أعمدة

لواء شرطة م عثمان صديق البدوي يكتب في (قيد في الأحوال) .. قوش داخل الحوش !

مع نفحات قدوم الرياح الشتوية، تهب علينا الأخبار من الشمال أمس، بأنّ مدينة مروي بالولاية الشمالية تُعِد العِدّة لترتيبات عودة الفريق صلاح قوش المدير العام لجهاز الأمن الأسبق، والذي ظل بالقاهرة عقب خروجه من البلاد. وقال مصدر مُقرّب من قوش وفق تسامح نيوز أن الترتيبات على وشك الانتهاء وأن عودته صارت وشيكة، وزاد أنّ مناطق الشمال تستعد لاستقباله، منوِّهاً أنّ الاحتفالات ربما تنتقل إلى الخرطوم .

وقبله بأسابيع، خرجت آلاف جماهير البحر الأحمر لاستقبال رئيس الوزراء الأسبق ، والقيادي في المؤتمر الوطني المحلول “محمد طاهر إيلا”، بمطار بورتسودان ، وبهتاف داوي ، سمعه العالم :

إيلا حديد.. إيلا حديد

وعاد “إيلا”، واستقر به المقام ، مثله وبقية قيادات المؤتمر الوطني داخل السودان، أمثال د. الحاج آدم يوسف، النائب السابق لرئيس الجمهورية، وعضو المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني المحلول، وأمين القطاع السياسي، والي جنوب دارفور والشمالية، ود. حسبو محمد عبد الرحمن الذي شغل عدة وزارات إتحادية، ونائب رئيس الهيئة البرلمانية بالمجلس الوطني، والأمين السياسي للمؤتمر الوطني ورئيس القطاع الإقتصادي ود. على الحاج صاحب مقولة “خلّوها مستورة” شغل نائباً للأمين العام للمؤتمر الوطني.

والشعب السوداني، بعد أكثر من ثلاث سنوات “واقف” منتظر ! ، ليُمنّي نفسه ب”ضل حكومة” يستظل تحتها ! ، تخرجه من شدة الحر، وظلمة الليل، وشظف العيش ، وإقتصاد انهار ، وأمن هش ، حين تأتي أخباره المؤسفة أمس بنهب عربة لوري وسط السوق المحلي الخرطوم ! ، ويُصاب سائقها عندما حاول الدفاع عن عربته وبضاعته، ونُقِل مغشياً عليه إلى المستشفى ، وأمس من النيل الأزرق يتجدّد القتال ، قتلي وجرحي فاق عددهم المائة والخمسين رحمهم الله ! . وأمس غرب كردفان ولقاوة الجريحة ، مازالت الثكلي والعذاري تبكي وتئن على من فقدتهم من خيرة الشباب رحمهم الله !. حتى أمسى الصراع القبلي في بلدي يندلع بمثابة كل شهر ، ومازال القائمين على الأمر مشغولين بنيل كراسي السلطة الوثيرة … يعجزون عن تشكيل حكومة تسيِّر عمل الفترة الإنتقالية ! .

وتنعدم المؤسسية، ويدب شبح القبلية، وبعد “إيلا” ومؤازرة القبيلة ، يخرج الناظر مادبو، ويعلنها ، بأنّ ولدهم “حميدتي” خط أحمر ، وقبله ملتقى القضارف مؤازراً “د.نافع” وصحبه ، بإمّا، محاكمتهم أو إخراجهم من السجن، بعد أن نفددت كل التجديدات في قانون الإجراءات الجنائية . وقبلها شمال كردفان تطالب بنفس الطلب حيال حبس إبنها أحمد هارون، دون محاكمة، وأمس قبيلة النوبة تناصر إبنيها الكباشي وأردول .

و”مافيش حد أحسن من حد”!، وآخر من يدافع عن نفسه وولده هو الشمال ، ذلك الذي مازال يدفع للخزينة العامة، ذهباً وقمحاً ووعداً وتمنِّي و”لا حميدة لا شكيرة”! ، وحتى أمس ترِد الأخبار بأن عربات وآليات شركات الذهب الروسية تجوب مناطق وادي حلفا ، وأمس ظهر مورِد جديد هو “جبل الحديد”!.

الشمال، هو الإقليم الوحيد الذي آوي نازحي الجفاف والحروب ، والآن يقيمون في أحياء وقري ظاهرة للعيان بكل أمان ، الشمال الذي احتضن طلاب خلاوي القرآن من أبناء دارفور منذ عشرات السنين، حين تخرِّج خلاوي الشيخ الجعلي والكتياب ومركز الإحسان، وغيرها، مئات الحفظة والطلاب سنوياً. الشمال الذي يحتضن عمالة للذهب من الولايات المختلفة لا تقل عن الثمانية ألف مواطن عبئاً على خدماته التي يدفعها أولاده على “داير المليم” في دول المهجر !.

من كل ما سبق، وإن صحّ الخبر، سيعود قوش داخلاً الحوش ، على الأقل ليساعد أهله في ترميم ما خرّبته الحكومات .

لكن الشمال مازال يأمل في وحدة تجمع شمل الوطن ، كيف لا؟!، وهو الذي علّم أفريقيا يقظة الشعوب، حين كتب إبنه الشاعر مرسي صالح، ولحّن إبنه الآخر وردي منذ عشرات السنين :

نَحنُ في الشِّدَّةِ بأسٌ يتجلَّي

وعلى الوُدِّ نضمُّ الشّملَ أهلا

وينتظر .. وينتظر.. وإلّا فهو يملك كل مقومات الدولة.. لكنه عندما ينظر لحال الوطن.. ينتظر.. ويؤخِّر .. ويعتزل الفكرة .. ويلعن شيطان الشتات والفرقة!

لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
22 أكتوبر 2022

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى