الماضي ، مصر بكل ألقها وثقلها ووزنها السياسي خلال الحقبة الناصرية ، ثم فترة حكم الرئيس “أنور السادات” – رحمه الله – وليبيا إبان توهّج شعارات الثورة الجديدة فيها ، قبل الإنحراف والإنجراف للذات ، الذي قاده زعيمها الراحل “معمر القذافي” رحمه الله . الآن.. وبعيداً عن إنفعالات العموم ، وبعيداً عن برود الخصوص والقيادات تجاه القضايا المصيرية الكبرى ، والتحدّيات التي تواجه الشّعوب ، وحصر الأهداف الكلية ، في حماية الأنظمة وبقائها ، مع تحريك الآلة الإعلامية في إتجاه ريح السّياسة وما يريده السّاسة ؛ لا بد لنا الآن ، وبعد أن تكشّفت أطماع القوى العظمى في بلادنا ، وبعد أن ظهرت المخططات السرّية لإعادة تقسيم الشرق الأوسط و أفريقيا إلى مناطق نفوذ ، دون إعتبار لحدود أو شعوب أو أنظمة ، لا بد لنا أن نعيد النظر في بناء علاقاتنا مع الآخرين ، خاصةً في محيط الجوار الأفريقي والإنتماء الثقافي العربي الأفريقي معاً ، حتى نُسقِط تلك المخطّطات التي لا يهمها إن تشرّدت شعوبنا أو تشتّت في أركان الدنيا المختلفة ، ولا بد لنا من أن نوكل الأمر لأهل الإختصاص ، بعيداً عن الإنفعالات والعواطف ، وأن نوجّه طاقاتنا لحماية أقطارنا والحفاظ على مصالحنا ومصالح أشقائنا في الجوار .     لا نطالب بإعلان وحدة فورية سريعة حتى لا تنتهي بمثل ما بدأت فورية وسريعة ، لا بد لنا ونحن الآن نسعى لأن تكون دولتنا ، دولة مؤسسات وإختصاصات ، أن نبحث عمّا يمكن أن يحافظ على مكاسبنا ومصالحنا ، خاصة مع الجوار القريب ، ونجيء بمصر أنموذجاً ، سبق لبلادنا أن دخلت في تجربة نرى أنها كانت نموذجيّة ، خلال عهدي الرئيسين الراحلين “جعفر محمد نميري” و”أنور السادات” – رحمهما الله – هي تجربة التكامل ، وقد كانت التجربة ناجحة بكل المقاييس في مجالات الإقتصاد ، والحراك المجتمعي الحر بدون جواز سفر ، وتم تبادل للمنافع والسلع والخدمات ، ولم يكن التواصل يتم إلا عن طريق النقل الجوي والنهري والبحري ، وقد تأسّس الآن نقل بري من خلال أكثر من منفذ ، قدّم تسهيلات عديدة في حركة المواطنين والسّلع بأقل تكلفة في المال والجهد والزمن .    فلتبدأ اللجنة المشتركة العليا، وبقية اللجان الوزارية المتخصصة بدراسة سبل التواصل المفضي للمصالح المشتركة ، مع الإستعانة بالمفكّرين والأكاديميين ، ومنظمات المجتمع المدني حتى يصبح الشّعار القديم ، (عاشت وحدة وادي النيل) واقعاً لا مجرد ذكرى ؛ ولتبدأ منظمات المجتمع المدني في البلدين الضغط على أصحاب الرؤى الضيقة والأفكار المريضة والعقول القاصرة ، حتى لا يجدوا لهم مساحة في وسائل الإعلام ، تهدم أساساً في لحظات رغم أن الذين شيَّدوه بذلوا مئات السنين من أجل أن يقوى وادي النيل ، ويشد أزر بعضه بعضاً .. ولتكن الأبواب مشرعة مفتوحة أمام دولة جنوب السّودان ، وأمام أثيوبيا وليبيا وتشاد .. ربما أصبحنا قوة إقليمية يحسب لها العالم ألف حساب.. فقط علينا إحياء الفكرة القديمة وإنعاش الضمائر لصالح الشعوب .   والتحية لمصر الشقيقة حكومة وشعباً في الذكرى التاسعة والأربعين لإنتصارات حرب أكتوبر 1973م ، التي غيرت واقع الجغرافيا والتاريخ ليس في مصر وحدها ، بل في كل المنطقة ، والتحية للجيش المصري الذي جعل كلمة مصر وأشقائها هي العليا في مواجهة أعداء الأمة .   Email : sagraljidyan@gmail.com

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى