أعمدة

مصطفى ابوالعزائم يكتب في (بُعْدٌ .. و .. مسَافة) .. فليذهب الوزير ويبقى الوطن..!

وأما الوزير الذي نقصده ، فهو وزير المالية الحالي الدكتور جبريل إبراهيم ، الذي ثبت إن الأضرار التي تسبب فيها وهو شريك في السلطة ، أكبر من الأضرار التي تسبب فيها وهو يواجه منظومة الإنقاذ التي كان جزءاً منها ثم خرج عليها ، وحمل السلاح في مواجهتها .
ووزير المالية في أي نظام حكم ، هو ذلك الشخص المُكلّف بتنفيذ سياسات دولته أو بالأحرى حكومته ، في جوانب المال والإقتصاد ، ويكون هو المسؤول عن ميزانية الدولة ، والمساعدة في الحفاظ على إستقرار الوضع المالي للدولة ، لا تدهوره مثلما هو حادث الآن في عهد الوزير الحالي الدكتور جبريل ، الذي يتصرف كأنه هو الذي يرسم السياسات الإقتصادية العامة ، والذي ينفذها ، دون الرجوع لأحد أو مجالس مختصة ، والجميع يعلم بالضرورة أهمية منصب وزير المالية ، الذي يكون مسؤولاً عن بعض الهيئات والمؤسسات الحكومية ، مثل الضرائب والجمارك ، وكثير من المؤسسات الإيرادية ، والولاية على المال العام .
من مهام هذه الوزارة المهمة تيسير معاش الناس ، من خلال إقتراح السياسة المالية العامة ، وتقديم الخطط الداعمة للإستقرار والنمو الإقتصادي ، مع العمل على إستدامة موارد الدولة ، وتنميتها ، إلى جانب تكامل السياسات النقدية والهيكلية في إطار الخطط التنموية وأهدافها الإستراتيجية للدولة .
ترى هل حقق الوزير جبريل أيٍّ من تلك الأهداف .. ؟ .. لا لم يحقق شيئًا من ذلك رغم وجود الطاقم المؤهل والمختص الذي تذخر به هذه الوزارة التي تضم كفاءات مشهود لها من خلال التخصص والجدارة والمعرفة ، بعيداً عن التعيينات السياسية ، أو تلك التي ترتبط بالمحاصصات الحزبية أو الجهوية ، مثلما حدث في تعيين الكثيرين ، مع علم الجميع بأن الذي حدث هو جناية على الشعب السوداني ، خاصة في هذه المرحلة المفصلية في تاريخ بلادنا ، ومستقبلها .
لانريد الدخول في تفاصيل وإختصاصات ومهام الوزارة المهمة ، فهناك خبراء وأهل أختصاص أقدر منا ومن الوزير نفسه وطاقمه القريب يعرفون ما لانعرف في جوانب تحصيل الإيرادات العامة دون اللجوء إلى جيب المواطن ، بمزاعم تحمل قيمة وتكلفة الخدمات الحقيقية ، مثل الكهرباء مثلاً ، وهي خدمة إستراتيجية ، مثلما هناك سلع إستراتيجية ترتبط بالأمن المجتمعي والقومي .
ومن مهام الوزارة المنسية في ذاكرة الوزير تقديم القروض لتمويل المشروعات الخدمية ، في مجالات الصحة والتعليم والسياحة ، ودعم بعض السلع والخدمات لأن هذا هو واجب الدولة الذي يجب أن تقوم به ، لا أن تتهرب منه ، والإشراف على أملاك الدولة ، مع تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية للمنافسات والمشتريات الحكومية ، وضبطها ومتابعة الإلتزام بكل تلك التشريعات والنظم ، وإدارة الدين العام ومتابعة تحصيل القروض الحكومية ، هذا على مستوى الداخل .
أما على مستوى الخارج ، فمن أهم مسؤوليات وزارة المالية ، متابعة التعاون المالي والإنمائي الثنائي ، والإقليمي والدولي ، وتطويره ، ومتابعة أعمال اللجان المشتركة مع الدول الأخرى ، ودراسة السياسات والأنظمة الحكومية مع الجهات الأخرى في كل الأمور المتعلقة بأبعادها ، وآثارها المالية .
هذا قطعاً يستوجب التعاون والتنسيق مع البنك المركزي ، بما يحقق كامل الإنسجام بين السياسات المالية والنقدية التي تخدم الإقتصاد الوطني
ترى هل فعل الوزير جبريل شيئاً من ذلك ؟
غير قضية أسعار الكهرباء ذات التكلفة التي أصبحت فوق إحتمال المواطن ، حتى مع إنقطاع التيار الكهربائي لساعات تقارب ساعات إمداده ، برزت الآن قضية القمح وشرائه من المزارعين ، وعرض سعر متدنّ من قبل الوزير ووزارته لشراء القمح من المزارعين ، ورفض الأخيرين لعرض وزارة المالية ، رغم أهمية القمح كسلعة أو منتج إستراتيجي يرتبط بالغذاء في ظل أزمة عالمية بدأت تطل برأسها ليس في بلادنا فقط ، بل في كل العالم ؛ وهذا الموقف المخزي تطلب وإستدعى تدخل الحكومة في أعلى مستوياتها لتحديد أسعار شراء القمح من المنتجين ، فالسعر الذي حدده جبريل ومن معه لم يكن مجزياً ولا منطقياً ، وهو لم يتجاوز الخمسة وعشرين ألف جنيه للجوال ، مما تطلب أن يتدخل الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السّيادة بعد إجتماعه بالمزارعين ليرفع السعر إلى ثلاثة واربعين ألف جنيه ، فتباطأ الوزير ووزارته ، وتفاقمت الأزمة ليتدخل نائب رئيس مجلس السّيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي ، بعد أن إلتقى بوفد من المزارعين ويحدد سعراً جديداً يكاد يكون مجزياً للمنتجين ، وأحسب أنه كان خمسة وخمسين ألف جنيه للجوال أو أكثر قليلاً ، ولكن الوزير تباطأ ولم يقم بأية خطوة ، وكأنما هناك إتفاق بينه وبين وكيل أول الوزارة وبين محافظ البنك المركزي على هذا الموقف المخزي .
والمحزن والمؤسف في ذات الوقت ، إن البعض روّج في الأسافير ووسائل التواصل الإجتماعي ، إن مدير البنك الزراعي ، وهو خبير مصرفي ، طلب “سلفية” من نائب رئيس مجلس السّيادة الإنتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي ، لتغذية حساب البنك الزراعي بمبلغ مائتي مليار جنيه من الأموال الخاصة بشركات الدعم السريع ، ولشراء القمح من المنتجين ، وقد تحققت من الأمر ولم يكن كذلك ، وهذا موضوع آخر لنا عودة إليه .
المطلوب الآن إبعاد هذا الثلاثي الذي يمنع ويؤثر على البنك الزراعي حتى يمتنع عن الشراء ، ويكون البنك الزراعي في مواجهة العاصفة ، رغم أن هناك من يتآمر على الوطن كله بإتباع سياسات رعناء ، لن تؤدي إلّا للمزيد من الأزمات .

Email : sagraljidyan@gmail.com

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى