مقالات

إشكال الإنتقال في السودان وقضايا التحول الديمقراطي.بقلم : فاطمة لقاوة

ظل السودان متعثراً منذ بدايات الإستقلال ،وأصبح الصراع السلطوي في السودان مستمراً بتراتيبة ،تبدأ بثورات شعبية سلمية ،ثم فترة انتقالية عسكرية ،وبعدها حكومة مدنية منتخبة،ثم تتدهور الأوضاع ليعود النظام العسكري مجدداً-أميز الفترات الانتقالية في السودان وانجحُها،كانت فترة المشير “سوار الدهب”عليه رحمة الله ،والإنقاذ تُعد أسوأ انقلاب عسكري- وظل إشكال الإنتقال في السودان وقضايا التحول الديمقراطي مُعقدة وشائكة وحلولها تحتاج الى تضافر كافة الجهود من أجل العِبور الآمن.
رغم القبضة الأمنية الباطشة للإنقاذ ،هب الشعب السوداني في ثورة شعبية سلمية أبهرت العالم أجمع ،وإكتمل عِقد التغيير بإنحياز قائد قوات الدعم السريع :”محمد حمدان دقلو”الى مطالب الثورة ،مما أدى الى إجبار طغاة الإنقاذ للخنوع والتسليم بإرادة الشعوب .
ولكن من أصعب أنواع الصراعات !تلك الي تنشأ من أجل إزاحة نظام ما ،فما بالكم بنظام الإنقاذ الفاسد والمفسد معاً؟!فمن يظن بأن إستسلام الصف الأول من الإنقاذيين قد جاء بالسهل فهو واهم ،لذلك ظهرت اخفاقات كثيرة ما بعد الثورة ،مرسومة بعناية فائقة تهدف الى شق صف وحدة الشعب ما بعد الثورة المجيدة،اخطرها حادث فض الإعتصام الغامضة،وإستمرار بؤر الصراعات القبلية والسيولة الأمنية والسعي من أجل شيطنة شُركاء الثورة ،مما قاد الى التنافر بين شركاء الفترة الإنتقالية وخلافات قد تؤدي الى فض الشراكة بينهم إن لم تجد إدارة أزمة بحرفية عالية تضع الوطن قبل كل الحسابات الأخرى.
كل الثورات في العالم لها إرهاصات وعثرات تصاحب فترة الإنتقال ما بعد الثورة ،ومرحلة الشراكة في الانتقال السوداني الآن تُعد نموذج يختلف عن الفترات السابقة،والمحافظة عليها قد يُجنب الوطن الإنزلاق في هاوية الصراعات الدموية التي يرفع شعارها الإنقاذيين سابقاً-(أو تُرق كّل الدِماء)- ويقود السودان نحو أفق تنموي سياسي جديد .
إشكال حُكم الإنتقال وقضايا التحول الديمقراطي في السودان ،يحتاج الى أيادي وطنية صادقة تُعالج الأوضاع بحرفية عالية ،بعيداً عن الأستقطاب السياسي الحاد وخطابات الكراهية المفرطة والتمييز ،والإقصاء ،والتمترس المناطقي والجهوي ،الذي قد يَهدم الدولة السودانية ذات البنية الإجتماعية الهشة .

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى