أعمدة

لواء شرطة م عثمان صديق البدوي (قيد في الأحوال) .. سعادة البرهان تحسّس قلبك تجاه المواطن ، قبل أن تتحسّس مسدسك !!

لا يختلف إثنان في أنّ الفريق أول البرهان هو القائد العام للقوات المسلحة ، ورئيس السودان ، وكلما تتأزّم الأمور وتتعقّد في السودان يذهب لقاعدته العسكرية العريضة ، يخاطب عبرها الشعب السوداني بحديث لم يكن فيه يوماً قراراً حاسماً نافذا “يحِل العُقد” ، ويخاطب مؤسسته العسكرية ويطمئنها بضمان الحياة الكريمة لها. وفي آخر مخاطبته من المرخيات أمس ، ولن تكون الأخيرة ! ، شدّد السيد البرهان ، على أنه لن يسمح لأي جهة بتفكيك الجيش ، وقال : ( إنّ أي شخص يحاول التدخل في شؤون الجيش أو تحريض أفراده سنعتبره عدوا لنا) ، مكرراً تحذيره لنفس الجهات بالإبتعاد عن الجيش وعدم تحريض ضباطه)، وأضاف (إنّ الجيش يريد حكومة مدنية يحميها ويقف إلى جانبها).

سعادتك :
هل هناك تدخُّل أكثر من أن يدخل كل الإعلام المعسكر ؟! ، وينقل َوينشر تنوير قائد الجيش لمنسوبيه وعلى الهواء مباشرةً ولكل العالم ؟!.

سعادتك نسمع حديثك ، منذ أن توليت هذا المنصب الرفيع، نسمع قولك بأن الجيش يريد حكومة مدنية !.. وهل تأتي الحكومة المدنية بالتمني؟! أليس لأتيان الحكومة المدنية خطة واضحة ، وفترة إنتقالية محددة ؟! ، أم تريدونها مفتوحة ، بدون زمن ، بحجة أنّ “الملكية” لم يقعدوا ولم يتفقوا؟!… وماذا بعد؟؟ … لو لم يقعدوا ولم يتفقوا ؟!.

من حق قائد الجيش أن يطمئن قواته وينوِّر قواته.
لكنك سعادتك أردت أن تكون هذه اللقاءات والزيارات التفقدية هي منبر لخطابك العام لكل الأمة السودانية ، وعلى استمرار ! أنت تخاطب من مواقع عسكرية ، لتقصد مخاطبة الأمّة السودانية ، إذ يُفترض فصل الخطاب ، فعندما تريد سعادتك مخاطبة الجيش، فهذا تنوير داخلي يُفترض ألّا تصحبك أي آلة إعلامية ، سيّما أنّ اللافتات الداخلية ، في الممرات قد كتبتم عليها : (ما تسمعه هنا ، أتركه هنا) !، وبهذه الطريقة أنتم تقدّمون تحليلاً مجانياً للمخابرات الإقليمية والدولية لتكشفوا لهم ظهر أكبر مؤسسة عسكرية !، وبالتالي كشف ظهر السودان! !!.

وعندما تريد سعادتك مخاطبة الشعب، الذي أنت رئيس مجلس سيادته ، يجب أن تخاطبه من موقع عام من ساحة عامة ، وما أكثر ساحات وميادين الحرية، وإن كانت الظروف الأمنية لا تسمح بالمخاطبة في تلك الميادين على الهواء ، لا مانع أن تتم المخاطبة داخل قاعات مغلقة، أو من استوديوهات التلفزيون القومي ، ذلك ليكون الحديث مباشرة للشعب السوداني من القلب للقلب ، ويعيره المواطن اهتماماً ، لا عبر منصّة الجيش “الجافّة” ذات العسكرية “الناشفة” وما أحوج الشعب السوداني في هذه الأيام للوضوح والصراحة ، والتي أهمها :

() إلى متى يظل الشعب السوداني بدون تشكيل حكومة، وقد دخل الشتاء الثاني عليه، وهو مكشوف الظهر بدون “بطانية”، ويكابد الحصول على لقمة عيش عصيّة عصيّة تقيه البرد القارس ؟!

() إلى متى يظل الوطن بجيوش متعدِّدة ، واتفاق سلام جوبا لم يُنفّذ فيه بند الترتيبات الأمنية ، وقادة الحركات كلٌ محتفظ بجيشه ، لا أصبحوا سياسيين مدنيين ، ولا عسكريين !. الأمر الذي ولّد غبينة !، والغُبن يولد الغُبن ! وظهور حركة جديدة أمس ! ، والإحتكاك يولد الإحتكاك ، ويولد الدخان فالنار !!، ومن قلب الخرطوم ، لتعلنها أمس باسم كيان قوات الوطن ، وعلى الهواء (ومافيش حركة أحسن من حركة، على حد لغة خطابها الغريب الخطير )؟! ، في بلدٍ ثقافته في الموت :

يااخواني كان الحارّة جات
الكاتل جنب الكاتلو مات !!

وفي بلدٍ تحرض الأخت أخيها علي القتال حين تقول :

ما دايرا لك الميتة أُم رماداً شح
دايراك ياعلي بدماك تتوشّح !

() إلى متى يطل علينا السيد البرهان ، كل مرة من قاعدة عسكرية ويطمئن منسوبيه بالحياة الكريمة التي توفرها لهم المؤسسة الإقتصادية عبر جمعياتهم التعاونية ، من سكر وزيت ، وحتى توفير الغاز الذي نلهث وراءه ، و”يوم المُنا” ويوم السعد والفرح عندما نحصل على “أنبوبة مليئة”! ، ونضعها في “الضهرية” وكأننا تحصّلنا على خروف “الضحيّة”!.

() إلى متى يلتفت السيد البرهان للمواطن الغلبان الذي هدّه الفقر والمرض ، وهدّده السوق والغلاء، وهدّده حتى التعليم، عندما تكون رسوم التلميذ الواحد 250 ألف جنيه ، ويعجز الأب عن إلحاق الأبناء بتلك المدراس، بسبب الرسوم ، وقد مضي على فتح تلك المدارس قرابة الشهر ، وأعرف من حرمته الرسوم من الذهاب للمدرسة، وقاعد الآن بالمنزل ! ، وهو محروم مكلوم !! ووالده محتار وفي وجوم، ومهضوم !!… أقسم بالله هذا هو الحاصل ، عندما قابلت أحدهم وحدّثني بأسي بأنّه جمّد لإبنه في الصف الخامس هذا العام، لضيق الحاجة، ليوفِّر لأخيه الأكبر في الثانوي الرسوم ! ، أقسم بالله هذا يحدث وسط الأحياء العفيفة المتعففة سيدي البرهان… وإن حدثتك عن الذين يتناولون وجبة واحدة ومنذ سنين، لا أخالك تصدق !

سعادتك :
أنت ليس راعي الجيش فقط !… أنت رئيس مجلس السيادة ! السيادة التي من أوجب واجباتها ، إن عثرت بغلة أن تسوي لها الطريق !…. الشعب لا يريد ذلك ! لأن ذلك فعل سلف لن تصلون إليه مهما قلتم !.

الشعب سعادتك يريد معيشة بأسعار معقولة ومتوفرة ، ويريد خدمة تعليمية وصحية متوفرة ، ليس مجان بالطبع، لظروف البلد ! ، لكن برسوم معقولة ومقبولة، الشعب يريد فتح الجامعات التي بإغلاقها “راحت أعمار الشباب”وضاعت، وضاعوا، وأمسوا يهيمون في الطرقات، والعطالة والبطالة قد هدّت حيلهم وقواهم هي الأخرى !

آخر السطور :

سعادتك الحال مائل.. مائل… واللّهِ العظيم إنّ الله سائلك… و((وحدك)) …

ونخشي عليك من دعوة المظلوم ، ومن عذاب الدنيا قبل الآخرة.

ولا حول ولاقوة إلا بالله

لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
14نوفمبر 2022

إنضم الى مجموعتنا على الواتس آب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى