حوارات

السفير المصري حسام عيسى قبيل مغادرته الخرطوم السودان خط احمر بالنسبة لنا، وما يحدث فيه يؤثر علينا

انا اهلاوي واشجع الهلال منذ خمسين عاما احمل الذكريات الطيبة والهدايا التقليدي من سوق امدرمان

استمع لسيد خليفة ووردي وعائشة الفلانية والطيب صالح كاتبي المفضل

جسد للدبلوماسية في اسمي معانيها يمتاز بالهدوء والثقافى الغالية استطاع خلال فترة عمله كسفير لبلده أن يخلق حراكا واسعا علي الاصعدة للدبلوماسية والاجتماعية وبني علاقات واسعة مع اقرانه في السلك الدبلوماسي ومع اعيان المجتمع السوداني. مما جعله يحظي باحترام الجميع وهذه العلاقات المميزة مكنت الكثيرين الاحتفال به. ووداعه نظرا للعلاقات المميزة التي خلقه نقدمه في هذا الحوار وان يكون اخر حديث مع الصحافة السودانية السفير حسام عيسى سفير جمهورية مصر العربية الذي امضي اربعة سنوات من عمره سفيرا بالخرطوم فاجاب علي العديد من الاسئلة التي طرحناها عليه بكل اريحية فنترك القارئ مع اجاباته فماذا كانت ردوده عليها

حوار صلاح حبيب

السلام عليكم سعادة السفير حسام عيسى
وانت تستعد لمغادرة محطة الخرطوم إلى محطة أخرى في عملك الدبلوماسي
هل الخرطوم كانت اول زيارة لك لها وانت تتقلد منصب السفير وكيف كنت تتوقعها وهل وجدتها كما تخيلتها؟
لم تكن تلك أول زيارة لي حيث زرتها من قبل عدة مرات لحضور عدد من اللجان المشتركة بين وزارتي الخارجية وكان آخر تلك المرات في 25 أكتوبر 2018 أي قبل وصولي بأسبوعين للإعداد للجنة الرئاسية العليا بين البلدين وبالتالي فلا يوجد فارق كبير بين ما رأيته وما توقعته حيث كنت في العاصمة السودانية قبل مجيئي بوقت قصير.

مالذي لفت نظرك في اول زيارة لها؟
التشابه الكبير في الملامح وفي الطباع وفي أسلوب الحياة مع القاهرة، وكأني لم أخرج من مصر. كذلك لفت نظري أن الجو أفضل بكثير مما أتوقع حيث وصلت في شهر نوفمبر

ما الذي تحاول ان تحمله معك منها وانت تستعد لمغادرتها؟
؟
من أهم ما أحمله معي أولاً الذكريات الجميلة والصور للمناسبات الجميلة التي حضرتها في الخرطوم والفيديوهات لتلك المناسبات. وكذلك مجموعة من الهدايا التقليدية القيمة من الأسواق التقليدية في امدرمان، بعضها لوضعها في منزلي ومكتبي والآخر من أجل اعطائها للاعزاء من الأقارب والأصدقاء.
ماهي محطتك القادمة بعد الخرطوم؟
محطتي القادمة العمل في وزارة الخارجية المصرية وان شاء الله أتمنى ألا يكون ملفاً بعيداً عن السودان.
كيف وجدت الشعب السوداني
شعب طيب وهادئ ومنفتح على الآخر و مثقف وقارئ يحتاج فقط للروح الجماعية والعمل المشترك من أجل تعظيم الإنجازات.
هل تعرفت عن الفن السوداني وما هو الفنان الذي أخذ مساحة في ذاكرتك؟ وأهل مصر مفتونين بكرة القدم اي الاندية المصرية تشجع وهل لفت نظرك ناد سوداني حاولت أن تشجعه؟
الفن السوداني فن راقي وأعرفه من قبل مجيئي إلى السودان عن طريق إذاعة ركن السودان ثم اذاعة وادي النيل التي كانت تذيع الأغاني السودانية واستمعت من خلالها لأغاني سيد خليفة محمد وردي، والكابلي وعائشة الفلاتية وغيرهم من كبار الفنانين وأنا أحب أغاني وردي لتعبيره عن المشاعر الانسانية بصورة راقية.
أشجع النادي الأهلي منذ ما يزيد عن الـ50 عاماً، وهي نفس الفترة التي أشجع فيها الهلال السوداني حيث كان معتاداً منذ السبعينات أن من يشجع الاهلي يشجع الهلال السوداني ومن يشجع الزمالك يشجع المريخ السوداني، فأنا مشجع لنادي الهلال منذ ايام العمالقة علي قاقرين وعزالدين الدحيش، وكان السودان في هذه الفترة أقوى الفرق الأفريقية وحصل على بطولة الفرق الأفريقية عام 1970.
هل تعرفت علي الأدباء السودانيين ومن هم علي سبيل المثال؟
أقرأ للأدباء السودانيين منذ فترة الشباب وكان الطيب صالح كاتبي المفضل حيث قرأت له موسم الهجرة الي الشمال وعرس الزين وكافة أعماله القصيرة وميزة هذا الاديب أنك تجد شخصياته في كل قرية مصرية أو سودانية علي سبيل المثال شخصية مصطفى سعيد بطل موسم الهجرة إلى الشمال هي نموذج لآلاف الشباب المصريين والسودانيين الذين غادروا للدراسة بالخارج وردود أفعال هذه الخطوة والصدام الداخلي بين قيمهم الموروثة وبين المجتمعات التي يدرسون فيها، كما قرأت للكاتب حمور زيادة، خاصة روايتي شوق الدرويش والتي حازت علي جائزة نجيب محفوظ للأدب عام 2014 وترشحت لجائزة القائمة القصيرة وفازت بالمركز الثاني وكذلك روايته الرائعة الغرق والتي كان لها دور كبير فهمي للجذور التاريخية للمجتمع السوداني المعاصر وعلاقة عناصره المختلفة ببعضه البعض.

ماهو الدبلوماسي الناجح في نظرك؟ وكيف تم التحاقك بالسلك الدبلوماسي؟
هو صلة بين دولته والدول المعتمد لديها، وجسر تعبر فوقه المصالح المشتركة بين الدولتين، والأفكار القيمة من أجل المزيد من الفهم على المستويات الرسمية والشعبية.
قصة التحاقي بالسلك الدبلوماسي حيث أنني كنت مع أحد الأصدقاء، والتقيت مع أحد الأشخاص من معارفه لمرة واحدة وكنت حديث التخرج، عندما تكلما أخبرني أنه هناك مسابقة للسلك الدبلوماسي معلن عنها بوزارة الخارجية واليوم التالي كنت في أحد المباني الحكومية القريبة من الوزارة فوجدت زحاماً فتذكرت موضوع المسابقة من المتقدمين لهذه المسابقة فقررت ان أتقدم وكنت من أوائل المتقدمين، أتذكر أنه تقدم حوالي 2000 متقدم نجح 23 وكنت في المركزالسادس، والثاني في التخرج من المعهد الدبلوماسي.
ومن هم السفراء المصريين او العرب من هم بذاكرتك؟
الكثيرون والكثيرون أخشى أن أنسى أحد لكنني أتذكر اساتذتي من السفراء المصريين العظام السفير/عادل الجزار في بريطانيا والسفير/محمود عوف والسفير/ محمد قاسم في السعودية والسيد السفير/ اسماعيل مخلوف مدير الادارة الآسيوية بوزارة الخارجية أما بالنسبة للسفراء العرب فأتذكر السيد السفير/ غازي القصيبي المفكر الكبير وكل السفراء السودانيين الذين عملت معهم من الخارجية السودانية الذين تعاونوا معي، وكذلك سفراء الدول العربية الشقيقة في الخرطوم.

من خلال عملك كسفير ما الذي استطعت ان تقدمه لشعبي وادي النيل؟
حاولت بقدر ما استطيع استغلال جزء ولو بسيط من الفرص الضخمة المتاحة بين الدولتين والمصالح المشتركة غير المستغلة خاصة في مجالات الربط الكهربائي والسكة الحديد والنقل النهري والتعليم العالي والصحة والزراعة وغيرها من المجالات التي يمكن أن تكون قاطرة لاقتصاد الدولتين إذا ما أحسن استغلالها وتوفرت الظروف والاستقرار السياسي المناسبين لتلك المشروعات الهامة.
ماهو حجم التبادل التجاري بين البلدين؟
حوالي مليار دولار موزعة بالتساوي بينهما.
كم حجم الاستثمارات المصرية وما هو نوعها؟
9 مليار دولار في مجالات عديدة أهمها الصناعة والزراعة والصحة.
قدمت مصر للسودان الكثير في مجال التعليم كم عدد المنح التي قدمتها الان للطلبة السودانيين؟ وهل مازال الباب مفتوحا لاستقبال مزيد من الطلبة السودانيين للالتحاق بالجامعات المصرية؟ وكيف يتم التعامل معهم؟
يوجد 270 منحة دراسية سنوياً في الجامعات المصرية وفي الأزهر الشريف في كافة المجالات الدراسية وتشمل درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراة وينتهي القبول كل عام لهذه المنح في 31 أغسطس ولكن من الاخبار الطيبة أيضاً أنه حتي بالنسبة للطلبة السودانيين الذين يلتحقون بالجامعات المصرية علي نفقتهم يتم اعفائهم من 90% من المصروفات أي أنهم يدرسون علي منح دراسية أخري تقريباً وهؤلاء أعدادهم بمئات الآلاف.

ماهو الدور الذي تلعبه مصر في استقرار السودان خاصة وان السودان بعد ثورة ديسمبر لم يشهد استقرارا؟
تسعى مصر لدعم السودان في هذه الفترة الدقيقة، بكل ما أوتيت من امكانيات، وبكل ما تملكه من طاقات، وفي كافة المجالات التي يطلبها السودان، خاصة المجالات التي توجد فيها تحديات واضحة كالكهرباء على سبيل المثال، حيث تبلغ قيمة الطاقة الكهربائية المصرية المصدرة للسودان حالياً 70 ميجاوات تعتمد عليها المنطقة الشمالية في السودان، وقد تم تسليم وزارة الطاقة السودانية منذ 4 أشهر أجهزة معوضات القدرة غير الفعالة statcom من أجل تركيبها علي الشبكة السودانية، وفور أن تنتهي وزارة الطاقة السودانية من هذه المهمة سيتم رفع حجم الطاقة المصرية المصدرة للسودان من 70 إلى 300 ثم 1000 ميجاوات.
كما دعمت مصر السودان في التعامل مع احدى التحديات الأخرى التي واجهته وهي أزمة الخبز حيث تم توريد وتركيب 10 أفران كهربائية في مجمع صناعي أنشأته مصر تبلغ طاقتها مليون ونصف مليون رغيف خبز يومياً.
كما يوجد تعاون كما ذكرت في مجالات التعليم وتدريب الكوادر السودانية في مختلف المجالات للتغلب على النقص الحالي في تلك الكوادر في بعض المؤسسات الحكومية نتيجة للتطورات في السودان، وتعد أولويات السودان بالنسبة لمصر بمقام احتياجات مصر تماماً بالنظر إلى العلاقات والتأثير الكبير لاستقرار وتنمية السودان على الأمن القومي المصري.
ومن الناحية السياسية فإن مصر قد وضعت عدة مبادئ لا تحيد عنها بالنسبة للتطورات في السودان تتشكل في:
أ‌. تشجيع التوافق بين السودانيين جميعاً باعتبارهم شركاء في الوطن وفي المصير الواحد وفي الأهداف والطموحات بالنسبة لمستقبل السودان الشقيق.
ب‌. عدم فرض أية صيغ للتسوية علي الأشقاء السودانيين لأن هذا حقهم ومستقبلهم.
ج‌. البقاء علي مسافة واحدة بين كافة التيارات الوطنية السودانية وكلهم أشقاء لنا وأبناء وطن عزيز علينا.
د. دعم السودان بكل ما أوتيت من طاقات للخروج من المرحلة الدقيقة الحالية.
هـ. القبول بأية صيغة يتفق عليها السودانيين لحكم وطنهم والتعامل مع أية شخصية يختاروها لقيادتهم.
و. السعي بالوصول بالعلاقات إلى مرحلة التكامل التام لما فيه من مصالح ضخمة لشعبي الدولتين.
ز. الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، باعتبار أن تلك المؤسسات هي العمود الفقري الذي يحافظ على بقاء أية دولة.
نلاحظ ان اعداد كبيرة من السودانيين بدأت شراء الشقق والاستقرار بمصر كيف يتم تعامل السودانيين في عملية التملك؟ واين وصلت الحريات الاربعة بين البلدين؟
انا اعترض فقط على كلمة بدأت في شراء الشقق، الأخوة السودانيون لهم مطلق الحرية في تملك العقارات والاستثمارات في مصر كأبناء الوطن بالضبط وبعد التطبيق الكامل لاتفاقية الحريات الاربعة، وصولاً الى مرحلة التكامل التام هو أحد أهداف السياسة المصرية، خاصة وأن كان هناك تجربة ناجحة للغاية لهذا التكامل في السبعينيات حيث كان لمواطني الدولتين الحرية المطلقة في الدخول والاقامة في الدولة الاخرى بدون جوازات سفر واستخدام بطاقة وادي النيل أي قبل تطبيق الاتحاد الأوروبي مثلاً لهذا النظام بين دوله عاماً وحتي الغى السودان اتفاقية التكامل عام 1987 وهو ما نسعى لاستعادته تعظيماً لمصالح البلدين الشقيقين

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى